نظمت لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية ببيروت ما بين 61 و81 يوليوز الجاري مؤتمرا حول التكنولوجيا ومحاربة الفقر في الدول العربية بتعاون مع منظمة العمل الدولية. وشارك في المؤتمر من المغرب الدكتور عمر الفاسي كاتب الدولة المكلف بالبحث العلمي، وكانت مشاركته تهدف أساسا إلى تقديم التجربة المغربية في عدة مجالات تتعلق بملف الفقر والتكنولوجيا. وإبراز الخطوات التي قطعها المغرب خاصة في ظل ولاية حكومة التناوب الحالية في مجال محاربة البطالة والحد من انتشار الفقر والنهوض بالبحث العلمي بالمغرب. مشاركة السيد عمر الفاسي في هذا المؤتمر ليقدم التجربة المغربية تشكل فرصة للحديث عن الفقر بالمغرب. ذلك أن المهتم بالشأن الداخلي للبلاد يدرك أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية مازالت تشكل النقطة السوداء في الوضع الحالي للحكومة، حيث إن المركز المغربي للظرفية الاقتصادية أصدر في تقريره السنوي الأخير عن الوضعية الاقتصادية في المغرب معطيات تفيد أن متوسط معدل النمو في السنوات الثلاث الماضية كان في حدود 2% وهي طبعا نسبة سلبية لا يمكن تبريرها بدعوى تراجع الدين الخارجي، خاصة وأن وزير الاقتصاد والمالية فتح الله ولعلو أكد أن معدل النمو في الخمس سنوات الماضية لم يتجاوز نسبة 3% وهي نسبة ضعيفة لا ترقى إلى مستوى الطموحات الشعبية السائدة بشأن الجهود المبذولة قصد تأهيل الاقتصاد الوطني. وفي نفس السياق فالمؤشرات المالية الخاصة بسنة 2002 لا تضمن عناصر واعدة للإقلاع الاقتصادي، حيث ستبقى الميزانية العامة للدولة مرتهنة بالتوازنات الماكرواقتصادية المتمثلة في جعل نسبة العجز في الميزانية لا تتجاوز 3% ومعدل التضخم في حدود 2% وهو ما سيجعل معدل نمو الناتج الداخلي الخام المفترض للسنة القادمة 3002 لا يتجاوز 4،4%. وجدير بالذكر أيضا أن من مظاهر وأسباب الفقر بالمغرب فشل الإجراءات الموجهة نحو جيوب الفقر لتخفيف التفاوت الاجتماعي بين مستويات المعيشة: ذلك أنه رغم تصاعد وتيرة الجفاف خلال التسعينات فإن معدل الفقر النسبي لم يرتفع إلا بحوالي أربع نقط خلال مرحلة 0991 8991. أما الفقر المطلق فقد تم التحكم فيه بشكل نسبي بفضل الاجراءات الموجهة لدعم قدرة السكان القرويين على التكفل بأموالهم والمحافظة على دخلهم ومستوى عيشهم وتبني التضامن الاجتماعي.. وذلك كان له تأثير إيجابي على تقليص وتأزيم حجم الهجرة القروية إلى المدن. ومع ذلك ففي الوقت الذي عرفت فيه الفئات المتوسطة والدنيا تراجعا طفيفا في حصة توزيع نفقات الاستهلاك تمكنت الفئات الأكثر يسرا من تحسين نصيبها من الإنفاق الإجمالي للاستهلاك. وبذلك يمكن القول إن السياسة الاقتصادية بالبلاد بدل أن تعمل على صرف الثروات بشكل عادل بين المواطنين، عملت على خلق طبقتين مجتمعيتين الأولى قليلة العدد لا تتجاوز 02% وتسيطر على 08% من خيرات البلاد وطبقة ثانية كثيرة السواد تصل إلى 09% من ساكنة المغرب تقتسم في ما بينهما 01% من خيرات البلاد المتبقية وهو ما يعني إلغاء الطبقة الوسطى، فأصبحنا أمام غنى فاحش وفقر مذقع، ولا غرو في ذلك مادام بعض أغنياء المغرب أغنى وأكثر مالا من أغنياء الولاياتالمتحدة حسب ما أشار إليه أحد الأساتذة المتخصصين بالمعهد الوطني للاحصاء والاقتصاد التطبيقي. وفي موضوع البطالة بالمغرب أفادت بعض التقارير الرسمية أن معدلات البطالة الحالية تبلغ نحو 41% بينما تقدرها بعض المصادر المستقلة ب71% لكن تقرير البنك الدولي الذي نشر في 91 يونيو 0002 أشار إلى أن نسبة البطالة في المدن وصلت في نهاية سنة 9991 إلى 4،32% بسبب إلغاء العديد من عقود الشغل في إطار الوظيفة العمومية فضلا عن تسريح العديد من العمال، وتوقع التقرير فضلا على ذلك أن تصل نسبة البطالة بالمغرب سنة 5002 إلى 72% وفي سنة 0102 إلى 92% ما لم يتم تدارك الأمر من الآن. فهل تحدث السيد عمر الفاسي بهذه الإحصائيات وهل بهذا تكون التجربة المغربية جديرة بالاقتداء؟ عبد الرحمان الخالدي