تميزت انتخابات 2002 بالمغرب بحدث تخصيص ثلاثين مقعدا للنساء بالبرلمان. وأثار هذا الحدث عدة نقاشات وردود أفعال من قبل المهتمين والمحللين السياسيين، حدث لا زالت بعض النساءالمغربيات يجهلنه. لمعرفة نظرة المرأة لأختها المرأة، ومدى ثقتها في كفاءتها ومؤهلاتها، استطلعت "التجديد" آراء بعض النساء من مختلف الشرائح الاجتماعية، فكان غياب استيعاب تطورات المشاركة السياسية للمرأة هي السمة الغالبة لدى النساء . لا يعول على نساء لم يأتين عن طريق الديمقراطية لبنى سيدة أعمال تبلغ من العمر 35 سنة، تتحدث عن النساء وكأنها ليست امرأة،لا تؤمن بقدرة المرأة على المشاركة السياسية، توجه النقد اللاذع لكل امرأة تبحث على مقعد بالبرلمان، «على المرأة أن تنكمش في دارها. لم يفلح حتى أصحاب الشوارب». بهذه العبارة القاسية أجابت لبنى، وهي ساخطة على المطالبين بحرية المرأة، وتنزل اللعنات على من سعى لإخراجها أول مرة من بيتها.لبنى ليست محجبة ولا منقبة أو «أصولية». تضيف لبني: «مع الأسف الشديد ستمنح للمرأة مقاعد مجانية، ولا أمل في نساء لم يأتين بطريقة ديمقراطية، ولو كانت المرأة تريد المساواة، كما تدعي لانخرطت في الأحزاب ورشحت بطريقة ديموقراطية إلى جانب الرجل». وفي نفس السياق تذهب السيدة فاطمة إلى أن المرأة خلقت لتحضن أسرتها وتسعد زوجها، وأن المرأة في العصر الحالي حسب تصورها، وهي امرأة أمية، تريد أن تحلق بجناحين، ولم يعد يلازمها الحياء وأنها انجرفت وراء الغرب، تقول فاطمة: «امرأة اليوم تبعت النصرانيات» إشارة إلى تقليد المرأة المغربية للمرأة الأوروبية، وتضيف قائلة: «المرأة عزها في بيتها ورعاية زوجها وتربية أبنائها، وأما أن تخالط الرجال فشتان بينها وبينهم». لم أكن أنتظر أن المرأة المغربية بهذا المستوى "عبد ربه" إحدى الأمريكيات التي أتت في إطار عمل بالمغرب وهي فتاة مسلمة لم تكن تنتظر أنها ستجد المرأة المغربية تلبس لباسا متبرجا، ولم يخطر ببالها أن المسلمة غير محجبة، وأن المرأة التي تعدها بعض الأحزاب السياسية للدخول إلى قبة البرلمان ستكون من المدخنات وباللباس العاري، تقول هذه الأمريكية وعلامات الاستغراب تبدو على وجهها وهي تريني بعض صور نساء بعض الأحزاب في إحدى الدورات التكوينية بالدار البيضاء «هل هذه هي المرأة التي ستخدم المجتمع، إنها تلبس لباسا مخلا بالحياء كما أنها تدخن وربما تشرب الخمر، كما أن بعض المسيحين معي أصابتهم الدهشة لما رأوا النساء بالمغرب يلبسن لباسا فاضحا، رغم أن بعض الصديقات شجعننا على المجيء إلى المغرب للعمل وما حفزنا أكثر عندما قالوا إن المغرب بلد مسلم»، هذا والفتاة الأمريكية زارت المغرب لأول مرة ولم يرضيها واقع المرأة المغربية، وتأسفت أكثر لما التقت ببعض من يأمل أن يكن نائبات برلمانيات. سأكتفي بالتصويت على الرجال صادفنا في هذا الاستطلاع عينة من النساء لا يردن التصويت على اللائحة الوطنية للمرأة، غير أن هناك من لم تفهم ولم يكن بعلمها التطورات الطارئة على الانتخابات بخصوص مشاركة المرأة، وأن ضعف اهتمامهن نابع من النفور الذي تعرفه أغلب النساء من النشاط السياسي، ولذلك فهؤلاء لن يصوتن على المرأة المغربية مهما كان مستواها الثقافي وكيفما كان تكوينها العلمي والشواهد المحصل عليها. هند فتاة تبلغ 24 سنة ترتدي ثيابا "عارية"، أوقفتها رفقة زميلة لها، تتحدث بثقة عالية، تدرك أن المرأة في المجتمع لا زالت لم ترق إلى مستوى المسؤولية، تصرح قائلة "المرأة ينبغي أن تبقى امرأة والرجل رجلا، أنا لا أحبذ أن تتقلد المرأة المسؤولية في البرلمان لأن لها انشغالات في البيت والأبناء، والذي ينبغي أن يشرع ويخطط للمجتمع المغربي ويدافع عن المواطنين بجدية لابد أن يكون متفرغا، و لن أصوت على امرأة وسأكتفي بالتصويت على الرجال»، هكذا تتحدث هند، ولا تشاطرها في الرأي صديقتها التي تبلغ من العمر 16 سنة التي ترى أن المرأة ينبغي أن تعطى لها الفرصة لإبراز مؤهلاتها، وأن تعمل كافة جهدها للمساهمة في تطور المرأة المغربية التي لا زالت ترزح تحت الظلم والعنف المسلط عليها من كل