بعد ما راج من قول بوجود خروقات في الحملة الانتخابية خصوصا من طرف السلطة، وبعد قرصنة بعض الهيئات السياسية إسم وشعار حزب العدالة والتنمية، اتصلت التجديد بالأستاذ جامع المعتصم، المدير المركزي للحملة الانتخابية للحزب، وسألته عن سير هذه الحملة وعن تعامل حزبه مع الخروقات المذكورة وفي مايلي نص الحوار الذي أجريناه معه: كيف تسير الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية بعد أيام من انطلاقها؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحملة الانتخابية التي يديرها حزب العدالة والتنمية تسير وفق التوجهات العامة التي تم تسطيرها من طرف الأمانة العامة للحزب، من خلال اللقاءات التشاورية التي تمت مع المرشحين خاصة وكلاء اللوائح. وأهم ما تركز عليه هذه التوجهات هي الالتزام بالمقتضيات القانونية المنظمة للحملة الانتخابية، وفي نفس الوقت الالتزام بنظافة الانتخابات، وهذه من إحدى المميزات الرئيسية لحزب العدالة والتنمية، حيث تميزنا سواء في الحملة الانتخابية لاقتراع 14 نونبر 1997، أو حملة تجديد ثلث مجلس المستشارين سنة 2000، واليوم أيضا سنبقى إن شاء الله نموذجا للحزب الذي يمارس حملته الانتخابية في إطار من النزاهة والنظافة والحرص على التواصل المباشر مع المواطنين، وفتح حوار معهم من أجل إقناعهم ببرامجنا وتصوراتنا. كيف هو سير الحملة من الناحية الإجرائية؟ اتخذنا التدابير اللازمة لتنطلق الحملة في أحسن الظروف على الرغم من الصعوبات التي تعترض السير الطبيعي، وخصوصا غياب الإمكانات المادية وشساعة الدوائر، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك محاولات جادة من مناضلي الحزب ليتجاوزوا هذه العوائق. فأغلب الدوائر عملت على توفير لوازم الحملة، ونحن أيضا على المستوى المركزي حرصنا على أن نوفر من الوسائل الضرورية ما له صبغة مركزية. بعد اقتراع 14نونبر 1997، قلتم في حزب العدالة والتنمية إنكم لم تتوصلوا من الدولة إلا بدعم هزيل، كما سجل خلال الاستعداد للانتخابات الحالية أن بعض الأحزاب لجأت إلى الاستدانة من الأبناك لتمويل حملاتها الانتخابية. بالنسبة لكم، هل توصلتم بالدعم المادي الكافي من الدولة برسم انتخابات 2002؟ لاشك أن الدولة هذه المرة قد خصصت غلافا ماليا هاما لدعم الأحزاب خلال هذه الانتخابات، وقد انتقل هذا الدعم من 120 مليون درهم سنة 1997 إلى حوالي 200 مليون درهم سنة 2002. وقد حددت معايير لهذا الدعم، ولا يمكن تطبيقها إلا بعد إعلان النتائج، لأن هناك معياران هما معيار عدد الأصوات وكذا معيار المقاعد المحصل عليها. ولكن مع ذلك لجأت الدولة إلى تقديم تسبيقات لعدد من الأحزاب، ونحن أيضا تلقينا تسبيقا، ولكنه تسبيق محدود جدا في حدود مليوني درهم (200مليون سنتيم)، وهذا رقم ضعيف مقارنة مع أحزاب أخرى سمعنا أنها أخذت أرقاما مهمة جدا، وأكبر من هذا الرقم بكثير. وطبعا مادمنا ملتزمين مع مرشحينا محليا، فإن هذا التسبيق قمنا بتقديمه لهم، مع الاحتفاظ ببعض التكاليف المركزية كمصاريف الطبع وإعداد ما ينبغي إعداده للمرشحين. ورد في العدد 463 من "التجديد" أن السلطات المحلية في تطوان وسلا تضايق حزب والعدالة والتنمية، هل هذه حالات معزولة أم أنها ظاهرة عامة في كل الدوائر الانتخابية؟ إلى اليوم، نعتبر على العموم أن هناك ارتياحا للخطاب الرسمي الذي يعدنا بنزاهة الانتخابات، ولكن مع هذا الارتياح نسجل وجود تجاوزات وخروقات في مجموعة من الأقاليم، حيث أن مجموعة من مسؤولي السلطة تجاوزوا حدود التأكيد على المقتضيات القانونية إلى اتخاذ إجرآءات وتدابير، نرى أنها جاءت للتضييق على حركة الأحزاب، خاصة تلك التي تعتمد التواصل المباشر مع المواطنين، وتعتمد أسلوب الإقناع بالأفكار والبرامج، وبالمقابل تغض هذه السلطات الطرف عن الذين يقومون باستمالة المواطنين عن طريق الأموال وإقامة الولائم وغيرها. ورغم ذلك فنحن مازلنا نعتبر أن هذه الحالات معزولة (حالة تطوان، وسلا المدينة وبعض الدوائر في الدارالبيضاء). لذلك نطالب المسؤولين بتحمل كامل مسؤوليتهم وتوفير الشروط اللازمة لنزاهة هذه الانتخابات، ومنها التأكيد على الالتزام بالمقتضيات القانونية وتجاوز حالات التضييق على الأحزاب في الحملة الانتخابية. لوحظ أن بعض الأحزاب، إما أنها اشتقت اسمها من اسم العدالة والتنمية أو التوحيد والإصلاح، أو أنها تسرق شعار حزبكم (أصالة، عدالة، تنمية)، ما هو في نظركم تأثير مثل هذه الأعمال على سير الحملة الانتخابية؟ وكيف ستتعاملون مع هذه الخروقات؟ أحب أولا أن أؤكد أننا من منطلق الوضوح مع المواطن، وتجاوزا لكل حالات التشويش أو الالتباس التي يمكن أن يقع فيها، نظمنا سنة 1998مجلسا وطنيا لنغير اسم الحزب من "الحركة الشعبية الدستورية الديموقراطية" نظرا لتعدد أسماء "الحركات"، ودرءا لأي تشويش يمكن أن يقع للمواطن. فغيرنا اسم الحزب إلى "العدالة والتنمية". ومع كامل الأسف، جاءت مجموعة من الأحزاب واشتقت أسماءها من هذا الإسم بشكل أو بآخر، وبالطبع كنا نتمنى أن تتحمل هذه الأحزاب مسؤوليتها بأن تختار من الأسماء ما يمكن أن يرفع أي لبس أو غموض أو التباس بالنسبة للمواطنين، لكن الأقبح من هذا، هو لجوء حزب سياسي إلى تبني نفس الشعار الذي يتبناه حزب العدالة والتنمية وعرف به (أصالة عدالة تنمية) ونحن نستنكر هذا الأسلوب الذي تلجأ إليه بعض الأحزاب، وفي نفس الوقت نؤكد أن أسلوب القرصنة هذا، ينبئ عن فقر في الأفكار، وغياب حس الإبداع لدى هذه الأحزاب، وإلا فكان من الأولى أن تختار من الشعارات ما ينسجم مع توجهاتها، وفي نفس الوقت، أن تحترم الملكية الفكرية لحزب العدالة والتنمية. وقد حاولنا الاتصال بالهيأة السياسية المعنية، وفي نفس الوقت، حملنا المسؤولين في وزارة الداخلية مسؤوليتهم في اتخاذ التدابير اللازمة لرفع هذا الالتباس. ويمكن أن يصل بنا الأمر إلى أن نرفع شكاية في الموضوع لدى القضاء. نحن نتمنى أن يكون هناك تراجع عن هذه القرصنة وأن يتم إصلاح الأمر بالطرق الأخلاقية والأدبية المرجوة، ولكن مع ذلك نحتفظ بحقنا في أن نضمن حق ملكيتنا لاسمنا وشعارنا. اعتبرتم أن الخروقات الانتخابية سواء ،من طرف السلطة أو من طرف بعض الهيئات السياسية مازالت معزولة. في حالة تناميها، كيف ستتعاملون مع هذا الوضع؟ في هذه الحالات بالضبط، نثير انتباه وزارة الداخلية بالخصوص، باعتبارها المكلفة بهذا الملف، إلى ضرورة معالجة هذه الحالات المتفرقة حتى لا تصاب أول انتخابات في العهد الجديد بما يمكن أن يطعن في نزاهتها وشفافيتها، لأن التحدي الحقيقي للانتخابات الحالية هو في حجم مشاركة المواطنين، وهذا رهين بثقتهم فيها، فإذا لم تقم الإدارة بدورها في ضمان الالتزام بالمقتضيات القانونية، وإذا لم تضمن للأحزاب حق القيام بحملة حقيقية، فيوشك هذا الأمر أن يؤدي إلى فقدان هذه الثقة، وبالتالي إلى فشل هذه الاستحقاقات، وهذا ما لا نريده لبلدنا، سواء فيما يخص سمعته على المستوى الدولي، ونحن لا نريد بعد صرف أكثر من مليار درهم على الانتخابات أن نصل في النهاية إلى مؤسسة تشريعية مطعون فيها منذ البداية، وبالتالي نتمنى أن تتحمل الإدارة مسؤوليتها في أن تضمن للمواطنين حق التصويت بشكل حر، وبالتالي أن تضمن للأحزاب القيام بحملة انتخابية حرة. هل كان توزيع حصص الحملة في وسائل الإعلام العمومية بالنسبة إليكم عادلا؟ على كل حال، دافعنا داخل اللجنة المكلفة بتوزيع هذه الحصص على مبدأ المساواة وتوحيد الحصص بين كافة الأحزاب المشاركة، لكن مع كامل الأسف، الأحزاب، خصوصا تلك التي تعتبر نفسها "كبيرة" غير متفقة معنا حول هذا الموضوع، لأننا نعتقد أن وسائل الإعلام عمومية، ويحق لكل حزب أن يستعملها ويأخذ فيها وقته الكافي لعرض برامجه وتصوراته وأفكاره، ولا يمكن الحجر على أي حزب سياسي على مستوى الوقت، لهذا دافعنا عن مبدأ تكافؤ الفرص في عرض البرامج والتصورات. مع ذلك أقول أنه وقع شيء من التقدم في هذا، وحزبنا أخذ حظا من هذه الحصص سنعمل على استثماره على أحسن وجه يمكننا من تبليغ صوتنا وأفكارنا. كلمة أخيرة كلمتي الأخيرة لا يمكن إلا أتمنى فيها وأرجو أن تجتاز بلادنا هذه المرحلة وهذه الاستحقاقات بنجاح، لأن في نجاحها نجاح لشعبنا وتقوية لمؤسساتنا التي تشكو باستمرار من ضعفها. فهذه هي المناسبة، وأتمنى أن يتحمل الكل مسؤوليته إدارة وأحزابا ومواطنين أيضا. والله نسأل أن يوفق كل من يريد الصلاح لهذا البلد. حاوره: محمد أعماري