الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    البطولة: "ريمونتادا" اتحاد تواركة أمام حسنية أكادير تقوده لتحقيق انتصاره السادس هذا الموسم    شرطي يضطر لاستخدام سلاحه الوظيفي لتوقيف ستيني ببن سليمان    تجار سوق بني مكادة يحتجون بعد حصر خسائرهم إثر الحريق الذي أتى على عشرات المحلات    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    انتخاب خالد الأجباري ضمن المكتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    عامل إقليم الدريوش ينزل للعالم القروي ويعطي انطلاقة مشاريع تنموية ورياضية ببودينار وأولاد امغار وبني مرغنين    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    إسبانيا.. تفكيك شبكة متخصصة في الاتجار بالبشر استغلت أزيد من ألف امرأة    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    بوتين يستخدم الدين لتبرير الحرب في أوكرانيا: مهمتنا الدفاع عن روسيا بأمر من الله    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    "غضب" نقابي بسبب "انفراد" رئيس جماعة الفقيه بن صالح بإجراء تنقيلات واسعة في صفوف الموظفين    رونالدو: تشرفت بلقاء محمد بن سلمان    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضة الأقصى في الشعر الأمازيغي
نشر في التجديد يوم 25 - 10 - 2002

تصوير للوحشية الصهيونية، ودعوة لإنقاذ مهد الديانات

من الخصائص التي تسم الشعر الأمازيغي، أنه شعر إسلامي بامتياز، ففيه تنعكس شخصية الإنسان الأمازيغي المتشبع بقيم المحجة البيضاء، وفيه تتلألأ صورة المؤمن الأمازيغي الذي يعلم أنه لن يحشر في زمرة المسلمين إلا إذا اهتم بشؤونهم وعانق قضاياهم، وفرح لأفراحهم وحزن لأحزانهم، وتقطع قلبه إذا ساءت أحوالهم وكثرت نكباتهم. والشعر الأمازيغي بهذا شعر القضايا الإسلامية بامتياز، فقد تناغمت ألحانه وأوزانه مع آلام الثكالى وعبرات الأيتام أيام إبادة الصرب المتوحشين لمسلمي البوسنة والهرسك، وصبت قصائده والآلات الموسيقية لمغنيه جام غضبها على العدوان الأمريكي ضد العراق في حرب الخليج الثانية، وبكت ورثت قوافيه ومقاطعه شهداء الانتفاضةالأولى منذ انطلاقتها في دجنبر سنة 1987، وذرفت أعين الشعراء الأمازيغ ومحبيهم وجمهورهم، وما تزال، دموع الحزن والكمد على مهزلة العجز العربي في صد العدوان الصهيوني. ونحن مازلنا نعيش أنسام الذكرى الثانية لانتفاضة الأقصى، أحببنا أن نقدم للقارئ الكريم قراءة في قصائد شعرية أمازيغية تناولت أحداث هذه الانتفاضة المباركة، وبكت شهداءها، وتألمت لآلام ثكالاها وأيتامها، ونعت النخوة والشجاعة العربية
والإسلامية. هذا مع العلم أن ترجمة معاني هذه القصائد لاشك ستضيع معها الكثير من معانيها ومؤثراتها، كما ضاع الكثير من هذه المعاني والمؤثرات مع طريقة أدائها وألحانها بعد إنزالها جافة على الأوراق.

وحشية الصهاينة على مرآة القصيدة الأمازيغية
برع الشعراء الأمازيغ في تصوير وحشية اليهود وحيوانيتهم، وأبان العديد منهم في قصائدهم عن متابعة دقيقة لتفاصيل القضية الفلسطينية ومستجداتها، وعن تجاوب كبير مع أحداثها ومجرياتها. فقد جاء في إحدى القصائد التي أبدعتها مجموعة "إنشادن" (الشيخ البوغلي ومجموعته)(الشيخ: كلمة أمازيغية تعني الشاعر المنشد)

تْنّا يْسَارْنْ كْ فَلسطين أّورْ داتٌّوداوا مْشْ أٌورْ إيعْفي رْبّي
وَامِيمْشْ إيتّْكََّا بٌويْسْلٍّيوْنْ إِلْعْدُو سْ سّْناحْ إِضْغاسْ الحال
إِسْ أُورْ تانِّيم أودايْنْ نْغانْ مِيدّْنْ داتانْخْ نْغانْ تِيوْتْمِينْ
وْنَّا يْمي حْرَّانْ إدْمارْنْ آدْغِيفْسْدْ آلي إمْتْمانْ سْ مْشْرْضولْ

