برهن المؤتمر الوطني الأخير لحركة التوحيد والإصلاح على قيم الديمقراطية التي تسود داخل هياكل الحركة، ذلك أنه –وبخلاف أغلب الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي- فإنه لا يمكن التنبؤ بمن سيخلف الرئيس قبل الجمع العام وتبقى كل التكهنات مطروحة حتى يَحسم المؤتمر في إسم الرئيس الجديد، رغم ما قد يحمله ذلك من مخاطرة ومغامرة. ويعتبر مراقبون أن هذه الطريقة تشكل ضمانا حقيقيا للثقة في العملية الانتخابية وفي الممارسة الشورية ويعزز مشروعية وسلطة المسؤولين المنتخبين. وحرصا على الديمقراطية الداخلية، قامت حركة التوحيد والإصلاح منذ ميلادها على مبدأين أساسيين متعلقين بالديمقراطية الداخلية، وهما: القرار بالأغلبية، والمسؤولية بالانتخاب. وفيما يخص المبدأ الأول، اعتبرت الحركة ما ينتج عن إعمال الشورى ملزما، وبنت عليها قاعدة "الرأي حر والقرار ملزم"، وهو ما يعني نقل عملية النقاش من حوار فكري أشبه ما يكون بحوارات النوادي والمنتديات الثقافية و"الشورى المعلمة" التي لا يترتب عليها التزام، إلى حوار مؤسساتي يفضي إلى قرارات ملزمة وفق قاعدة التصويت بالأغلبية. وليس معنى قرارات "ملزمة" أنها فوقية، بل تلزم رئيس الحركة وقيادتها قبل الأعضاء. وينص القانون الداخلي للحركة في المادة 38 المتعلقة بمسطرة اتخاذ القرارات داخل هيئات الحركة على ما يلي: "تعتبر الشورى واجبة وملزمة. يتخذ القرار بالشورى إذا كانت الهيئات منعقدة، ويحسم فيه بأغلبية أصوات الحاضرين". أما عن المبدأ الثاني، فقد حددت الحركة عدد الولايات لرئيس الحركة ولمختلف المسؤولين في ولايتين، حيث ينص النظام الداخلي للحركة في المادة 13 المتعلقة بانتخاب الرئيس على أن "كل من تولى رئاسة الحركة لدورتين عاديتين كاملتين متتاليتين، لا يرشح لدورة أخرى إلا بعد انقضاء دورة عادية كاملة تحت رئاسة غيره". ولإبراز أهمية انتخاب الرئيس لولايتين فقط، يقول الحمداوي إن ذلك يؤسس لتعاقب كفاءات متنوعة على المسؤولية كل يبصم قيادة الحركة بمميزاته الأمر الذي يعطي إغناء وتنوعا للمؤسسة أو التنظيم عوض النمطية التي تعتمد في الرئاسة مدى الحياة. وتبين مسطرة انتخاب المسؤولين بمن فيهم رئيس الحركة بأنه لا يحق لأحد ترشيح نفسه، ولا لأي هيئة أن ترشح أحدا، سواء كان المكتب التنفيذي أو مجلس الشورى أو غيره، وإنما تبقى هذه المهمة من اختصاص الجمع العام وحده، حيث يقوم كل عضو من أعضاء الجمع العام بترشيح ثلاثة أسماء على الأقل أو خمسة على الأكثر بطريقة سرية، وبعد فرز الأصوات، يعتبر الخمسة الأوائل مرشحين للمسؤولية المعنية بالتصويت.