خبراء وقضاة يعددون هفوات مشروع المسطرة الجنائية في ندوة علمية    تحيين جديد يخفض أسعار الغازوال ب 12 سنتيما .. والبنزين في استقرار    سلا تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    الاتحاد الإفريقي.. المغرب يدعز للالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول    العصبة تستعد لتوحيد موعد مباريات البطولة في آخر الجولات    توشيح عبد اللطيف حموشي بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى    إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة بعد موافقة ترامب    المغرب أفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2025    لطيفة العرفاوي تغني لتونس    رابطة جبال الريف تطالب بتفعيل البث الإذاعي والتلفزيوني بإقليم الحسيمة    العرائش تتألق في البطولة الوطنية المدرسية لكرة السلة بزاكورة وتتوج بلقبين    تقرير: المغرب يحصل على تصنيف أحمر في مؤشر إنتاج الحبوب    توقيف شخصين بتهمة اختطاف واحتجاز سيدة في سيدي بنور    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حريق يلتهم 400 محل تجاري بسيدي يوسف بن علي مراكش    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يبرم اتفاقا بشأن الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة الغاز "الوحدة"    رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية تزور العيون والداخلة والرباط    ميارة: قانون الإضراب يساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص الشغل وفق تعاقد اجتماعي واضح    مسؤولون وخبراء يجمعون على أن المغرب يسير في اتجاه عصرنة وسائل النقل المستدام    كان الشباب 2025: القرعة تضع المغرب في مجموعة الموت    "المغرب يطلق منصة رقمية "Yalla" لتسهيل تجربة المشجعين في كأس أمم أفريقيا"    أكادير.. افتتاح الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    بين الاحتفال بشعيرة الأضحية وإلغائها بسبب الجفاف.. "برلمان.كوم" يرصد آراء مواطنين مغاربة (فيديو)    المؤامرات الجزائرية ضد المغرب.. محاولات فاشلة لن تنال من حب الشعب لملكه    تناقضات النظام الجزائري.. بين الدفاع الصوري عن فلسطين والتجارة مع إسرائيل    مراكش.. انتحار مواطنة أجنبية من جنسية بلجيكية بطريق أوريكة    إسبانيا: لن نسمح بتنفيذ مقترح ترامب لتهجير الفلسطينيين    التصويت في الاتحاد الإفريقي.. من كان مع المغرب ومن وقف ضده: مواقف متوقعة وأخرى شكلت مفاجأة في مسار التنافس    افتتاح الخزانة السينمائية المغربية في الرباط: خطوة هامة نحو حفظ التراث السينمائي الوطني    مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    ابن كيران: تعرضت "لتابياعت" من وزير لايفقه شيئا في السياسة حاول تحريض النيابة العامة علي    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    حقي بالقانون.. كيفاش تصرف في حالة طلب منك المكتري تعويض باش تخرج (فيديو)    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    ندوة بمراكش تناقش مدونة الأسرة    شعبانة الكبيرة/ الإدريسية الصغيرة/ الزميتة وفن العيش المغربي (فيديو)    مسرح محمد الخامس يقدم مكانش على البال لعشاق ابي الفنون    "أسبوع ارتفاع" ببورصة البيضاء    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    "ليلة شعبانة" تمتع جمهور طنجة    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات المغربية الإسبانية تدخل في دوامة جديدة بسبب السمك ..اللوبي الإسباني يضغط لمواصلة استنزاف خيرات شواطئنا
نشر في التجديد يوم 17 - 10 - 2002

عند تحليل انعكاسات ملف الصيد البحري على العلاقات المغربية الإسبانية منذ منع البواخر التابعة للاتحاد الأوروبي من الصيد في المياه المغربية في متم نونبر من سنة 19991، تبدو واضحة بجلاء أطماع الإسبانيين، الذين لم يأخذوا في أي وقت من الأوقات مصالح المغرب بعين الاعتبار في سياق منطق العلاقات الدولية، ولم يتفهموا رغبة المغرب في إعادة هيكلة وتطوير قطاعه البحري والحفاظ على ثرواته السمكية.
لذلك، فإننا نعتقد أن إلقاء نظرة تاريخية على ملف الصيد البحري في العلاقات المغربية الإسبانية يبين إلى أي مدى ارتبط هذا الملف بالجانب السياسي المتجانس مع الجانب الاقتصادي والبيئي اللذان هما وجه لعملة واحدة.
