وقد افتتح هذا الأسبوع الهادف بكلمة الأستاذ مصطفى ابن مسعود رئيس جمعية رسالة الطالب الذي رحب فيها بالمشاركين وبالجمهور الحاضر المكثف، مؤكدا أن هذا الأسبوع يندرج في إطار أهداف ومساعي الجمعية المرسومة لإشاعة دينامية متجددة في مسار العمل الثقافي الوطني والعربي والإسلامي للإسهام في رقي الثقافة للافاق المنشودة. مقدما بعد ذلك للفاعلين المشاركين في ندوة: "قراءة في الملف الفلسطيني" الأستاذ الفلسطيني إبراهيم العفيفي، ذ. محمد الفزازي، ذ. معاد بن الصديق، ذ. عبد الله الزيدي، ذ. الأمين بوخبزة، مشيدا بشخصيتهم ومكانتهم الفكرية والنضالية المتميزة في الساحة المعرفية الوطنية والقومية. وقد انطلقت أنشطة هذا اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني بتقديم فرقة "الوعي والمستقبل" لأناشيد حماسية فلسطينية واعدة تحية لهذا المجتمع الكبير، وبعد الوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة ترحما على شهداء الأرض المحتلة أبطال الانتفاضة، تحدث المتدخلون عن اهتمامات فلسطينية، ووجوب تحقيق الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي للشعب الفلسطيني الذي صمم العزم قبل أي وقت مضى وامتلك إرادة صلبة وقوية، على تحرير أرضه من فلول الاحتلال، وحي الأستاذ المناضل الفلسطيني إبراهيم العفيفي بحرارة جهود رسالة الطالب المتواصلة مع منظمة التحرير الفلسطينية زهاء نصف قرن كانت فيه هذه الجمعية خير مدعم ومساند للقضية ماديا ومعنويا وإعلاميا بصورة مستديمة.. وفي ختام هذا اليوم التضامني، أصدرت الجمعية والمشاركين والحضور ورقة بيان ختامي يعبر عن الاستنكار الشديد لما يجري في الأراضي المحتلة من تقتيل وتذبيح لشعب أعزل من طرف المغتصبين، وكانت هذه التوصيات تقاطع بين الفينة والأخرى بتصفيقات قوية من جمهور عريض حضر هذا اللقاء الكبير.. وفي اليوم الثاني للأسبوع ، كان موعد الجمهور المتعطش للثقافة مع الأستاذ المحاضر الدكتور إدريس الكتاني أستاذ التعليم العالي، رئيس نادي الفكر الإسلامي في محاضرته القيمة حول موضوع: "الفكر العربي... وأسئلة المستقبل"، فبعد الشكر والتنويه بجمعية رسالة الطالب وإشادته بنشاطها المتميز والفاعل في الساحة الوطنية، تحدث الأستاذ المحاضر عن الفكر العربي الذي يعتبر بحق المحرك للغة والممارس للتفكير الفعلي في محيطنا الاجتماعي، والمشكل لمختلف مجالات المعرفة الإنسانيةعن طرق تمثل العلماء والمفكرين والأدباء العرب للتراث وجهدهم في الإضافة إليه وتطويره.. إن تشكيل الفكر العربي، يقول السيد المحاضر، وتأصيل اللغة العربية، شرطان لازمان لكي تكون المثاقفة إيجابية وليست غزوا ثقافيا يطيح بشخصيتنا الحضارية.. فإذا نظرنا إلى ما ينفقه أي بلد عربي على شؤون الثقافة، وجدنا أن أضأل الميزانيات هي تلك المخصصة للتأليف والنشر والبحث العلمي، والعجب، والحالة هذه أن يظهر العرب في إحصائيات اليونسكو في أسفل السلم الدولي من حيث ترتيب الأمم في هذا المجال الحيوي.. إن أسئلة المستقبل هنا للفكر العربي تطالب بإعادة النظر الواعي لهذا المستقبل العربي لكي يلعب دوره الإنساني كأداة لحوار الثقافات، وزيادة العمق الحضاري للفكر العربي كإبداع وتطوير للغة والفكر معا، حتى يتيح لها أن تندمج في الجسم الحي من أنسجة الثقافة العربية، إذا توفر الإطار الملائم لها لكي تمارس فعاليتها بصورة صحيحة وصحية... وجاءت المداخلات وتعقيب الأستاذ عليها لتزيد