ترجمة:
مصيبة فلسطين لا عزاء لها إلا بنصر من الله
كيف يواجه ذو الحجارة الأسلحة المتطورة
ألم تروا اليهود قتلوا الرجال وقتلوا النساء
من كان في صدره حرقة فلا شك أنه سيصاب بالاكتئاب

ونجد في مقطع آخر من نفس القصيدة تصويرا بليغا ومؤثرا لجرائم حفدة القردة والخنازير في حق الشعب الفلسطيني:

أنَّايْخْ كَْ التّْلْفَزَاتْ ماداسْنْ إتُّوكََانْ إيْفَلسْطييْن كولّْ
أَمُّوتْنْ إخاتارْنْسْ أيايْدْ الصّْبْيانْ إخْلا دَّانْ سْ إسْمْضالْ
وَايَايْدا يالاَّنْ كَْ توتْمينْ داتّْكَّا تاحْيوطّْ أورْتا تْسْخا
وَاخّا تْغُوسْ كَْ تاسانْسْ آها تْعايْدْ دِّيخْ آمْرْ تْسامْحْ إِمْمِّيسْ

ترجمة:
تابعنا على القنوات كلها المجازر في فلسطين
قتلوا الشيوخ وكم من الصبيان رحلوا إلى القبور
وكم من الثكالى جنن من شدة البكاء
رب أم مكلومة لم تلق ولو نظرة أخيرة على ابنها

وفي قصيدة أخرى لشاعر آخر، وهو "الشيخ الزهراوي"، جادت قريحته بنقل بارع لمشاهد الرعب والخوف في فلسطين، ممزوجة بحنق بالغ على المسلمين وموقفهم المتفرج:

أيِنْسْلْمْنْ داتّْصّْنْ وٌودايْنْ أفْلاَّنٌّونْ
شوفْ إلْغٌومّْت شوفْ إلْغْرٌوبِيتْ نايْتْ ماتونْ
أوِي كْْشْمْنْتْنِيدْ إنْخْماجْ آرْتْنْ سْمْغاوالْنْ
شَا يولِي ?ْ عاري يوفْسْ شا ?ْ إفرانْ قِّيمانْ
أشا سْغوسْنْتْ آمّاسْ نْتادّارْتْنْسْ سْ الْعافٍِيتْ
آشا مُّوتْنْ يُودْجادْ إكَُوجيلْنْ كولْ غْرْ آشالْ
واكانْ تِقْدِّيدينْ مْيودورْنْ كَْ الْكْساوي
ماني كَْ يادْ تَّانايْنْ بابانْسْنْ خْفْْ الْحياةْ
دا تّاوينْ تامْطّوتْ إوْرْكَازْ آدْجْنْ آسْ إشِيرّانْ
آيادْرْ إيخْفْ أوراسْ إسُّوكَِيرْ غاسْ آراعا
أيِنْسْلْمْنْ داتّْصّْنْ وُودايْنْ آفْلاَّنّونْ
وْنّا مِي وْرْ إحْرّي الدّمّنْسْ آدّاكْتْ إنْقّا شَا
إّقورْ وُولْنْسْ إكَا لْحْديدْ أورْ ديكْسْ تاسا

ترجمة:
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
انظروا إلى غمة ومحنة إخوانكم
غزاهم الأنذال وشردوهم
منهم من آوى إلى الجبال واختبأ في الكهوف
ومنهم من أحرقوا عليه منزله
ومنهم من مات وخلف الأيتام
صيروهم أشلاء ودفنوهم بملابسهم
لم يعد الأطفال يرون آباءهم على قيد الحياة
كم زوجة خطفوها تاركة أبناءها
وزوجها لا يملك إلا النظرات والحسرات
أيها المسلمون أصبحتم أضحوكة اليهود
من لا تهزه الغيرة عندما يقتل إخوانه
فذاك قلبه أصم من الحديد

ولأن المجال لا يتسع، فلن نستطيع استعراض مشاهد وصور أخرى لها دلالات عميقة ومؤثرة، وحسبنا من هذه الأمثلة أن الشاعر الأمازيغي برع في تصوير وحشية الصهاينة، ونقل مأساة إخوانه الفلسطينيين.

