يستأنف المغرب، بدءا من الشهر المقبل، عملية استيراد الأبقار من الصنف الأصيل (الأصناف الحلوب والمختلطة والموجهة للذبح) من الأسواق الخارجية، سيما الأوروبية منها بالنظر لكونها الزبون الأول لبلادنا في ما يخص المنتجات الفلاحية، ويأتي القرار الذي أعلنت عنه وزارة الفلاحة والتنمية القروية في ماي المنصرم ليرفع حظرا دام ما يقارب 4 سنوات، وتسبب فيه انتشار مرض جنون البقر منذ 14 نونبر2000 في قطعان البقر الأوروبية على نطاق واسع. ويرى بعض مهنيي قطاع تربية الماشية في القرار، الذي اتخذ بعد تقدير لجنة استثنائية أنشئت لهذا الغرض بأن المخاوف الصحية والوبائية المتعلقة بالمرض المذكور قد زالت، استجابة لمطالب مربي البقر الحلوب المغاربة ومستورديها من الخارج، والذين اعتبروا أن ضعف القطيع الوطني كماً وكيفاً لا يمكن تجاوزه إلا بالاستعانة بسلالات البقر الأجنبية ذات الجودة العالية والمردودية الكبيرة، بل إن وزير الفلاحة امحند لعنصر نفسه اعترف في لقاء تلفزي بالقناة الأولى في بداية 2004 بأنه لا مناص للمغرب من استيراد الأبقار من الخارج، لأن قطيع ماشيته في تناقص، وللإشارة فإن القطيع الوطني من الماشية يحتوي على ما يفوق مليوني رأس من البقر، 40 % ضمنها من السلالات المُحَسَّنة وراثيا (أي التي تحتوي على دم أجنبي). بالإضافة إلى المعطى المرتبط بأوضاع قطاع تربية الأبقار، فإن من شأن استنئاف استيراد الأبقار أن يسهم في انخفاض في أثمنة اللحوم الحمراء التي سجلت ارتفاعا منذ بداية سنة 2002 يعود بالأساس إلى زيادة أسعار أنواع الماشية المؤهلة للتسمين التي قَلَّ عددها بسبب وقف الاستيراد، وأيضا إلى احتفاظ منتجي الحليب بأبقارهم رغم تقدم سنها بسبب ندرة وغلاء الأبقار الحلوب في الأسواق، وارتفاع أثمنة المواد العلفية التي تدخل في تغذية الماشية، كتفل الشمندر والشعير والنخالة والذرة خلال السنوات الأخيرة. ومن جهة أخرى، ذكر أحد المتخصصين في الطب البيطري لالتجديد أن قرار رفع الحظر يأتي بعدما مورست على المغرب في الشهور الأخيرة ضغوط من الدول الأوروبية (سيما فرنسا) المتخصصة في تصدير الأبقار الحلوب لكي يفتح حدوده أمامها، محاولين إقناعه بأن كل الإجراءات الضرورية اتخذت لضمان سلامة تلك الماشية. وكان المغرب قد لجأ إلى بدائل لمواجهة النقص الحاصل في الأبقار بعد وقف الاستيراد من وجهته الرئيسة المتمثلة في القارة الأوروبية، ومن أبرزها إطلاق وزارة الفلاحة والتنمية القروية على عهد الوزير الأسبق إسماعيل العلوي برنامجا وطنيا لإنتاج العجلات الحلوب بمساهمة المنظمات المهنية، ومصانع الحليب ومعاهد البحث العلمي والإدارات العمومية، إلا أن البرنامج عرف فشلا بشهادة المتتبعين، سواء في ما يتعلق بترقيم الأبقار أو دعم الخواص لإنشاء وحدات متخصصة في إنتاج العجلات... كما أن لجوء المغرب إلى وجهات أخرى لاستيراد الأبقار الحلوب كنيوزيلندا والبرازيل لم يُكتب له النجاح، لأنه المستوردين المغاربة لم يطيقوا التكلفة الباهضة لجلب الأبقار من تلك البلدان النائية. محمد بنكاسم