نزاهة استحقاقات 27 شتنبر ليست مسؤولية السلطة (الإدارة) وحدها وإن كانت تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية إفساد العمليات الانتخابية السابقة ولكنها مسؤولية جميع الأطراف المعنية بها. أ مسؤولية الأحزاب السياسية لأن الأحزاب مطالبة بإعمال الديمقراطية والنزاهة في هياكلها واختيار قيادتها ومسؤوليها ومرشحيها وخاصة وكلاء لوائحها الانتخابية في جو تطبعه الاستقامة وتغيب عنه الاعتبارات المادية والقبلية، ولا تعمد إلى بيع رؤوس اللوائح بحجة ضعف مالية الحزب ضدا على رغبة القواعد والخط النضالي والسياسي. وهو ما حصل للأسف في كثير من الأحزاب. جزء منها محسوب على اليسار وآخر على الحركة الوطنية، الأمر الذي دفع مناضليها الغاضبين إلى رد فعل معاكس تمثل في التعبئة لصالح أحزاب كانت إلى البارحة تعتبر خصما ومفسدا، وحينها "تضحك" عليها الإدارة لأنها تعلم أنها أحزاب تطالب بما لا تطبق وتقول ما لا تعمل ويصدق عليها ما جاء في الأثر (كما تكونوا يولى عليكم). ب: مسؤولية المواطن والمواطنة إن تحلي المواطن المغربي (الناخب والناخبة) بالاستقامة والكرامة تعامله مع عملية التصويت على أنها أكبر من وضع علامة لصالح هذا الحزب أو ذاك ولكنها شهادة إما بالحق والأمانة وإما شهادة بالزور والباطل يحاسب عليها في الدنيا (بإهمال المصوت لصالحه باطلا لكل وعودة له و..) وفي الآخرة كذلك، تعامل يجعله يشعر أثناء التصويت وكأنه يقوم بعبادة يبغي بها وجه الله فتصغر في عينه جميع العروض والوعود وتكبر في عينه الأخلاق والمصداقية والأمانة والتضحية في سبيل مصلحة الوطن، فيدلي بصوته لصالح من تتوفر فيه، فضلا عن واقعية البرنامج وملامسته لحاجيات المغاربة الروحية والمادية. مسؤولية المواطن الذي أهملت جل الأحزاب تأطيره سياسيا وفكريا وأخلاقيا، وراحت تخاطب فيه نقط الضعف في كل حملة انتخابية فزكت بذلك أخلاقا ذميمة من قبيل المحسوبية والوصولية، بحيث كان كل همها من المواطن أن تركب عليه لتحصل على المقاعد، فيما يضل العنكبوت سيد أغلب المقرات الحزبية بين استحقاقات وأخرى. ج مسؤولية السلطة (الإدارة) ألفت الإدارة في كل الاستحقاقات السابقة التحكم في نتائج العملية الانتخابية وخياطة الخريطة السياسية على المقاس المطلوب. الأمر الذي جعل الأزمة تتفاقم في البلاد يوما عن يوم حتى وصلت لحال كانت فيه أقرب إلى السكتة القلبية كما قال بذلك الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله فضلا عن إساءة ذلك إلى صورة المغرب داخليا وخارجيا، لكن يبدو أن الإدارة عازمة هذه المرة على الحياد الإيجابي وتطبيق القانون أو قد لاحت بوادر إيجابية في هذا الاتجاه من خلال عدة توقيفات شملت موظفي الجهاز الإداري (عامل، قائد شيخ مقدم) في عدد من المدن والقرى. مؤكدا أنها لن تتدخل لصالح أي طرف في أفق مؤسسة تشريعية قوية لها مصداقية شعبية وبالتالي صورة حسنة للمغرب في الخارج. وكان وزير الداخلية السيد إدريس جطو قد صرح في إحدى الندوات الصحفية قائلا: >لن يكون هناك تزوير مبرمج وراءه وزارة الداخلية<. فهل ستستمر الإدارة الوصية على الشأن الانتخابي في الحياد الإيجابي إلى نهاية المسلسل؟ وهل الأحزاب على تأديب مرشحيها غير المنضبطين للتنافس الحضاري والديمقراطي أم أن الطبع غالب على التطبع؟ محمد عيادي