قتل جمال الذرة: من أبشع صور الوحشية
أجمع كل المتتبعين لجرائم الصهاينة في فلسطين أن منظر الطفل الشهيد محمد جمال الذرة وهو يستعطف الجنود الصهاينة الذين اخترقت رصاصاتهم جسده البريء، هو من أبشع ما وصم تاريخ الصهيونية، وكما تناقلت وسائل الإعلام الدولية صور هذه الجريمة، تناقلتها ألسن الشعراء الأمازيغ. ولنتأمل الأبيات التالية "للشيخ البوغلي" ومجموعة، وهي تستعيد شريط الجريمة البشعة:

أداسْ عاقّْلْخْ إتينْ جمالْ مٌحْمْدْ أونَّاتّْ يانّايْنْ إضْنَّا
أوي الْمٌوتْنْسْ أري تْ?َا آشْعالْ ?ّ وولِينْوْ نَّا وْرْ إخْسِّيْن
واتيقّْتّْ نْ لّْغْروبيتْنْسْ أرْ?ازْ إ?انْ أنْسْلْمْ أورتْ إتّْتٌّو
أداسْ عاقّْلْخْ إتينْ جمالْ مٌحْمْدْ أونَّاتّْ يانّايْنْ إضْنَّا
واتينْسْ آدْ سِّيلْنْتْ عاري وْروأُزْ?ُّونْ إيْمْطّاوْنْ آلّْ فْسينْ
وَلاَّ يْمُونْ دْ بابانْسْ إِ?ابْلْ إتْسْ?ا غورْسْ إلاَّ وْرْ إعْوِّيلْ
َولاَّنْ مونْنْدْ آلِّي?ْ تْنْ تُومْزْ لْقُّدْرَة سْ الرّْصاصْ آرْ تّْمْسْنْتالْنْ
والّي?ْ غيفْسْنْ شاطَّانْ مْسْكينْ دايْبْدو إيْمْطَّاوْن ْإحْرَّانْ
وامْغارْ دا يْسْغويّو خْفْ بَّانْسْ إعْبْرْ إتُّوتّْيْ إتّْشاتْنْ أوتْنْسي
أوي بْضانْتْ دْ تَّاسانْسْ نْغانْتْ إغْدَّارْنْ أورْتْلِّي الْمَحْنّة
آتا وّرامْنّْ إعايْدْ سْعاوْنْ إالصّْبْرْ أمَّانْسْ إدّا غْرْ إسْمْضالْ

ترجمة:
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
أقسم إن موته أشعل في قلبي نارا لن تخمد أبدا
وحرقة، مصيبته لن ينساها من كان مسلما حقا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
هذه الجريمة تبكي حتى الجبال لتذوب دموعا
لن أنسى منظر قتل محمد جمال الذرة تلك الليلة
كان يسير إلى جنب أبيه ولم يتوقع شيئا
كانا يسيران معا، فإذا بالرصاص ينهمر عليهما
ولما هاجمهما اليهود صار يصرخ ويبكي
لم ينفع المسكين احتماؤه بأبيه ونال منه الرصاص
اغتصبوا منه فلذة كبده بلا رحمة ولا شفقة
صبرا أم جمال فقد غادر نحو القبور

ولاحظ أيها القارئ الكريم أن تكرار المشهد ووصفه الدقيق ينم عن صدق في التعبيروتأثر حقيقي غير مصطنع ولا مزيف، وإنما هو ترجمة لحزن شديد وتفاعل إلى حد التماهي، تفاعل وتعاطف يصوره مقطع من قصيدة أخرى لنفس المجموعة، بعبارات لا تقل شاعرية وبراعة في التجسيد:

مَاخْ إنْغانْ ألّي?ْ أرالّْخْ الْمْرْتا
إوا الْعيلْ نَّادْ إدّانْ حاضّْرْناسْ
إلاَّ يْمونْ دْبابانْسْ أَرْتْنْ إِتّْفُّورُ
إِنّاسْ فُوكّي آبّا وِ وْراخْ قِّيلْنْ
أَراسْنْ إِضّْرّا?ْ نْغانْتْ أورْ كُّولْنْ
هاتينْ الْعيلْ نّا دايي يِْسْغُوسْ غْرْ أولْ
أولِينْد ْ إوْبْريدْ لاَّ وْرْ إِعْوِّيلْ
أدَّانْدْ إِضْمعْ أديروحْ سْ أيْتْ ماسْ
أوريدْمِي إدّْ آديدُّو غْرْ إسْمضالْ

