سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأستاذ عبد السلام الطاهري عضو الاتحاد الاشتراكي (سابقا) في حوار ل "التجديد": تفاحش التسيب والتشتت بالحزب، فقدمت استقالتي والتحقت ب"العدالة والتنمية" لصدق رجاله
الأستاذ عبد السلام الطاهري، أحد أبناء الوطن الأحرار من مدينة وزان المجاهدة الحاملين لهم النضال الحقيقي، وهو أحد نشطاء الحركة الحزبية في الاتحاد الاشتراكي سابقا. اختار في آخر المطاف أن يغير وجهته النضالية من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى حزب العدالة والتنمية. عن أسباب هذا الاختيار وحيثياته، وعن تجربته الحزبية السابقة، أجرينا مع الأستاذ عبد السلام الطاهري هذا الحوار: ما هي الأسباب التي دفعتكم لتقديم استقالتكم من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؟ انخرطت في الحزب منذ منتصف السبعينات على يد إخوان كنت أرى فيهم النموذج في الصمود والدفاع عن الضعيف ونصرة الحق، فاقتنعت بهم ولازمت العمل بجانبهم في فترة حرجة. ولم أتخاذل يوما ما في المواقف النضالية الحزبية والنقابية، أتجاوز الخلافات والصراعات التي كانت تتأجج أحيانا داخل الحزب، بل أتمسك بالجانب الأخلاقي في ممارسته الحزبية.. ولما دخل الحزب إلى الحكومة في سنة 1997 لم أكن من المؤيدين له لكني التزمت بفرض الأمر الواقع واستمررت في مساندة الجانب المؤيد للحكومة. إلى أن تغلغل الانتهازيون والمصلحيون في الحزب محليا وإقليميا وتأججت الخلافات في الفروع والكتابة الإقليمية، فنشأت التحالفات والتحالفات المضادة. لم يعد التفكير إلا فيما سيستفيد الفرد على حساب سحق أخيه، والولاءات لمجموعة على حساب مجموعة، حسب موقعها الاجتماعي وخلق الإشاعات المتبادلة كل هذا لغاية الوصول إلى أجهزة اتخاذ القرار، سواء في الفروع أو في الكتابة الإقليمية، فلم يعد أحد يفكر في مصلحة التنظيم الحزبي. انعدمت المحاسبة على الأخطاء التي يرتكبها بعض الاتحاديين الذين يتحملون المسؤولية في واجهة من الواجهات الاجتماعية، وأحيانا ترسل التقارير إلى الكتابة الإقليمية حول الخروقات التي قام بها بعض المنتسبين إلى الحزب ولا يُطلع عليها فتفاحش التسيب والتشتت، فأصبحت مضطرا لتقديم استقالتي لأسلم من الشر والأشرار وما زالت علاقتي جيدة مع بعض الإخوان الغيورين على المصلحة العامة وأكن لهم التقدير والاحترام فمنهم من يتأمل ويتحسر على المشهد الحزبي وهو ينهار على مستوى الإقليم وليس في وزان فقط ومنهم من ابتعد واختار التفرغ إلى عمل آخر. التحقتم أخيرا بحزب العدالة والتنمية، فما هي أسباب هذا الالتحاق؟ ولماذا اخترتم هذا الحزب بالذات؟ التحقت بحزب العدالة والتنمية لأنه حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية، وأنا عشت في وسط عائلي محافظ، ومن الطبيعي أن أكون ذا توجه إسلامي. وبما أنني انتميت سياسيا إلى حزب وطني تقدمي منذ الصغر وشاركت في جميع محطاته النضالية سنة 1975، ولم أتخاذل يوما ما في تنفيذ قراراته محليا ووطنيا، بالإضافة إلى النضال النقابي، كان لزاما علي أن لا أقطع صلتي بالانتماء السياسي بعدما أصبحت علاقتي مع بعض أصحاب القرار الحزبي داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محليا وإقليميا مستحيلة لعدة أسباب ستتضح فيما بعد. ونظرا لكوني أعمل في جمعيات ثقافية واجتماعية مع إخوان ملتزمين دينيا، ومنهم من هو منتمي سياسيا إلى العدالة والتنمية، ولاحظت فيهم النموذج في التعامل الإسلامي الصادق، ونظرا لاقتناعي بالعمل بجانبهم ارتأيت الانتماء إلى الحزب الذي هم منتمون إليه، وهي قناعة إيمانية من جهة ومبدئية من جهة ثانية. هل لكم أن تحدثونا عن تجربتكم في العمل الجماعي؟ قضيت في العمل الجماعي تجربتين بجماعة سيدي رضوان، الأولى من 92 إلى 97 والثانية من 97 إلى 2003 فالمرحلة الأولى كانت إيجابية إلى حد ما رغم ما تخللها من صراعات بين التحالفين "حزب الاستقلال" و"الاتحاد الاشتراكي" لأن الإخوة في الفريق الاستقلالي كانوا متمرسين على العمل الجماعي (كما كان متداولا آنذاك) والفريق الاتحادي جاء ليناضل من أجل التغيير والوقوف بجانب المواطنين مما جعل المصالح تتضارب، وارتمى الرئيس وأتباعه في أحضان السلطة واستمر التوتر إلى نهاية الولاية، كان المستفيد الأول هو "السلطة القائد رئيس الدائرة وقسم الجماعة المحلية بالعمال، إن لم يكن العامل نفسه. المرحلة الثانية كانت فاشلة إلى حد ما، فالمجموعة الاتحادية لم تستطع التنسيق لا مع حزب الاستقلال ولا مع حزب التجمع الوطني للأحرار، تأثرا بضغوط الشارع المتضاربة من جهة، وضعف تكوين الفريق سياسيا من جهة أخرى. كان يتكون الفريق من خمسة مستشارين، اثنان لا يفكران إلا في الاستفادة المادية ومن أي جهة كانت، مما جعل الباقين يحاولون الوصول إلى صيغة مرضية، لكن اللعبة ستنكشف في التصويت عل أعضاء من الجهة، حيث بدأ البيع والشراء في الأصوات ومن بينهم اتحاديان، فوجه لهما إنذار، لكن في انتخابات المستشارين ارتفع السعر وسارعا إلى بيع صوتيهما فأوقفهما الفرع عن التنظيمو لكن أحدهما قدم نقدا ذاتيوا والآخر لم يقبل اعتذاره لتصرفاته اللاأخلاقية. لكن الخطأ القاتل الذي وقعنا فيه وأتحمل فيه شخصيا المسؤولية الجسيمة لأني وضعت يدي في يد أناس لم يكونوا أهلا للثقة واستغلوا حسن نيتي، هو أن هؤلاء لم يكن يهمهم الإطاحة بالرئيس من أجل التغيير، بل استدركت أنه كان يرفض تلبية طلبهما في استغلال النفوذ، ولم نتفطن لذلك إلا بعد تشكيل المكتب الجديد بإيعاز من القائد الذي نال حظه من "الوزيعة". وسرعان ما بدأ المتحالفون يلهثون وراء الاستغلال ابتداء من حيازة الأرض الجماعية وتقسيمها، فتفاحشت الرشوة بالجماعة وازدهرت الزبونية، وتجلى ذلك في التوظيف المباشر لأربعة مناصب بالجماعة، واختلط الحاج بغير الحاج كلهم دخلوا في سلة الفساد والنهب ونشطت المسيرة بين السلطة والمجلس ومنهم من تطوع لجمع الإتاوة من السكان الخارجين عن القانون ويسلمها للقائد مقابل غض الطرف. ولما تفاحشت الجرائم وقطع الطريق بالنهار. راسلت عدة جهات دون جدوى، مما جعلني أيأس وأنسحب من الجماعة. كيف تنظرون إلى إشكالية التنمية بمدينة وزان؟ التنمية بمدينة وزان تحتاج إلى عقلية جديدة لتسيير الشأن المحلي، والتفكير في المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وخلق مشاريع كبرى كإحداث منطقة صناعية وتجهيزها وتشجيع المستثمرين على اقتناء قطع بأثمنة رمزية، والنهوض بالصناعة التقليدية التي تتوفر عليها المدينة كالدرازة والخراطة والذياعة والخياطة والتشجيع على تسويقها خارج المدينة وتصدير الصناعة الفلاحية، كتعليب الزيتون وتصبير التين والبرقوق وإرشاد الفلاحين وتوجيههم لتطوير فلاحتهم لكي ينهضوا باقتصاد المدينة وخلق الرواج الاقتصادي. كيف تنظرون إلى واقع التسيير بالمدينة من خلال المجالس الجماعية السابقة؟ كانت ستستفيد المدينة أكثر مما استفادت الآن لو كان المنتخبون يفضلون مصلحة المواطنين الذين انتخبوهم من أجل السهر عليها، لكنهم مع الأسف ضيعوا فرصا يصعب تعويضها واهتموا بالصراعات على الزعامة مما جعل المواطنين يؤدون ثمن إهمال مصالح المدينة وما يعود بالمنفعة على سكانها. ما هي رسالتكم لباقي الفرقاء السياسيين من أجل تنمية المدينة؟ على الفاعلين السياسيين بالمدينة أن يتجردوا من الذاتية ويصبوا اهتمامهم في التفكير في برنامج عملي للرفع من مستوى المدينة اجتماعيا وثقافيا وتنمويا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والرفع من مستوى المدينة إلى صفوف المدن الأخرى والمجاورة إداريا حتى لا تبقى تابعة، رغم أنها من المدن القديمة، كما يجب عليهم أن يتنافسوا في البرامج وفي تقديم أحسن خدمة للمجتمع للرفع من مستواه، والابتعاد عن منطق الإقصاء وعرقلة العمل من أجل النماء والتقدم. حاوره: محمد الطاهري بطاقة تعريف عبد السلام الطاهري من مواليد 1953 بسيدي رضوان معلم أب لأربعة أطفال مستشار جماعي بسيدي رضوان منذ 1992 من مؤسسي فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بسيدي رضوان وكاتبه لثلاث مرات متتالية عضو الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بسيدي قاسم إلى حدود 26/9/2002 عضو المجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم من مناضلي النقابة الوطنية للتعليم (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ 1977)