يعتبر ملف التشغيل من الملفات التي لم تقدم فيها حكومة التناوب أي جديد، رفعت في بداية توليها شعارات توخت من خلالها تحقيق آمال آلاف من الشباب، بيد أنها عرفت انتكاسة في هذا الملف الحساس، ففي عهدها كثرت الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات عن الطعام. وعود باءت بالفشل عبر عبد الرحمن اليوسفي عن عزمه على محاربة ظاهرة البطالة في تصريحه الحكومي الأول في سنة 1998، واعتبر أن التشغيل هو الهاجس الأول للحكومة عبر تشجيع المقاولات ومعالجة المشاكل البنيوية للشغل بالقطاع الخاص والقطاع الجمعوي وغيرها من الآليات التي حددت في المخطط الخماسي، وفي تصريح للحبيب المالكي في بداية حكومة التناوب وعد بتشغيل 180 ألف عاطل كل سنة أي تشغيل 900 ألف عاطل خلال خمس سنوات غير أن الواقع أثبت حقيقة الوعود المقدمة، لأن الحكومة لم تفلح في حل معضلة البطالة التي ارتفعت من 16% إلى 22%، ورافق هذا الارتفاع في النسبة تصاعد احتجاجات المعطلين، ومنهم المجموعة الوطنية للمعطلين المكفوفين، الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، المجموعة الوطنية لحاملي دبلومات السلك الثالث، مجموعة الأمل للدكاترة المعطلين، مجموعة الكرامة لحاملي الشهادات العليا، مجموعة المهندسين الزراعيين المعطلين فوج 2001 وغيرها، كل هؤلاء اختاروا أشكالا متعددة من الاحتجاج، فتارة يضربون عن الطعام ومرة يعتصمون أمام مقر وزارة التشغيل، أما الساحة المواجهة لقبة البرلمان فشهدت وقفات متعددة وعديدة، وآخر مستجد في هذا الباب قرار مجموعة من المعطلين حاملي الإجازة خريجي التكوين التأهيلي بإحراق ذواتهم والقيام بانتحار جماعي، يوم 25 شتنبر هؤلاء اعتصموا لمدة سنة وأربعة أشهر بالرباط ولم يسفر احتجاجهم على أية نتيجة، هذا الواقع واجهته الحكومة بالتجاهل وانهالت على المعطلين بالعصا التي كانت دائما الجواب المنتظر، ودعت الفئة التي تعتزم الانتحار الوزير الأول لأن يتحمل مسؤوليته التاريخية. دعوة للاعتراف بالعجز الحكومي في ملف البطالة إن الأوضاع المزرية التي أصبحت تطال ملف التشغيل، يؤكد على الانتكاسة الواضحة لبرنامج حكومة اليوسفي التي لقبها البعض بحكومة الاحتجاجات والإضرابات، وهذا ما عبرت عنه عدة فرق برلمانية أثناء مناقشة التصريح الوزاري الأخير ب 05 غشت 2002، حيث بينت أنه لا جديد في ملف التشغيل فدعا السيد عبد الرزاق أفيلال رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية الحكومة للاعتراف بالتقصير في إعطاء البعد الاجتماعي مدلوله الحقيقي في مجموعة من القضايا ومنها حل أزمة البطالة، وفي نفس السياق تطرق فريق التجديد والتقدم إلى أن البطالة لا زالت في مستويات لا تطاق وتنخر جسم مجتمعاتنا خاصة في الوسط الشباب حامي الشهادات الجامعية. وأضاف فريق الأصالة المغربية والعدالة الاجتماعية أنه لم نلاحظ أي جديد في ميدان التشغيل وخلق فرص العمل. هذه ردود بينت أداء الحكومة فقد أكد الكاتب العام للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب عندما اعتبر بأن حل برنامج التشغيل الذاتي الذي التزمت به الحكومة كان في الحقيقة الأمر إمكانية استفاد منها أثناء المحظوظين عبر التلاعبات البنكية وعبر التعقيدات القانونية دون حلول. كل هذه الموشرات تبين أن حكومة التناوب لم تضف أي جديد في ملف التشغيل رغم أن الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي في تصريح 1 غشت 2002 وضح أن معدل البطالة في انخفاض واستدل بأرقام اعتبرت مجانبة للحقيقة لأن الواقع يعكس غير ذلك. خديجة عليموسى