ترجمة:
فما بي اليوم إذ أبكي
طفل جاء في الطريق فاعترضوه
كان يمشي مع أبيه جنبا إلى جنب
فصاح أنقذني يا أبي هؤلاء لن يتركوني
واحتمى به لكنهم قتلوه غير مكترثين
هذا الطفل أحرق قلبي
كان مارا في الطريق لا يدري شيئا
عائدا إلى بيته كي يعانق إخوانه
ولم يكن يتوقع أن يعانق القبور

أحفاد القردة: من الذلة إلى الاستئساد
بنو إسرائيل قوم خبثاء وجبناء، ملعونون، وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، هكذا وصفهم القرآن، وعلى هذا المنوال سار الشعراء الأمازيغ، فاليهودي في الثقافة الأمازيغية التي تمتح من الإسلام، يتصف بالمكر والخداع والجبن والضعف والذلة والصغار. غير أن يهود عصرنا استأسدوا واستولوا على مقدسات الأمة الإسلامية وقتلوا أبناء المسلمين وسبوا نساءهم واغتصبوا أراضيهم، وها هو الشاعر "الزهراوي" يترجم هذه المعاني في أبيات بديعة حزينة:

ألُوقْتا أوفْلا تْسالْدْ دِّي?ي وْري تْعْني شا
أوي يْعْمّْرْ وولينو شي?انْ لاوْقَّتا
أوري يْمارْغْ ووتّْشي وْرْيادي تْمارْغ تاطْصا
أدّاشْمع نْسْكْسيوْ أالتّْلْفزة تْسْموغِّتي يُولْ
أَنَّايْخْ أودايْ إلاَّ سوفودْ إسْغا الطّْيارات
غْلينْ تيميزارْ نْ لْعارابْ أرْتْنْتْ تَّاوينْ
شوفْ إيْضانْ لِّيغْ إنْخْماجْ إتّامْزْنْ إيمورّْ
?ينْ إخْرَّازْنْ ?ينْ إِحدَّادْنْ ?ْتاسّْلُْومينْ
أغولْنْ دايْكَّاتْ سْ الدّْبّابات يامّْرْ وافا

ترجمة:
أرجوكم لا تسألوا عن حالي فلست على ما يرام
قلبي يكاد ينفجر من الهم والغم
لم يعد يحلو لي أكل ولا لهو ولا ضحك
عندما أشاهد التلفاز أموت من الكمد
أأصبح لليهود شأن وأصبحت لهم طائرات؟
ها هم غزوا أرض العرب واغتصبوها!!!
أنظر إلى أولئك الكلاب الأنذال الذين عاشوا على الفتات
أنظر إلى أولئك الذين كانوا مجرد إسكافيين
كيف أصبحت لهم دبابات تطلق النيران؟

وفي مقابل هذا "العلو" الصهيوني اليهودي، يبسط "الشيخ الزهراوي" مذلة العرب والمسلمين وهوانهم وخورهم، ويستغرب كيف انقلبت الآية واختلطت الأوراق وظهرت المفارقة:

شوفْ أسْتْنْضْرتْ أالدّونىتْ أبْرّْمْ نْتْنْباضينْ
ياغولْ موشّْ إ?اتْ أوغْرْدا ?ُوتْمارْ أخاتارْ
ياغولْ الْبازْ لاَّتْ إسْرْ?ي?ي الْخوفْ أوفولّوسْ
إدّايِيزْمْ إوْحْلْ إسَّافْغْتيدْ أوغْيولْ ?ْ عاري
وْنَّا يْخْمّْمْنْ أدِيحقَّا ?ْ إتّْسْنْتْ تْنْلاضينْ
مْشْ ديكْسْ أولْ قَّا ديهْبْلْ أديكَّاتْ الْغاشي

ترجمة:
سبحان الله كيف انقلبت الموازين؟!!
أصبح الفأر مستأسدا على القط!!
وأصبح النسر يرتعد خوفا من الديك!!
والأسد طرده الحمار من غابته ومملكته!!
من يتأمل هذا الوضع المريب
فلا شك سينتهي به الأمر إلى الحمق

أما "الشيخ البوغلي" ومجموعته، فقد ارتأى في إحدى قصائده حول نفس الموضوع أن يترك جانبا لغة الإيحاء والتشبيه، ليهاجم العرب والمسلمين، ويغضب من ضعفهم وسكوتهم بأسلوب مباشر وصريح:

