الدين النصيحة قبل أن نبدأ بالحديث عما نغيره اليوم بيننا، يجب أن نعود لما اتفقنا عليه في وقت المحن، يجب أن نظل نعمل غير مسؤولين عن نتائج العمل، يجب أن نثبت فى الامتحانات، يجب أن نحتفظ باليقين والإيمان. قد نحزن ولكن لانيأس، فالحزن لن يمنعنا من العمل لله، ولكن اليأس والإحباط يجعل الهمة والعزيمة تفتر والأداء ينحدر. إن سيدنا يعقوب فقد ابنه حوالى 20 عاما، ولكنه كان يقول لأبنائه: (يابنى إذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). إن اليأس الذى يؤدي إلى ترك الاهتمام بالأمة من الكبائر، أو على الأقل هو صفة من صفات الكفر. أكثروا من قراءة القرآن هذه الأيام، ففيه دواء لكل داء وكلمة لكل موقف. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الدين النصيحة". لتكون متدينا عليك بالنصيحة، انصح الدنيا كلها، وما معنى النصيحة؟ معناها إرادة الخير للمنصوح فردا أو أمة. فحين تنصح فردا وأفرادا، فأنت تحسن من حال الأمة. وللنصيحة أهمية كبيرة، فهي الأداة التي وضعها الله لتقويم المجتمع وللمحافظة عليه، يقول تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). ونحن أمة الخيرية لأننا ننصح، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر. وللنصيحة ثواب عال جدا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ثلاثة يدخلون الجنة شهيد عفيف يتعفف، رجل عبد الله ونصح الناس". يجب أن ننصح الناس حتى تتغير دنيانا إلى الأفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم : "العبد الذي ينصح لسيده له أجران. فهل تتصورون ذلك؟ إن النصيحة قد تأتي من خادم لسيده وله على ذلك أجران!!! هيا قم وانصح من حولك: أهلك، جيرانك،أصحابك، نحن أمة لم تعد تنصح بعضها البعض، ولا خير في أمة ليس فيها ناصحون، كما أنه لاخير في أمة لاتقبل النصيحة، فكما نطلب من أنفسنا التناصح نطلب أيضا قبول النصيحة. حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة سأله الصحابة: لمن؟ فقال لله ورسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. وننصح لله بتعظيمه وبنصر دينه. ننتصح بأوامره، وكذلك بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تحبه وتتبع سنته، وتنتصح بما في القرآن، تحفظه وتوجه به الناس: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) سورة البقرة، آية 206. إنما النصيحة لها شروط: يجب أن نتيقن أولا أن ما ننصح به حقيقي وليس مجرد شكوك، وأن تكون النية هي مصلحة المنصوح، وليس الفخار أو الإعجاب بالذات. تكون النصيحة في السر، وليست فضيحة على رؤوس الأشهاد. أن تنصح برفق. جلس رجل إلى هارون الرشيد ينصحه وأغلظ عليه في الحديث جدا، فالتفت إليه الخليفة قائلا: هل أنت أفضل من سيدنا موسى؟ فرد الرجل: لا. فسأله الخليفة: هل أنا أسوأ من فرعون؟ فقال لا، هنا قال الرشيد: مادمت لست أفضل من موسى ولا أنا أسوأ من فرعون، ألم تعلم أن الله سبحانه قال لموسى:(إذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) سورة طه، آية 43 44. وفي رواية أخرى أن موكب هارون الرشيد كان يمرأمام أحد الرعاة، فوجد الراعي شيئا ما يريد أن ينصح به للخليفة، فنظر إليه قائلا: يا أمير المؤمنين أنا إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك. أترون، لقد كانت أمة تتناصح ولذلك استحقت كل ما حققته ووصلت إليه. سنعود نتناصح برفق ويعين بعضنا بعضا على الخير حتى يغير الله أحوالنا. الداعية عمرو خالد