ناقشت أخيرا الباحثة أمينة هموري أطروحتها حول "مقاصد العقيدة ومقاصد الشريعة عند الإمام فخر الدين الرازي". وأشارت الباحثة فيها إلى أن التفريق في شقي العنوان بين (العقيدة) و(الشريعة) رغم الترابط والتداخل بينهما تقسيم منهجي فقط، وإلا فالشريعة تطبيق عملي للعقيدة الأساس. وقالت في التقرير الذي تقدمت به للمناقشة إن حاجتنا إلى دراسة المقاصد في زماننا هذا تزداد أهمية من أجل إيقاف تيار الصيحات الغربية والمستغربة التي تتخذ المقاصد ذريعة إلى التفلت التام من الأحكام الشرعية الثابتة والصحيحة، بحجة أن التشريع أولا وأخيرا أغراض ومصالح، إليها يتوجه أصل الطلب، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، من أجل الرد على دعوى بعض الغافلين الذين لا يقررون صلاحية الإسلام والشريعة إلا لأمور الآخرة وحدها، وأنها -بحسب وهمهم- ما جاءت إلا لذلك, تضيف الباحثة، وقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن الشرائع مطلوبة لتنظيم حياة الناس في هذه الدنيا لا لتحديد سلوكيات الناس في الآخرة، وفضلا عن هذا فإن معرفة مقاصد الشريعة -إضافة إلى ما تقدم- من أفضل الضمانات لإيجاد ضوابط شرعية لحياة إسلامية معاصرة, لتقوم الحياة وتبنى على الحق والعدل، وتتحقق غاية الحق من الخلق بتحقيق المفهوم الشامل للعبادة الكاملة. وقد ركزت الباحثة اهتمامها على دراسة مقاصد الشريعة عند الإمام فخر الدين الرازي، انطلاقا من مؤلفاته المطبوعة، حيث أوضحت أن النظر المقاصدي عند الرازي لا يقف عند الجانب التشريعي والفقهي، وما يترتب عليه من تدين وسلوك والتزام عملي فحسب، بل يمتد إلى العقيدة وقضاياها أيضا، أولا نظرا لما تزخر به مؤلفاته من قضايا عقدية ، وثانيا إيمانا من الباحثة بأن النظرة المقاصدية في العقائد تنبني عليها النظرة إلى التشريع, ذلك لأن مقاصد عقائد الشرع تؤسس لأحكامه. هذا، وقد ذيل البحث بخاتمة، سردت فيه الباحثة هموري أهم النتائج العلمية التي توصلت إليها، وأهمها: أن موضوع العقائد مجال خصب للبحث المقاصدي، لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدراسة في ضوء مقاصده بعيدا عن التناول الكلامي الجدلي الذي أفقده حيويته وفاعليته. كما أن اعتماد تفسيرالرازي أتاح الكشف عن وجود أساليب جديدة في التعليل بالمصلحة أو المفسدة التي ينطوي عليها الحكم الشرعي المنصوص عليه أو المجتهد فيه. وأشارت الباحثة إلى أن الفخر الرازي اعتمد مبدأ الترجيح بين المصالح والمفاسد عند التعارض، مع التأكيد على وجود بعض قواعد المقاصد في مؤلفات الفخر الرازي التي تختصر الكثير من جوانب النظر المقاصدي، مما يستدعي ضرورة استقراء جهوده ضمن جهود علماء الأمة الآخرين قصد تفعيل التقعيد المقاصدي وربطه بالصور التطبيقية والوقائع العلمية، حتى لا يصبح هذا العلم فضفاضا واسعا فيدخل فيه ما ليس منه، أو يخرج منه ما هو من صميم مدلولاته. وبعد تداول لجنة المناقشة المكونة من الدكتورأحمد الريسوني مشرفا والدكتور جمال السعيدي رئيسا، وعضوية الدكتورين سعيد شبار وصالح زارة للبحث المقدم، منحت الباحثة أمينة هموري درجة الدكتوراه في شعبة الدراسات الإسلامية بميزة مشرف جدا. خ. ب