تعرضت فرنسا يوم الأربعاء 7 يناير 2015 لاعتداء إرهابي دموي يعتبر "الأشد دموية في فرنسا منذ أربعين عاما". هذا الهجوم الإرهابي الذي استهدف الأسبوعية الفرنسية "شارلي ايبدو" في باريس، وخلف 12 قتيلا وقرابة 20 جريح، يدق ناقوس الخطر ليس على أمن فرنسا وحدها بل على أمن المنطقة بأسرها، وتتطلب شناعة الحادث وهمجيته ليس فقط الصرامة الأمنية لحماية أرواح الأبرياء في فرنسا بل أيضا الكثير من ضبط النفس وتدبير التفاعل الإعلامي بالخصوص مع الحدث حتى لا تقع انزلاقات خطيرة تزيد من تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين الذين تعتبر فرنسا أكبر حاضن لجالياتهم. فالجميع يعلم اليوم أن الارهاب لا دين له، كما لا يمثل المسلمين ولا أتباع أي ديانة غيره. وتقتضي الحكمة تدبير ملف الارهاب، الذي تعاني منه الدول الاسلامية وشعوبها أيضا بشكل أكبر وأخطر، بروح المسؤولية الذي من شأنه حرمان صناعة الإرهاب العالمي من ثقافة الكراهية التي تتغدى عليها الاسلاموفوبيا في الغرب، والتي يتغدى عليها الارهاب العالمي بدوره بما توفره من ظروف الاقصاء والتمييز. إن سوابق الأسبوعية الفرنسية "شارلي ايبدو" في إساءتها لرموز الاسلام والمسلمين لا يمكن بأي حال أن يصوغ أي شكل من أشكال الاعتداء المادي أوالمعنوي عليها مؤسسة وصحافيين، فكيف بالهجوم الدموي عليها وقتل العاملين فيها؟ إن الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له تلك الأسبوعية عمل جبان مدان، ومشكل الاساءات، كيفما كان نوعها، لا يعالج بارتكاب الجرائم أو بمخالفة القوانين، ولكن بالمؤسسات القائمة وقوة القانون.