واريخْ كولْ لْعارابْ وينَّاسْ نْمزْدايْ آتّْ لامَّاخْ يونْ سيونْ
إدّيسْ تودْرمْ إالدّْصارْتْ إساوْنْ إعْجْبْ أويا تْفْستامْ كولّْنّونْ
والِّي?ْ تّْ?ّْنْ وُودايْنْ الظُّلْمْ أوْدْيونْ أونْسْلْمْ أورْتْ إغْييرْ
أوتاتْ سوشْطّابْ أشعالادْ ماحْدّْ أورْ إينضيوْ آلّْ شايْضْنينْ

ترجمة:
أود أن ألوم كل العرب واحدا وحدا
ما هذا السكوت؟ هل أقبرتم شجاعتكم وجرأتكم؟
من منكم يغير منكر اليهود يا مسلمين!
ألا أطفئوا هذا اللهيب قبل أن ينتقل إليكم

وفي موضع آخر من نفس القصيدة نجد الشاعر يدعو العرب والمسلمين إلى الوحدة والتكتل من أجل مواجهة العدو:

أمورْ دات?ّام ألْعارابْ يونْ دّيما وْساراخْ ياغْ الْعار
أمورْ داتّْمْتافاقْمْ أليسلامْ ت?امْ إيمنْعالْ تاعْقّيدْتْ
أمورْ داتّْمْعاوانْمْ أدالينْتْ تْنْباضينْ تاليمْ سافْلاَّ
والّي?ْ داتّْمْراعامْ هانْ إعْداوْنْ داتاوْنْ أوفانْ مايْكّانْ

ترجمة:
لو توحدتم أيها العرب لمحونا عنا هذا العار
ولو اتفقتم أيها المسلمون لانتهى أمر الملاعين
لو تعاونتم لكنتم أنتم الأعلون
أما وأنتم تتفرجون فها هم الأعداء يرتعون

واإسلاماه..!! واعلياه!!

وبقدر ما وعى الشاعر الأمازيغي خطورة الوضع في فلسطين، وبقدر ما وعى وحشية الصهاينة واستئسادهم واستعلاءهم، وبقدر ما وعى خور المسلمين وجبنهم، بقدر ما وعى أيضا أن هذا الجبن والضعف مرده إلى البعد عن دين الإسلام والتفريط في جنب الله، والتفريط أيضا في إرث الأجداد والصحابة وجيل الجهاد. يقول "الشيخ الزهراوي":

دْغي ?ْ إضْعْفْ ليمانْ نْ لعارابْ آمْ تينْ أوموضينْ
ياشْ إسْمارْ لقّورانْ إدّا الدّين ياغْنّْ آشالْ
نْ?ْ إنْسْلْمْنْ سيماونْ جاجْ إيفّغاغت ليمانْ
أوابْنوتْ لْحوجّات أيودايْ مَايْدْ تُوفِيدْ
أوافْرو لْحْسيفاتْ ?ّْويدّاكن إينْ إوالانْ
لامايْدْنْ إدّان آشْ إضاضّا وْلا يْناغيكّْ
أواسمارنْ إرْ?ْزْنْ نْ الجهادْ لاوْقّاتا
ويلّي كن إ?بّونْ سْلْحْديدْ إتّْشاتْنْ واشالْ

ترجمة:
أما وقد ضعف إيمان العرب مثل المريض
أما وقد أقصي القرآن وأسقط الدين
حتى أصبح إسلامنا قشورا جوفاء
فاستأسد أيها اليهودي علينا
وانتقم ممن هم بجوارك
ولا تخف، فليس هناك من يستطيع أن يواجهك أو يقاتلك
فقد انقرض رجال الجهاد في هذا الزمان
أما أولئك الذين كانوا يقطعونكم أشلاءا فقد واراهم التراب

ولا يملك "الزهراوي" في خضم هذا الجبن والهوان والوهن إلا أن يستنجد بأمجاد الإسلام، ويذكر اليهود بمعارك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:

ما شا تْعاقّْلْمْ أيينْخْماجْ إيلْحْرّْ نْ عَلي
وْنّاكْنْ إوْتْنْ ألّي?ْ كْنْ إ?ا دْتيشْرْعومينْ
لّي?ْ إبّْيْ أسْكْلونّون زْ?ّْ وابوضْ ياغْنّْ آشالْ
آسيدْنا عَلي آمر شيدع إحْيي مولانا
أوايْشيدْ إرورانْ كْتودْرْتع ييتْسْنْ ووسّانْ
آياتّْكّْسْدْ أبو وْحدادي الْغُمّة غيفي

