عبر الجيش الفرنسي المهدد باقتطاعات جديدة في ميزانيته، عن غضب شديد ولوح كبار قادته في تحرك نادر، بتقديم استقالاتهم اذا جرى تقليص اعتمادات الدفاع فعلا. وفي رسالة حديثة الى رئيس الوزراء مانويل فالس ونسخة منها الى وزير المالية ميشال سابان، وقف وزير الدفاع جان ايف لودريان الى جانب قواته محذرا من عواقب "وخيمة جدا" على الجيوش في حال خفض الاعتمادات. وقال لودريان في هذه الرسالة التي اوردتها صحيفة لوفيغارو الجمعة ان "الجهود ستكون صعبة التحقيق في اطار اجتماعي قريب من الغضب". وهذا الوزير هو شخصية قريبة جدا من الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند قائد القوات المسلحة الذي ارسل عسكريين الى ميادين القتال مرتين في غضون اقل من عام: الى مالي حيث لا يزال 1600 جندي منتشرين بعد استعادة شمال البلاد من المجموعات الجهادية المسلحة، والى افريقيا الوسطى حيث ينتشر الفا رجل في ظروف قاسية للغاية. واعلنت الحكومة الفرنسية خطة لتوفير 50 مليار يورو في 2015 و2017، منها 18 مليارا يفترض ان تجمع من خفض نفقات الدولة. وكانت اجراءات فرضت على الجيش الفرنسي في قانون للبرمجة العسكرية حتى 2019 صوت عليه البرلمان في ديسمبر وينص الغاء 34 الف وظيفة في غضون ستة اعوام والغاءات جديدة لوحدات في مرحلة مقبلة. وحذر وزير الدفاع من انه اذا ما تقررت اقتطاعات جديدة في الميزانية، فان "سلاح البر سيكون دون مستوى التجهيز وسيكون عاجزا بشكل سريع عن الاستجابة لعقود عملانية جديدة". واضاف ان "الدفاع لا يمكن ان يستوعب خسارة اعتمادات في 2014 ولا خسارة في الكتلة المالية الخاصة بالرواتب ولا في اعتمادات تسيير العمل" التي باتت اصلا "دون عتبة القبول الاجتماعي". وبينما ما زالت فرنسا غارقة في الازمة الاقتصادية، تبحث وزارة المالية بكل الوسائل عن عائدات. وقالت اخيرا ان جهدا جديدا سيتم التوافق بشانه من قبل كل الادارات. وتقول المعارضة اليمينية ان الحكومة تعد اقتطاعات جديدة تتراوح قيمتها بين 1,5 وملياري يورو سنويا على مدى ثلاثة او اربعة اعوام في ميزانية الدفاع لبلوغ اهداف خطة التوفير التي وضعتها. وفي الاوساط العسكرية، شكلت هذه المعلومات صاعقا. وقالت مجلة لو كانار انشينيه الاسبوعية ان قادة هيئة الاركان للاسلحة الثلاثة - البر والبحر والجو - اجتمعوا سرا في 13 ماي وهم يدرسون استقالة جماعية اذا ما ارتفع حجم تقليص ميزانية الدفاع. ولم يترجم اجتماعهم برسالة عامة لكنهم قرروا السماح بتسريب غضبهم الى وسائل الاعلام، كما قالت الصحيفة. ولاحظ مقرب من الملف انهم "مثلوا صدى الشكوك والتساؤلات والمزاج الغاضب للجيوش حيال هذه الشائعات والمخاوف التي تضغط عليها". ومنذ ذلك الوقت، لم يصدر عن الرئيس اي كلمة اطمئنان. واكتفى الاليزيه بالقول ان "ميزانية الدفاع ليست كأي ميزانية اخرى". والجمعة، اعلن المقربون من رئيس الدولة ان هذا الاخير "سيعلن موقفه في الاسابيع المقبلة". وداخل الغالبية الاشتراكية، ارتفعت اصوات تدعو الى عدم احترام السنوات الاولى من قانون البرمجة العسكرية حرفيا مع احتمال ترتيب استدراك للامر خلال السنوات الاخيرة من تطبيقه. والاحد، اكد ميشال سابان ان القانون سيحترم "في توازناته الشاملة"، من دون ان يستبعد بعض الاجراءات لتكييفه. والوضع السياسي متناقض، كما يلفت مقرب من الملف قائلا ان "المعارضة اليمينية في حزب اتحاد من اجل حركة شعبية تدافع عن نص حكومي لم تعد تدافع عنه الحكومة".... وميزانية الدفاع هي الميزانية الثانية للامة بعد ميزانية التربية. ويمنح القانون البرنامج 190 مليار يورو من الاعتمادات حتى 2019 لوزارة الدفاع مع ميزانية سنوية من 31,4 مليار يورو. ويعمل في وزارة الدفاع حوالى 285 الفا ومئتي شخص بينهم نحو 218 الفا و500 عسكري.