مثل هذه الحركة تستحق وقفة من هذا النوع لتقييم الذات من جهة، ولتعميم التجربة وإتاحة فرصة الاستفادة منها لكل الأطراف المعنية، خاصة وأن الحركة حركة انفتاح وشفافية ووضوح، أما ما يمكن قوله حول تقييم عمل الحركة خلال 18 سنة الماضية. فأولا: على الصعيد التنظيمي يمكن أن نسجل أنه قد تم ترسيخ المرجعيات، والعمل المؤسساتي الناظم، من حيث وضوح الرؤية، أو بناء التصورات والمواقف أو صياغة الأدبيات والتوجهات، وكذلك من حيث آليات التخطيط والبرمجة والتنفيذ والمتابعة والتكوين، وكذلك من حيث الأنظمة الداخلية وأنظمة الانتخاب واتخاذ القرار، المبنية على ثنائيات الفردي والجماعي، الشرعي والواقعي، القانوني والإكراهي ثانيا: يمكن أن نسجل خلال هذه المرحلة تثبيت الحركة كفاعل وطني ومعبر ومسؤول ومشروع داخل الساحة الوطنية. ثالثا: يمكن أن نسجل خلال هذه المرحلة أن الحركة تمكنت من نحت صورة وطنية ناجحة للحركة الإسلامية، قوامها الانتماء الوطني، والتمايز مع السياسي المباشر، والاعتدال والوسطية، والانفتاح على كل الأطراف الوطنية، واعتماد الديمقراطية، والتمكين للمرأة. أما على صعيد الشأن العام، فيمكن أن نقول أن الحركة، قد أسهمت إسهاما مهما في ترسيخ التواثب الوطنية، وفي الإسهام في تجنيب المغرب من الكثير من الآفات والإشكاليات الدينية والسياسية. وعلى الصعيد الخارجي يمكن أن نسجل أن هذه المرحلة شهدت تعريفا أوسع بالحركة على صعيد العالم الإسلامي، وفي العلاقة مع الفاعلين الإسلاميين على صعيد العالم الإسلامي سواء في المغرب العربي أو في الشرق الأوسط وغيره، كما كان ولأول مرة لحركة إسلامية دور كبير في العلاقة مع الحركات الإسلامية الإفريقية، التي ترتبط بجذور دينية وتاريخية قديمة مع المغرب، الشيء الذي ساهم في الإشعاع المغربي على الساحة الإفريقية دينيا وثقافيا، وهذا ما نلاحظه على المرحلة السابقة. أما المرحلة المقبلة فأظن أن المطلوب من الحركة هو التركيز أكثر على رسالتها بعد اكتمال ووضوح الرؤى والتصورات واكتمال بناء المنظومات، والتركيز على بناء الإنسان، إضافة إلى الإشعاع الثقافي والفكري والدعوي في الساحة الوطنية، وعلى الصعيد الخارجي لابد أن تنتقل إشعاعات الحركة وعلاقاتها إلى إعمال مؤسسية على الصعيد الإقليمي والعالمي، حتى يمكن لفكر الوسطية والاعتدال الذي تمثله الحركة أن يصل إلى أبعد الحدود الممكنة.