ناحية. من يجري لاهثا وراء المسؤولية لا يرجى منه الخير اندهشت فدوى 26 سنة من السؤال عن المرأة، فهي قررت مقاطعة الانتخابات، تقول وهي محبطة «لن أصوت على أي كان سواء امرأة أو رجلا، لأنه لا أمان في السياسيين»، موقف فدوى لم يكن نابعا من فراغ فهي تعمل تاجرة، فأخذت تستهزئ من السياسة والسياسيين وتلوم النواب البرلمانيين الذين قدموا وعودا كثيرة ولم يستطيعوا الوفاء بها، وترى أن كل واحد يسعى لتحقيق مصالحه الذاتية ويبني المستقبل لأبنائه، فيوفر لهم أحسن الوظائف، ويبقى الضحية هو المواطن الذي ينجح النواب باقتراعه، فدوى تؤمن بالمثل القائل: «ما حك جلدك مثل ظفرك، فصعوبة العيش علمتها أن لا تثق في نواب يحتاجون أيام الحملة للمرأة لتقوم بتعبئة واسعة في صفوف النساء والرجال، وبعدما يحقق المرشح مبتغاه لا يتذكر أحدا. بوشرى وهي طبيبة 40 سنة، سألتها عن نظرتها للمشاركة السياسية للمرأة، وهل هي مرتاحة لحظ النساء من البرلمان، فكان جوابها «أنا لا أرى شيئا من كل هذا» كان جوابا يحمل معان متعددة، سرعتها جعلتني أحاول أن أفهم قصدها من هذا الكلام، فكانت الخلاصة أنها لم تفهم السؤال، انشغالاتها المتعددة حجبت عنها أحداث الساحة، ولما استوعبت ما يجري أضافت: «لن أصوت على أحد لأن من يجري لاهثا نحو المسؤولية لا يرجى منه الخير». "التناوب" حطم الآمال أول كلام تقوله سعاد الطالبة، مشيرةإلى أن كل المرشحين يصبحوا كحمام السلام أثناء الانتخابات، و في قمةالوداعة واللطافة، غير أنه بعد نجاحهم يكشروا مرشحونا عن أنيابهم، وتضيف سعاد، «لا أمان في أي مرشح سواء امرأة أو رجل فلا فرق بينهما. وذلك راجع لانعدام الالتزام بالوعود التي توزع مجانا أثناء الحملة الانتخابية، وأظن أن تجربة حكومة التناوب حطمت آمال الشعب، ولذلك فلن أصوت على أحد». هي الأمل بالنسبة لنا بعض النساء يشعرن بأنهن انتصرن، ووجدن أخيرا من سيلتفت لحالهن، ويدافع عنهن أمام الرجال، فضيلة تجلس رفقة عائشة بجانب الرصيف، قسمات وجه عائشة توحي لك بأنها عانت في حياتها، فهي تعتبر مشاركة المرأة في المجال السياسي انتصارا لها ولقضيتها، وترى أن المرأة أحسن من الرجل في كل الميادين، ما دامت تعمل داخل وخارج البيت. تقول عائشة رزقي وهي ربة بيت تبلغ من العمر 48 سنة مستواها الدراسي لا يتعدى الابتدائي "المرأة لها حق في المشاركة السياسية، هي الأمل بالنسبة لنا، على الأقل أن تدافع على حقوق المرأة التي تعاني الظلم والحيف»، حديث عائشة بحرقة عن أوضاع المرأة يستشف منه المستمع أنها تعاني مشاكل اجتماعية، فهي لا تثق في الرجل، وتصفه بصاحب المصلحة ولا يهمه إلا نفسه، تقول عائشة «يأتي المرشح بأساليب عديدة، ويقدم عهودا، وفي الأخير لا يراه سكان دائرته إلا في البرلمان أو في موسم الانتخابات المقبلة». وفضيلة تشاطر عائشة رأيها، وتعتبر أن تمثيلية المرأة حماية لها من الرجل، فالمرأة التي تقود الطائرة بالرجال، تستطيع أن تقود المجتمع نحو الأمام وتساهم في تطوره، تقول فضيلة "المرأة ينبغي أن تقدم نموذجا داخل البرلمان، وترفع التحدي أمام الرجل، وأعتقد أن المرأة ينبغي أن تكون مثقفة وواعية لتستطيع الدفاع عن برنامجها». تكليف وليس تشريفا (س. ع) صحفية، لها وجهة نظر تعبر عنها بكل إلحاح واستماتة وكأنها توجد بإحدى المناظرات، تقول "المرأة المغربية ينبغي أن لا يستهويها المنصب، وتنساق وراء الشهرة والنجومية، وتنسى أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا، كما أنه ليست كل امرأة مؤهلة للعمل السياسي، فينبغي أن تتصف المرأة السياسية ببعض المواصفات منها الأمانة والقوة، والثبات على المبادئ الصحيحة والأساسية». ثقافة سياسية هزيلة تختلف الآراء وتتنوع النظرة للمرأة، غير أن معظم النساء لا يواكبن تطورات البلاد في المجال السياسي، إضافة إلى أن هناك شريحة منهن لا يفرقن بين الرجل والمرأة ويعتبرن أن الكفاءة هي المحدد الأساسي لاختيار ممثلي الأمة، واعتبرن أن الكوطا تقلل من شأن المرأة وقيمتها وبالتالي لا يمكن أن تكون المصداقية لمن أتين بطريقة عادلة. خديجة عليموسى