لاتروم هذه الزاوية المفتوحة على أيام رمضان النبش في الذكرى لمجرد الذكرى، مثلما لا تروم البحث عن أندر ما في هذه الذكرى لمجرد التفكيه أو التسلية، بقدر ما هي مفتوحة على قراءات ثانية مفتحصة لأحداث لطيفة عاشها مرشحون إبان الحملة الانتخابية أو بعدها، قبل أن تصبح في عداد الأرشيف المفيد حين صعد أصحابها لقائمة نواب الأمة.. نواب بضمير الغائب (1) "فردة الشربيل" التي أنجحت مرشحا أولى حلقات هذه الزاوية ستروي أحداثا ملتقطة وصورا عابرة عن حملات انتخابية سواء منها الأخيرة أو بعض من التي سبقتها في سنوات مضت، لذلك ستحكي بضمير الغائب عن نواب لا ينتمون بالضرورة لفريق العدالة والتنمية أو غيره، كما ليس مهما بيان أسماء بعض منهم ولا حتى نعوتهم. وبما أن الحملة الانتخابية وضعت أوزارها منذ أزيد من شهر.. فالمدة كانت كافية لكي يستلذ الفائزون بفوزهم ويبتلع الخائبون غصصهم على مهل بعد أن ظنوا في البرلمان دارا للبقاء، حتى إن أحدهم لم يبرح قسم الإنعاش إلا مؤخرا بعد أن أصيب بأزمة نفسية حادة حين تأكد من خبر اندحاره ساعة الإعلان عن النتائج. حقيقة هذا العام كان الله في عون بعض المرشحين من تأخر الإعلان عن النتائج، حتى أنهم فقدوا السيطرة على ذواتهم واشتعلوا نارا بعد أربع سنوات من الدفء تحت قبة البرلمان، دفع أحدهم إلى رفع تهديد الطلاق في وجه زوجته على مسمع من جيرانه وكاد أن يطلقها بالثلاث حين أصر البرلمان على تطليقه بالثلاث.. الواقع أن لهذه المؤسسة كثير مما لا يستهان على المرء نسيانه أو التخلي عنه في لحظة، أولاها أنها "بر للأمان" و"الحصن الحصين" الذي ما فتئ المسؤولون فيه يوفرون أحدث المكيفات وأريح الكنبات وأنعم الكراسي لضمان قيلولة هادئة لنائب مسؤول عن مصالحه أولا وبعدها هموم.. مصالحه ثانيا.. أحدهم من شغفه بمثل هذه القيلولة النادرة لم يتصور نفسه خارج القبة، من ثمة جمع في حملة سابقة ثلة من النساء "الحافيات" بجهلهن حتى أخمص قدميهن وزع على كل واحدة منهن "فردة شربيل" ثم أوصاهن إن منحوه أصواتهن أضاف إليهن الفردة الثانية.. وكان أتباع صاحبنا يفحصون الأوراق المتبقية في يد المنتخبة بعد خروجها من مكتب التصويت مباشرة، فإن وجدوا أنها صوتت لصالح صاحبهم منحوها فعلا الفردة الثانية من "الشربيل".وكان الفوز حليف هزا المرشح. بل هو نفسه إن لم تخب ذاكرة الراوي من تفنن في حيلة ثانية عند الانتخابات الأخيرة ناسبت أسلوب الاقتراع باللائحة عوض أسلوب الاقتراع الإسمي الأحادي الذي فاز فيه بفردة "الشربيل".. صاحبنا مرة أخرى علم أتباعه كيف يستغلون جهل بعض سكان البادية بكثير من المكر الذي لا يخلو من صواب.. فكانوا إن أرادوا حث سكان البادية على التصويت لصالح صاحبهم باختيار رمزه المعلوم وصفوا لهم صاحب هذا الرمز بأبشع الصفات وسردوا عليهم مجمل الوعود التي لم يحقق طوال ولايته المنتهية لذلك ما إن ينعزلوا ب"ضميرهم" داخل المعزل حتى يشطبوا على رمزه المعلوم أينما وجد.. ونجحت مرة ثانية حيلة المرشح فحصد أعلى نسبة من الأصوات في البادية نفسها، مادام الأمر لم يتطلب غير "التشطيب" على رمزه وإن كان لا بد من "التشطيب" على صاحب الرمز من قائمة نواب الأمة نهائيا.. يكتبها: يونس