نظرة تاريخية
فإسبانيا كانت باستمرار تعتبر أن لها الحق التاريخي في تواجد أساطيلها بالمياه الوطنية المغربية، معتمدة في ذلك على معاهدات أبرمت مع البرتغال آنذك من بينها معاهدة الكوباتا سنة 1480 التي تم من خلالها تقسيم المغرب، حيث بسطت البرتغال نفوذها على مملكة فاس تاركة جزر الخالدات لإسبانيا التي لم تكتف بذلك، بل عززت موقعها باحتلال تارودانت وماسة ودرعة وواد نون، الشيء الذي عجل بإبرام معاهدة طورد سياس ما بين الطرفين الإسباني والبرتغالي سنة 1949، غير أن إسبانيا وكعادتها لم تحترم أيضا هذه المعاهدة، محتلة بذلك سبتة ومليلية، مما دفع بالجانب البرتغالي إلى احتلال الصويرة سنة 1506، وآسفي سنة 1508، ثم الجديدة أو ما كان يطلق عليه "مازاكان البريجة" سنة 1509، لينتهي هذا الصراع بإبرام معاهدة ثالثة سميت بمعاهدة سينتر، التي قسمت المغرب إلى محميات صغيرة.
وسواء في جل المعاهدات المبرمة أيضا مع الجانب المغربي سنة 1767 و17991، فإن ملف الصيد البحري كان دائما حاضرا بقوة، ويتأكد ذلك جليا في المطالب التي لاحقت بها إسبانيا المغرب بعد نهاية حرب تطوان سنة 1860، والتي تتلخص بحكم موازين القوى المختلة لصالح الإسبانيين في تكريس احتلال سبتة ومليلية، وتسليم مركز الصيد في الموقع الذي كانت تسميه آنذاك إسبانيا "سان كروت د مار بيكينيا" أي الصليب المقدس للبحر الصغير (طرفاية).
ومباشرة بعد استقلال المغرب، حينما صدر سنة 1962 ظهير شريف يقضي بعد سيادته على مياهه الإقليمية من 6 إلى 12 ميلا، احتج الطرف الإسباني، وحصلت إذ ذاك أحداث بحرية بين الجانبين لم تهدأ عاصفتها إلا بعد توقيع اتفاقية 1969 التي استعمل من خلالها الإسبان استرجاع منطقة سيدي إيفني من طرف المغرب كورقة ضغط، ثم ما لبث الأمر أن استفحل سنة 1973، بعد إحداث المغرب لمنطقة من 70 ميلا خالصة للصيد، لينتهي مرة أخرى الصراع بصلح تم توقيعه سنة 1975 حينما قرر المغرب استرجاع مناطقه الجنوبية مقابل تواجد حوالي 1600 مركب صيد إسباني بالمياه المغربية في إطار اتفاقية ثنائية أبرمت بين الطرفين، تم توقيف العمل بها مباشرة بعد دخول كل من إسبانيا والبرتغال إلى حظيرة الاتحاد الأوروبي، الذي عمل كل ما في وسعه على تجديد الاتفاقية سنة 1992، يسمح بموجبها للإسبانيين بالصيد بمياهنا الوطنية، والتي عرضت باتفاقية أخرى، والأخيرة من نوعها سنة 1995 دامت إلى غاية متمم سنة 1999، وبعد ذلك رفض المغرب تجديد الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، نظرا للاستنزاف الممارس من طرف البحارة الإسبانيين على ثرواته بشتى وسائل الدمار الممنوعة دوليا، كالشباك
السرطانية والمفرقعات والأضواء الكاشفة والخراطيم البحرية.
وبجردنا لهذه المعطيات، يتأكد لنا أن خلفيات العدوان الإسباني على جزيرة "تورة" وأسر ستة من أفراد الدرك الملكي كانوا في مهام مدنية، بالإضافة إلى منع الصيادين المغاربة من مزاولة نشاطهم اليومي بالقرب من الجزيرة التي تتواجد بمياهها الساحلية ثروة جد هامة من القشريات وبراغيث البحر والحيتان، هو مجرد تطور حاصل في السياسة الإسبانية التي ترفض أن يغيب عن أسواقها الداخلية السمك المغربي، ثم إن احتلال جزيرة ليلى وما تبعه من استعراض للقوة العسكرية الإسبانية بحرية وجوية، إنما يؤكد ذلك الحقد الدفين لدى الإسبانيين منذ خروج العرب من الأندلس سنة 1520.
حان الوقت للمراجعة
ومن خلال مفهوم تطور العلاقات الدولية وكل الروابط التاريخية التي تجمع بين إسبانيا والمغرب، نرى أن الوقت قد حان لإعادة النظر في وسائل تطوير تلك العلاقات في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتخليصها من جميع عوامل الضعف والإعاقة والارتقاء بها إلى المستوى المطلوب، ذلك أن المغرب الذي يعتز بالروابط التاريخية العريقة التي تجسدها الآثار الإسلامية المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد الإسبانية، يتطلع من خلال هذه الدعوة الصادقة إلى توثيق أواصر الصداقة، ومن ضمنها احتلال سبتة ومليلية وباقي الثغور المغربية التين نتطلع إلى تحريرها وضمها إلى الوطن الأم.
