تناسلت في الآونة الأخيرة تقارير وتصاريح عدة عن انخفاض معدلات الخصوبة بالمغرب، وهي كلها تنذر بشيخوخة تهدد المجتمع المغربي خلال العقود القليلة المقبلة. آخر تقرير وضعته وزارة الصحة أخيرا يتحدث عن أن المؤشر التركيبي للخصوبة بالمغرب تراجع ما بين 2001 و2003 إلى نحو طفلين للمرأة الواحدة، مقابل أكثر من خمسة أطفال للمرأة بداية الثمانينيات، أي أن التراجع في معدل الخصوبة سجل ما نسبته 58 في المائة. هذا الانخفاض في معدلات الخصوبة، وإن كان، بحسب التقرير الذي وضعته وزارة الصحة، يعكس معطيات إيجابية في مجال صحة المواطن المغربي، من مثيل تحسن معدل المتابعة الصحية للنساء الحوامل، وكذا تحسن التغطية الصحية عند الأطفال، فإن هذا الانخفاض لا يجب أن يغطي كثيرا من سلبيات معطى شيخوخة المجتمع المغربي، ومنها تقلص الفئة العمرية النشيطة، وما يعنيه من تقلص في معدل النمو، الذي يبقى في الأصل ضعيفا، وإن ما زالت الفئة العمرية الشابة هي الغالبة حاليا. كما يسبب ارتفاع معدل شيخوخة المجتمع في مزيد من العبء على الدولة التي سيطرح عليها مستقبلا مشكل تمويل التقاعد والحماية الاجتماعية لهذه الفئة من الساكنة المغربية. وينضاف تقرير وزارة الصحة إلى تقرير سابق لصندوق الأممالمتحدة للسكان حول السكان في الوطن العربي، وكذا تصريح أخير للمندوب السامي للتخطيط، وفي كل منها تأكيد على أن ظاهرة الشيخوخة المغربية التي تستقر نسبتها حاضرا في حوالي 7 بالمائة ستصل إلى 20 بالمائة سنة ,2040 وهو ما يعادل النسبة التي تعرفها حاليا دول متقدمة مثل فرنسا. وتجدر الإشارة إلى أن معدل الخصوبة بالمغرب بدأ في الانخفاض منذ السبعينيات، وذلك بفعل عوامل عدة منها: ارتفاع مستوى التمدرس والتربية وولوج أعداد كبيرة من النساء لسوق العمل، مما أدى إلى الرفع من سن الزواج. كما أن التحول العميق الذي عرفه المغرب في اتجاه المزيد من التمدن دفع إلى إحداث تحولات في القيم العائلية المرتبطة بتنظيم الأسرة، وذلك في اتجاه الحرص على التقليص من عدد الأطفال داخل كل أسرة مغربية. ومن المؤكد أن ما أفادته التقارير الأخيرة ستبرزه بشكل أكثر دقة المعطيات المحصل عليها من خلال الإحصاء العام للسكان والسكنى الجاري حاليا، والذي يتضمن أسئلة خاصة بموضوع خصوبة النساء. يونس البضيوي