للوقوف على تجربة فنادق بدون خمور ومعرفة مستوى الخدمات المقدمة إليها، ومن الذي يميزها عن غيرها، كان لنا لقاء مع عبد المالك ضهير مسير فندق ضهير بالرباط حيث حدثنا عن تجربة فندقه وعن واقع السياحة بالمغرب والمشاكل التي تعوق ازدهارها وكذا عن رأيه في السياحة الجنسية. وهذا نص الحوار: هل لكم أن تحدثونا عن فندقكم الذي لا توجد به خمور؟ افتتح الفندق عام 1980، مع مؤتمر المحامين العرب فكان الخمر آنذاك حاضرا، لكن والدي رحمه الله أوقف استعمال الخمر سنة 1984، ومنذ ذلك الحين ونحن نعمل بدون تقديم الخمر. حاليا هناك في الفندق 126 غرفة، ونعمل في أربعة طوابق بعدما تم ترميم الطابق 5 و6 و7، مع إدخال شركاء جدد لم يحبذوا فكرة الخمر. وأمورنا الآن قانونية تماما ونسأل الله أن يبارك في أعمالنا. كيف جاءت فكرة العدول عن بيع الخمر وما هي حيثياتها؟ والدي رحمه الله لم يكن مرتاحا نفسيا وهو يدخل الخمر إلى فندقه، ورغم "النصائح" التي قدمت لنا من طرف معارف لنا بضرورة وجود الخمر في الفندق، حيث قيل لنا بأنه بدون خمر لن يشتغل مطعم الفندق، إلا أن الوالد رحمه الله اتخذ قرارا بإزالة الخمر سنة 1984. هل كان لقرار والدكم هذا تأثير سلبي على سير الفندق؟ لنكن واقعيين، ففي بادئ الأمر زين له بعض الناس وجود الخمر لكن والدي وجد في آخر المطاف أن الخمر لا يسمن ولا يغني من جوع. ففندق بموقع جيد وخدمة جيدة وسعر مناسب سيأتي له الزبناء بشكل أكيد. فليس من الضروري وجود الخمر. ولكن هناك من أصحاب الفنادق من يقول بأن الخمر لابد منه وإلا عزف الأجنبي عن المجيئ إلينا؟ في حين أن هناك تجارب رائدة لدول غربية وأخرى إسلامية كتركيا مثلا في ميدان الفنادق بدون خمور فما رأيكم في مثل هذه الأفكار؟ وفي مؤسسة بدون خمور؟ هذه هي الفكرة التي سار عليها الوالد رحمه الله تأكيدا لعدم أهمية وجود الخمر من أجل نجاح المشروع. فها نحن الآن مثال حي عن ذلك نعمل ولله الحمد، وحتى المطعم قد استغنينا عنه. الأمر بسيط جدا فكل مهنة أو ميدان كرسته للحلال فإن الحلال ينجيه من الفشل، أما إذا أدخلت فيه الحرام عبر وسائل معينة قصد الربح السريع فإن ذلك سيفسده، والحل هو القناعة. كما أن الخمر ليس هو عماد السياحة، التي تعيش الآن فترة جيدة، وزبنائنا الآن غالبتهم مغاربة مع بعض الأجانب فرنسيون منهم وجزائريون وسعوديون وعمانيون. هل عبر لكم زبناؤكم عن الارتياح في فندق بدون خمور؟ نحن نعرض بضاعتنا فيقبلون عليها، فالأغلبية المطلقة من المغاربة والأجانب عبروا لنا عن ارتياحهم نظرا لوجود فندق في المستوى الجيد. صحيح كان لدينا من قبل مشكل يتمثل في وجود مسير غير موفق، حيث كانت حالة الفندق غير جيدة لكننا تداركنا الموقف عبر إصلاحات مهمة. صودق في مجلس النواب مؤخرا على قانون المؤسسات السياحية فهل لكم علم به؟ ليست لي دراية كاملة به ولكن هناك فنادق بدون خمور في دول أجنبية تنافسنا، ففي مصر أيضا هناك فنادق بدون خمور كما أن هنا سياح أجانب يأتون ليس لهم بالضرورة حاجة للخمر، حيث تكون معهم عائلاتهم أولادهم ، ونفس الأمر بالنسبة للمغاربة. فالخمر ليس هو الحل الذي سيأتي بالمزيد من السياح. ها هي ذي الحانات موجودة، لكن أين هم السياح الذين تجلبهم. في نفس الموضوع، هذا القانون الذي ذكرته والذي ينظم المؤسسات السياحية لم يرد فيه جانب الأخلاق كمعيار لتصنيفها ما هو تعليقكم إذن؟ بالنسبة لقضية تصنيف الفنادق فهي ليست بالسهلة وعليها تشديد كبير، فمثلا تجربتنا عندما افتتحنا الفندق منحنا ثلاثة نجوم. والمغربي مثله مثل أي زبون يبحث عن فندق جيد ورخيص. والهدف إذن هو تشجيع السياحة المحلية، حيث أن المغاربة لا يعرفون مرافق بلادهم السياحية، والأجانب فقط هم الذين يتجولون في المغرب. فلابد إذن من تعريف المواطن المغربي بالمناطق السياحية الوطنية وأثمان الفنادق في كل منطقة. وكمثال هناك مغربي مقيم بالخارج عندما أراد أن يذهب في عطلة إلى تركيا حصل على معلومات حول المواقع السياحية عبر الأنترنيت من أكثر من خمسين فاكسا يتضمن عروضا ومقترحات وأثمنة. وابحث عندنا عن فنادق أدخلتها وزارة السياحة إلى الأنترنيت، فلا شك أنك ستجدها غائبة. إذن أنتم تحملون الجهات المعنية مسؤولية عدم اتخاذ الاجراءات المناسبة لدعم السياحة؟ أنا أقول ما دام المواطن المغربي لا يعرف المناطق السياحية رغم حملات الإشهار الأخيرة التي تعلن عن أن المغرب يتوفر على كل المقومات السياحية، لكن هذا التعريف لا يلحقه تعريف بالأثمنة والبرامج السياحية المعتمدة والمدن التي سيزورها حتى لا يكون السفر عشوائيا. الدولة تراهن على السياحة باعتبارها قاطرة للتنمية لكن ما نوع السياحة التي يجب المراهنة عليها هل هي السياحة الرديئة (الجنسية) أم السياحة النافعة؟ لا أظن شخصيا أن المغرب يراهن على السياحة الجنسية، حيث أن أغلب السياح تراهم في مناطق مثل زاكورة وورزازات مثلا يبحثون عن البساطة والمناظر الخلابة، ويقينا أن مثل هذه المناطق لو جهزت وأعدت لها وسائل مواصلات جيدة فستكون ناجحة جدا. مقاطعا بمنأى عن السياحة الجنسية؟ أكيد السياحة الجنسية هي مشكل تعانيه كل الدول، لكن مناظر مثل شروق الشمس وغروبها في مرزو?ة تغنينا عن السياحة الجنسية. أنظر إلى مناطقنا السياحية مثلا ورزازات بولمان ووانظر إلى جمال طبيعتها التي توحي باللمسة الإلهية المبدعة، كلها مقومات تجعل بلدنا في غنى عن الجنس وسياحته. وبلا شك عندنا العديد من المناظر التي إذا ما رأيتها تغمرك السعادة مثل زاكورة التي قليلا ما تمطر فيها السماء، ورغم الشمس القوية التي ترهق المغاربة فإن السائح الأجنبي يتمتع بها. ولكي نتمكن من تحقيق النجاح لقطاع السياحة، فنحن نمتلك منتوجا جيدا بثمن معقول ولا تنقصنا إلا المبادرة بشكل فعال، فمنتوجنا السياحي لا يقل أهمية عن المنتوج الإسباني، فلنا شواطئ تظاهي شواطئهم كما أن لنا خصوصيات لا يتوفرون عليها، فبلدنا يتوفر على ثروات غير الجنس، لكن التحدي هو كيف يتم استغلالها وتوظيفها وتقديمها للزبائن؟ إذا رجعنا إلى أوروبا سنجد أن معدل الشيخوخة بها مرتفع، فلماذا لا نوجه سياحتنا لتلبية طلبات هؤلاء؟ في المغرب مناطق تصلح لكل الفئات والأعمار حتى الأطفال منهم، لكن يلزمنا التواصل مع الزبناء، فالمنتوج كالرسالة يجب أن نختار له أفضل الوسائل لإيصاله، ومن بين هذه الوسائل الإشهار مثلما تفعل تركيا وتونس كنمودجين، حيث توظف فضائيتهما للتعريف بمنتوج السياحي. والسائح الأجنبي عندما يذهب إلى تونس يجد خدمة جيدة. ونحن بالمقابل نتميز بالكرم ولن يردك أي مغربي إذا طرقت بابه. كما أننا نتوفر على فلكلور ثري جدا. ماذا عن كازينو طنجة الذي أحدث من أجل استقطاب السياح للقمار والجنس؟ بالنسبة لهذه القضية فزبناء تلك الأماكن محدودون أما نحن الآن فنتكلم عن السياحة في كل المملكة، حيث هناك مناطق مهمشة سياحيا، مثل تازة، هناك مناطق سياحية لا تتوفر على طرق معبدة. بطبيعة الحال هناك حسب تنظيم القطاع السياحي فئات معينة من الزبناء يحبون السياحة الجبلية، فلو ركزنا بالدعاية على هذا النوع من السياحة لأمكننا أن نجلب سياحا كثيرين. كما أن هناك مناطق أخرى تجلب السياح، وسأعطيك مثالا عن ذلك هو "جامع الفنا" فلا يمكن أن نتصور مراكش بدون جامع الفنا، إنه كما لو نزعت للمغرب جماليته فلن يبقى مقبولا. ما المطلوب من الجهات المسؤولة إذن؟ أولا تشجيع السياحة عبر تخفيض الضرائب وتقديم تشجيعات، ثانيا الإشهار والتواجد بقوة على شبكات الانترنيت... ويمكننا أن نراهن بكل ثقة على السياحة في بلادنا لأنها من الدرجة الأولى، لكن يبقى أن نبذل مجهودات في تجهيز وإعداد مركبات سياحية وكذا توعية المواطنين ومقومات بلدهم، فنحن نريد أن يكون المواطن المغربي على اطلاع تام بخاصية كل منطقية وبنوعية كل الفنادق والتسهيلات السياحية الموجودة، بها حيث أن 50% إلى 60% هم مغاربة، فلابد إذن من التأكيد على السياحة الداخلية. حاوره محمد أفزاز