المطلوب إذن هو حد أدنى من التنسيق بين الطرفين المغربي والإسباني للوصول عبر الحوار الجاد والهادف إلى تحرير المدينتين السليبتين سبتة ومليلية. وقد بدا ذلك جليا من خلال المحادثات التي سبق أن أجراها الوزير الأول السابق عبد اللطيف الفيلالي سنة 1987 على هامش زيارة وزير الخارجية الإسباني آنذاك السيد فرانسيسكو فيرنانديز للمغرب، حينما صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن العلاقات المغربية الإسبانية تعرف أحيانا صعوبات، غير أنها مبنية على روابط متينة وممتازة تستمد جذورها من حسن الجوار، والتاريخ المشترك بين البلدين، مضيفا أن المغرب وإسبانيا محكوم عليهما بمد جسور الحوار باستمرار وعلى مختلف المستويات من أجل خلق ظروف ملائمة لتحقيق نمو منسجم وتناسق لعلاقاتهما.
خصوصا وأن الظرفية الحالية تدفعنا إلى التعامل مع الجانب الإسباني بصفة خاصة والجانب الأوروبي بصفة عامة!.
صحيح أن المغرب مضطر إلى دفع ثمن مرتفع لتلقي النقل المعرفي والتكنولوجي من دول الاتحاد الأوروبي، وصحيح أن العلاقات الثنائية التاريخية وحسن الجوار يفرضان على الجانبين المغربي والإسباني التفكير في إيجاد حلول ناجعة للعديد من الملفات العالقة.
وصحيح أيضا أن هناك العديد من الأصوات التي تنادي من داخل إسبانيا نفسها إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة الاستعمارية لحزب اليمين الذي يمثله ماريا خوسي أثنار، والتريث في تطبيقها، خصوصا بعد أن أثار استطلاع الرأي العام الإسباني الذي أنجزه معهد الدراسات السوسيولوجية (سيفمادوس) ونشرته صحيفة (دياريو سور) المحلية بتاريخ 9 ماي 1999، جدلا واسعا في وسائل الإعلام الإسبانية، وقلقا كبيرا لدى قيادات الأحزاب السياسية التي تتوفر على تمثيلية في المدينتين المغربيتين المحتلتين، إثر النتائج الحسنة التي حصلت عليها المجموعة المستقلة لليبرالية والحزب السياسي الذي أسسه خيسوس خيل، أي جيل رئيس نادي "أتليتيكو دي مدريد" لكرة القدم وعمدة لماربيا (جنوب شرق إسبانيا) في الانتخابات المحلية التي نظمت بسبتة ومليلية المحتلتين والجزيرة الخضراء بتاريخ 13 يونيو 1999 والذي سبق له أن طرح في معرض استراتيجية حزبية بأنه سيحل مشكل جبل طارق، وملف سبتة ومليلية في غضون ثلاثة أشهر بفضل الذكاء والإرادة!. ومن جهتها أكدت في نفس السياق تريبو نادي أكتياليداد أن الاستراتيجية التي اعتمدها خيل أي خيل، هي التي أوصلته إلى رئاسة المجلس البلدي
لماربيا، خاصة بعد أن أكد الاستطلاع أن بإمكان حزب خيل أي خيل، الفوز بتسعة إلى عشرة مقاعد بمدينة مليلية أي 34.5 بالمائة من أصوات الناخبين مقابل 6 مقاعد للحزب الشعبي (22.5 بالمائة)، وكان بإمكانه أيضا الفوز في انتخابات 1999 بأحد عشر إلى اثني عشر مقعدا بسبتة، أي ما يمثل 38.5 بالمائة من أصوات الناخبين مقابل 9 مقاعد للحزب الشعبي أي 9،82 بالمائة، وهو الشيء الذي لم يتحقق.
البحث عن مخرج
إننا نعلم أن إسبانيا ترفض أن يغيب عن أسواقها المحلية السمك المغربي، وترفض أيضا فكرة مغادرة الأسطول الأندلسي للمياه المغربية، كما يعلم الإسبان بأن المغرب دولة مستقلة ذات سيادة، وأن سيادته مبسوطة برا وبحرا وجوا، ومن هنا نعتقد أن سياسة حسن الجوار وتمتين العلاقات الثنائية التي تجمع بين المغرب وإسبانيا، تلزم الجميع إلى ضرورة البحث عن مخرج لكل القضايا العالقة بما فيها تحرير باقي الثغور المغربية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وإيجاد حل ناجع لاستغلال الثروة السمكية المتواجدة عبر الشريط البحري الممتدة ما بين جزيرة تورة وسبتة ومضيق جبل طارق وذلك عن طريق تصنيع هذه الثروة، وعن طريق إحداث منجزات اقتصادية ومعامل تحويلية تمكن الجميع من الاكتفاء الغذائي، خصوصا وأن البلدين يعتبران قنطرة تربط إفريقيا بأوروبا.
عبد الرحيم لعبيدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.