دشنت أحزاب المعارضة دخولها البرلماني، مع بداية الدورة الخريفية التي افتتحها الملك محمد السادس أول أمس الجمعة (10 أكتوبر 2014) على إيقاع خلافات وانقسامات حادة، طالت عددا من فرقها الرئيسة، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والاستقلال. وشهدت الأيام الثلاثة الأخيرة (الخميس والجمعة والسبت) ثلاثة أحداث تبرز حجم التخبط الذي تعرفه المعارضة، التي يرى مراقبون أن أداءها لا يرقى إلى المستوى المطلوب، بسبب انشغالها بتدبير خلافاتها الداخلية، وارتباك خطابها تجاه الحكومة، التي تبدو أغلبيتها أكثر انسجاما وإنتاجية. الخميس: بيادق "البام"! شهد اجتماع عقده فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب يوم الخميس الماضي (9 أكتوبر 2014)، مشادة كلامية بين عبد اللطيف وهبي، الرئيس السابق للفريق، وخديجة الرويسي الرئيسة الحالية له، عندما قال وهبي إن معالم التحالف بين "البام" وحزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال غير واضحة، وأنهما يستغلان هذا التحالف من أجل تجاوز مشاكلهما الداخلية، ليخلص ان تحالف البام مع الاتحاد والاستقلال هو تحالف ظرفي فقط. ولم ينل هذا التصريح رضا خديجة الرويسي، رئيسة الفريق، التي اتهمت سلفها وهبي بأنه بيدق حزب العدالة والتنمية، ليرد عليها بالقول إنها هي بيدق الشواذ، في إشارة إلى مناصرتها للشواذ، لتقرر الرويسي الانسحاب من الاجتماع، قبل أن يتدخل مصطفي الباكوري الأمين العام للحزب من أجل تهدئة الأجواء. الجمعة: ملاكمة في البرلمان! بعد سويعات قليلة من توجيه الملك محمد السادس لخطاب افتتح به دورة أكتوبر التشريعية، والذي قال فيه "إن بعض المنتخبين يقومون بتصرفات وسلوكات، تسيء لأنفسهم ولأحزابهم ولوطنهم، وللعمل السياسي، بمعناه النبيل"، قدم عدد من نواب المعارضة نموذجا حيا على هاته التصرفات، حيث قام المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة عزيز اللبار بعض أصبع النائب البرلماني الاستقلالي عبد القادر الكيحل وذلك بعدما قام هذا الأخير بصفعه، بسبب اتهامات بالفساد كالها اللبار لحميد شباط أمين عام حزب الاستقلال. عملية التشابك بالأيدي وتبادل الكلام النابي تمت خلال لقاء جمع أحزاب المعارضة بالبرلمان بغرض التنسيق للدخول السياسي والبرلماني، غير أنه تحول إلى تصفية الحسابات بين البرلمانيين من حزبي الميزان والجرار، وهو ما اضطر العديد من البرلمانيين للتدخل لفض "الصراع السياسي" بين شباط واللبار. السبت: الزايدي وأصحابه مغادرون تيار أحمد الزايدي، المناوئ لإدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أضاف ضربة أخرى على ظهر المعارضة المعتل أصلا، بإعلانه أمس السبت، في اجتماع له بمدينة بوزنيقة، قرب مغادرة "حزب الوردة" وتوجهه نحو إطار جديد للاشتغال. المعلنون عن هذا القرار وصل عددهم إلى 40 عضوا من ممثلي التيار بينهم 18 نائبا برلمانيا، وصفوا ما قام به الكاتب الأول للاتحاد منذ توليه قيادة الحزب ب"المذبحة للديمقراطية، والانحراف عن الخط النضالي والسياسي للحزب"، لكن هؤلاء البرلمانيين سيجدون أنفسهم أمام مأزق قانوني يسقط عضويتهم في البرلمان في حال تغيير إطارهم السياسي. وفي انتظار إيجاد صيغة لحل هذا الإشكال سيكتفي 18 نائبا برلمانيا، محسوبا على تيار أحمد الزايدي رئيس الفريق السابق والمرشح السابق لقيادة الاتحاد الاشتراكي، حاليا بالاستقلالية العملية عن رئيس الفريق الحالي والكاتب الأول إدريس لشكر، وسيلجؤون للاشتغال كمجموعة وفقا لما يعطيهم القانون من حق في التشريع ومراقبة العمل الحكومة والقيام بأدوارهم النيابية. الأغلبية تنوب وأمام هذا الواقع غير المشجع الذي ظهرت عليه المعارضة مع انطلاق الدورة البرلمانية الجديدة، لم يعد مستغربا أن تنطلق بعض التصريحات الساخرة، حيث دعا بعض المتتبعين، وبينهم نواب برلمانيون، الأغلبية لتخصيص فريق منها للقيام بأدوار المعارضة أو على الأقل مساندتها في ذلك، في الوقت الذي تبدي فيه الأخيرة ضعفا كبيرا في القيام بأدوارها.