خلال العشر الأواخر لشهر رمضان، تتنافس المساجد في مختلف المدن المغربية، وعلى رأسها المدن الكبرى، في جلب أحسن القراء للإشراف على ختم القرآن الكريم، بحضور أعداد غفيرة من المصلين. وإذا كان لصلاة التراويح مكانتها الخاصة لدى المغاربة، فإنه في العشر الأواخر من شهر الصيام، ترتفع وتيرة الاجتهاد وتعرف المساجد إقبالا كبيرا تساهم فيه مشاركة مقرئين مرموقين، ولديهم صيت عال على الصعيد الوطني، ما يدفع القائمين على المساجد، سواء تلك التابعة للدولة من خلال وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، أو تلك التي بنيت من قبل محسنين يسهرون على تدبير أمورها ، إلى جلب أحسن القراء من ذوي الاصوات الشجية المعروفين بحسن ترتيل القرآن الكريم وضبط قواعد التجويد. ويأتي في مقدمة المساجد التي تمتلئ عن الآخر طيلة شهر رمضان وليس فقط خلال العشر الأواخر منه، مسجد الحسن الثاني في العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء. هذا المسجد الذي يستطيع إمامه الشيخ عمر القزابري جلب مئات الآلاف من المصلين، وهو العدد الذي يصل ذروته في الليالي الأخيرة من رمضان. فخلال شهر الصيام، يعرف مسجد الحسن الثاني، الذي تولى الإمامة فيه الشيخ عمر القزابري بأمر ملكي منذ أزيد من عشر سنوات، قبلة للمصلين من الدارالبيضاء وحتى من المدن القريبة منها بما فيها العاصمة الرباط، التي تبعد عنها بحوالي 80 كليو مترا بحكم أن صلاة التراويح في هذا المسجد لها خصوصيتها ونكهتها، لما يتوفر عليه الشيخ القزابري من صوت شجي مؤثر . وفي العاصمة الرباط، هناك عدد من المساجد بدورها تتنافس في استقطاب أحسن القراء لجلب أكبر عدد ممكن من المصلين المواظبين على أداء صلاة التراويح في المساجد، فهناك مسجد السنة الشهير الواقع وسط المدينة ومسجد للاخديجة الذي يضطر رواده إلى الصلاة في الطرقات والشوارع المحاذية للمسجد بسبب الاكتظاظ، إلى جانب مسجد حسان الواقع وسط ضريح محمد الخامس وغيرها من بيوت الله التي تعرف إقبالا كبيرا من قبل المواطنين بمختلف أعمارهم وانتماءاتهم الاجتماعية. ولقد جرت العادة عند المغاربة أن تعرف جل المساجد ختم القرآن الكريم ليلة 27 من شهر رمضان، إذ هناك اعتقاد سائد أن تلك الليلة تصادف ليلة القدر، فيما يحرص المصلون على الحضور لأداء صلاة التراويح التي تتبع في الغالب الأحيان بدعاء ختم القرآن الكريم. وإذا كانت المساجد تختلف في مواقيت الختم، ويضع المشرفون عنها برامج خاصة لطريقة قضاء تلك الليلة المباركة، إلا أن هناك من المصلين من لا يتوقف عن التنقل بين المساجد ليشهد عدة ختمات مع مختلف القراء. يشار إلى أن بيوت الله تعرف إقبالا منقطع النظير من قبل شباب في مقتبل العمر وايضا من قبل النساء اللواتي يحرصن على الحضور من أجل الصلاة ومتابعة الدروس التي تسبق أداء التراويح، وحتى الأطفال يجدون مكانهم داخل البيوت، فبعد أن كانت الامهات والآباء يتحفظون على مرافقة صغارهم لهم إلى المسجد، أخذ هذا الأمر يتسلل شيئا فشيئا إلى المساجد بدعم من عدد من الوعاظ والعلماء الذين يشجعون الآباء على إحضار أبنائهم إلى المساجد حيث يعم الخير.