إن الإقدام على إصدار العدد الثاني من سلسلة المنتدى الفكري يعد بمثابة وفاء لفكر المرحوم عبد الوهاب المسيري، الذي أفنى زهرة حياته في البحث العلمي الجاد وبناء الوعي العربي، وقد كان هَمُّ المسيري الأَسَاسي هو التأسيس لرؤية معرفية ووعي عربي بأهم قضية تَقُضُّ مضجع العرب وهي الحركة الصهيونية، من خلال إبداع منهج تفسيري عميق ينفذ إلى عمق الظاهرة الصهيونية ومن ثم إلى الفكر الغربي عموما، ولم يستسلم إلى التفسيرات التبسيطية التي تربط مثل هذه الظواهر المركبة ببعد واحد بسيط. ويحاول الكتاب الذي تقدمه منظمة التجديد الطلابي للقارئ أن يلامس بعض الإشكالات التي طرحها المسيري في مسيرته الفكرية المعطاءة، وأن يسلط الضوء على بعض إبداعاته الفكرية والمنهجية. والكتاب من الحجم المتوسط يحتوي على 275 صفحة، -مطبعة طوب بريس بالرباط-، موزع على ثلاثة؛ فصول الأول يحمل عنوان قضايا الإبداع والتجديد الفكري في فكر المسيري، يضم بحث للدكتور إبراهيم رضا في موضوع التفكير الإبداعي لدى الدكتور عبد الوهاب المسيري، وورقة للدكتور سعيد شبار حول اسهامات الدكتور المسيري في قضايا التجديد والاجتهاد في الفكر العربي والإسلامي المعاصر، ودراسة للباحث محمد مصباح في موضوع العلمانية عند عبد الوهاب المسيري، والفصل الثاني تحث عنوان: "النماذج المعرفية عند الدكتور عبد الوهاب المسيري" يبتدأ بدراسة للأستاذ الباحث سمير بودينار جاءت تحث عنوان "لئلا يأكلك الذئب المعلوماتي"، ودراسة في موضوع "الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان: نقد النموذج المعرفي المادي عند المسيري" للباحث سلمان بونعمان، في حين كان الفصل الثالث من الكتاب فرصة لمعالجة بعض القضايا المعاصرة المرتبطة بالخطاب الإسلامي المعاصر، من خلال دراسة للمفكر الإسلامي ذ. المقرئ أبو زيد الإدريسي حول المنهج حوار في القرآن الكريم، ودراسة للدكتور ابرهمي محمد حول الدرس المقاصدي وأثره في تسديد الخطاب الدعوي، ودراسة أخرى للدكتور الحسين المصباحي، الذي توقف عند تحولات المعرفة الدينية في الإسلام المعاصر، وفي الشق السياسي تعزز الكتاب بدراسة للباحث خالد الرحموني الذي تناول أولويات الإصلاح السياسي وراهنية معركة دمقرطة الدولة والمجتمع، ليختم هذا الفصل بدراسة للباحث عدنان في موضوع: "المدارس التاريخية وإشكالية التحيزات المعرفية: الاتجاهين الكليُومِتري وأسْلمة المَعرفة أنموذجاً"، واختتم الكتاب بسرد السيرة العلمية والذاتية للراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري يرحمه الله.