من إغناء المحاضرة الهامة وتسليط الأضواء على إشكاليات الموضوع. وفي الجلسة الختامية لهذا الأسبوع غصت القاعة كالمعتاد قبل الوقت المحدد بحضور كبير نسوي من مختلف الشرائح الاجتماعية جاءت لمتابعة محاضرة الدكتور أميرو سانتيش روصيل الأمينة العامة للمركز الثقافي الإسلامي ببلينسة في معالجتها لموضوع: "المرأة المسلمة في منطقة الأورو متوسطي". فقد عبرت الدكتورة روصيل المسلمة الفاعلة في المجتمع الإسلامي في الغرب عن ارتياحها وسرورها للمشاركة في أنشطة رسالة الطالب الجادة التي تقدر وتثمن مجهوداتها العلمية التنويرية والإشعاعية في المجتمع المدني، ثم طرحت موضوعها على بساط الدرس والتحليل مستعرضة دور المرأة المسلمة في إسبانيا خاصة ومنطقة الأورو المتوسطية عامة.. فقد تحدثت المحاضرة في البداية عما تناوله القرآن الكريم من معالم شخصية المرأة وإثبات حقوقها وواجباتها، ومساهماتها الفاعلة في عصر الرسالة، حيث شاركت عمليا وفعليا في الحياة الاجتماعية.. وتطرقت في عرضها القيم المركز عن دعم الإسلام للمرأة ورفع من قدرتها وأكرمها وليدة، وناشئة، وزوجة، وأما، واعتبرها مساوية للرجال في التشريعات والعبادات والمعاملات والحلال والحرام، فكل ما خطب الله عز وجل به الرجال، هو خطاب في نفس الوقت للنساء.. وانتقلت للحديث عن المرأة المسلمة في منطقة الأورو متوسطية وللمواجهة الطاحنة وسط أوروبا بين الإسلام وأعدائه.. حيث صرحت علانية عن محاولات فاشلة لتشويه صورة الإسلام التي سرعان ما أن تتحطم أمام بوابة المسجد... مشيرة للأنشطة الدعوية التي تقوم بها المرأة المسلمة في هذه المنطقة الحيوية في العالم والتي تتجلى في إقامة شعائر الدين الإسلامي الحنيف، والمحافظة على الأسرة المسلمة، وأجيال المستقبل، والعمل على نشر وتعميم وترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل الوسائل المتاحة، والرد على الشبهات التي تشار على الإسلام والمسلمين، والمحافظة على بيوت الله الجوامع، والمساجد، والمراكز الإسلامية، وتعميمها، وتحقيق رسالة المسجد العظيمة من خلالها بالخطب والمواعظ والمحاضرات والدروس الدينية.. مؤكدة أن مستقبل الإسلام بهذه الناحية بخير، ويبشر بخير كبير للصحوة الإسلامية التي تعرف إقبالا منقطع النظير في الدخول إلى الإسلام. وقد اختتمت عرضها الشيق، بمفهوم الألوهية في الإسلام و الغاية من وجود الإنسان في تعمير الأرض، والعزيمة المتبصرة في الإسلام، واحترام معايير الخالق، والحديث حول رحمة الله تعالى، والرحمة بين الناس، ولعل أهم ما يمكن استخلاصه من جواهر هذه المحاضرة هي القولة التي أنهت بها الدكتورة المسلمة روصيل بحثها الرائد حين قالت: "إن القرآن الكريم هو دليل الإنسان في الدنيا، فيه كل "الإرشادات" و"احتياطات الاستعمال"، حتى يرحل الإنسان من هذه الدنيا سالما". كان اللقاء هادئا ساد فيه خطاب العلم الرصين، حيث أجابت المحاضرة على جميع أسئلة المتدخلين وتعقيباتهم بتعمق وقناعة... حضر هذه المنتديات الثقافية الفكرية والعلمية الهادفة جماهير غفيرة من العلماء والمثقفين والأساتذة والطلبة ورواد العلم والمعرفة من الشباب الجامعي، وخلقت هذه الأنشطة صدى طيب وتجاوب عميق مع الرأي العام المحلي والجهوي والوطني نظرا للمواضيع المطروحة التي تشكل محاور الساعة الراهنة، وثانيا للشخصيات المحاضرة المتميزة المعروفة بوزنها الثقيل وكفاءتها العلمية وفعاليتها الجادة. مصطفى بن مسعود