انتقل إلى عفو الله، يوم الجمعة الماضية، الشيخ الدكتور عبد السلام الهراس، أحد رجالات الدعوة والوعظ والإرشاد بالمغرب، وعضو مؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي توفي عن سن يناهز 85 سنة، مخلفا وراءه إرثا فكريا وعلميا ودعويا مُهما. ووري الفقيد الثرى،يوم السبت 21 فبراير 2015، بحضور جمع غفير من محبيه، يتقدمهم العلماء ورموز الحركة الإسلامية بالمغرب، وبحضور أعضاء المكتب التنفيدي لحركة التوحيد والاصلاح بقيادة رئيسها عبد الرحيم الشيخي وقيادة و أعضاء الحركة بفاس. كما حضر مراسيم الجنازة عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنبية وشخصيات أخرى من الحزب. والفقيد، من مواليد مدينة شفشاون سنة 1930م، نشأ وترعرع بها، وشاهد ملاحم الجهاد ضد المستعمر الإسباني والفرنسي، ودون الراحل شهاداته حول هذه الحقبة التاريخية بجريدة «التجديد» ما بين سنتي 2003 و2004. وعاصر الفقيد كبار المفكرين والأدباء والدعاة والمصلحين في العالم العربي والإسلامي، أبرزهم المفكر الجزائري مالك بن نبي، حيث عاش معه في القاهرة وبيروت ودمشق. وساهم الهراس في طبع ونشر بعض كتب مالك ابن نبي، التي لاقت قبولا واسعا في العالم الاسلامي، ويحكي الراحل الدكتور عبد الصبور شاهين، الذي ترجم أعمال مالك بن نبي من الفرنسية الى العربية، أن الراحل عبد السلام الهراس كان هو من دله على مالك بن نبي الذي يكن يعرفه قبل ذلك، واقترح عليه ترجمة كتبه، وكان ذلك اللقاء بعد خروج شاهين من السجن واشتداد الخناق عليه من طرف أجهزة عبد الناصر، الذي وصل درجة حرمانه من ولوج أي عمل، فامتدت العلاقة التي انتجت نقل تراث ابن نبي الى العربية وفتح مدرسة جديدة في الفكر الاسلامي. ونعى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وفاة الهراس ببيان قال فيه إن «الهراس كان مدرسة ربت أجيالا وأجيالا من رجالات الدعوة والفكر الإسلامي»، مشيرا إلى أن «الأمّة الإسلامية فقدت واحدًا من علمائها الربانيين المربين، نرجو من الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه»، وقال الاتحاد، إن «لأمّة الإسلامية فقدت، واحدًا من علمائها الربانيين المربين». واشتغل الراحل أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس منذ سنوات الستينات، والتحق باتحاد كتاب المغرب سنة 1968، ونُشر كتاباته بعدة منابر، منها «المناهل»، و»دعوة الحق»، و»البحث العلمي». كما ساهم في تحقيق «درر الشمط في السبط»، للمؤلف ابن الأبار البيشي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، وكذا كتاب «أزهار الرياض في أخبار عياض»، للمؤلف شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني. وأيضا كتاب «العيون البكر»، لبيكير غوستان ادولن.