ترجمة:
لا شك أنكم تذكرون عليا أيها الأنذال
ذلك الذي جاهد فيكم وكسر شوكتكم
ذلك الذي اجتث شجرتكم
يا ليت الله أحياك يا سيدي علي
يا ليتك تعود إلى الحياة ولو لأيام
أريد أن تزيل عني هذه الغمة يا فارس الأدهم

وبدورها تذكر "مجموعة إنشادن" (الشيخ البوغلي ومجموعته)، بني قينقاع بجهاد علي وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وتتحسر على الأيام التي دانت فيها رقاب اليهود للمسلمين:


وآسيدْنا عَلي إيسْتْ إسّيشْلْ اللّْحْدْ أمورْ تْكّيرتْ آتّنْزومْ
إساوْنْ أودْرْنْ آبْْلْخْطّابْ ?ْ اللّْحْدْ أمورْ تكّيرْتْ آتّنْزومْ
وْنّاخْفْ آرْ تْسُوروتْمْ إعايْدْ إهْزّا يِيخْفْ غْرْ إيفْسانْنّونْ
وآنّاتْ?امْ ?ّودايْنْ لاّنْخْ إتّو?ْ آسْيْ الظلم آربي

ترجمة:
يا سيدي عليا لو تركت لحدك كي ترى
يا ابن الخطاب اخرج من قبرك كي ترى
أهل الذمة أصبحوا أسيادا على ذريتكم
إنقلبت الآي ونسأل الله أن يرفع عنا هذا الظلم

ونختم للقارئ الكريم هذه الوقفات الشعرية الأمازيغية بنداء يوجهه "الشيخ الزهراوي" على لسان فلسطين إلى كل من له غيرة على الإسلام ومقدسات المسلمين، من أجل مساندة شعب مسلم يشرد ويباد، ومن أجل إنقاذ مقدسات إسلامية تدنس، إن كان في العرب والمسلمين بقية نخوة وعز:

فلسطين لاّ تالاّ إدامّنْ آرْتّيني
مانيكْنْ آلدّول نْ لعارابْ إيسْكْنْ تْرّا تا
ماخْ آتّادْرْمْ إوالّْنْ دي?ي تْرولْمع غيفي
إساوْنْ إعْجْبْ أدي?ْنْ وودايْنْ آيْنّا رانْ
دايْكّاتْ سلْقْرْطاسْ آسيغْ آدوتغْ نكّ سْواشال
أوي تْدومْ الموتى ?ْتْمازيرْتينو كوياسّْ
آوي حْضيخْ خْسْ إدير دْتْغوزي وري تْعْني شا
أورْ ليخْ السّْناحْ أولا ليخْ آفودينْو آنْمْساسا
?يخْ آمّْ أوسْكْلو دّاخْ نْتازارْتْ إوضخْ آشالْ
نسالْوْ إوْزرورْ آفْنْ وودايْنْ آينّا رانْ
رْبّي وْراشْ خْفيخْ خْسْ الْعيبْ إسْ غوري تانّيتْ
إليسْلامْ غْريخاوْنْ سْ إيدامّْنْ لْحْرمانّونْ
هاتينْ يونْ إشّاراخْ النّبي شّارنْ إيزورانْ
آدّاوْراخْ تفوكّام كْتاد أورْغورونْ آمورْْ


ترجمة:
فلسطين تبكي وتناديكم بالدماء
أينكم أيها العرب، أم قد غلبتم؟!!
لماذا انفضضتم عني وتركتموني؟
أيروقكم أن يعيث اليهود فسادا على أرضي؟
يضربون بالرصاص وأضرب أنا بالتراب
أنى للجحارة أن تواجه الطائرات
الموتى على أرضي كل يوم
وشغلي الشاغل دفن الموتى وحفر القبور
لا سلاح ولاقوة أجاهد بها العدو
كأني شجرة تين وارفة مثمرة
واليهود يقطفون ثماري بسهولة
إلاهي أنت أعلم بحالي!!
أيها المسلمون إني ألوذ بحماكم!!
أليس نبينا واحدا وأعراقنا واحدة ؟
من لم ينجدني في هذه المصيبة فليس من الإسلام في شيء.

محمد أعماري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.