نشر موقع صالون دوت كوم الإلكتروني الأمريكي مقتطفات من كتاب جديد للمؤلف الأمريكي المعروف ستيفن بريل يفضح أسلوب تعامل وزارة العدل وسلطات تنفيذ القانون في الولاياتالمتحدة مع المهاجرين والمواطنين المسلمين في أمريكا بعد أحداث سبتمبر 2001، وكيف تعمدت وزارة العدل استهداف المسلمين المقيمين في أمريكا واعتقال أكبر عدد منهم لفترات طويلة على ذمة التحقيقات الخاصة بأحداث سبتمبر، وكيف تحايلت الحكومة على القوانين لحرمان المعتقلين من أدنى حقوقهم القانونية. وقد ذكر موقع صالون دوت كوم في تقديمه للكتاب أن مؤلفه ستيفين بريل نجح في تجميعه مادته عن طريق مقابلات خاصة أجراها مع أكثر من 300 شخصية من بينهم وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت وبعض كبار المحامين والنشطين في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية في الولاياتالمتحدة وعن حقوق بعض المعتقلين منذ أحداث سبتمبر، كما نجح بريل في الإطلاع على وثائق بعض المحاكم وملخصات لتقارير اجتماعات حكومية خاصة. وقد أطلق المؤلف على كتابه عنوان "بعد" في إشارة إلى التغيرات التي أصابت الحقوق والحريات المدنية في الولاياتالمتحدة في فترة ما بعد أحداث سبتمبر 2001، وسوف يطرح الكتاب في الأسواق في شهر أبريل الحالي. وفيما يلي تلخيص لأهم النقاط التي وردت في المقتطفات التي عرضها موقع صالون دوت كوم للكتاب الجديد والتي اهتم بها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) - المعني بالدفاع عن حقوق وحريات المسلمين والعرب في الولاياتالمتحدة - والذي قام بتوزيع هذه المقتطفات من خلال نشراته الإخبارية باللغتين الإنجليزية والعربية في الحادي والثلاثين من مارس. ويقول المؤلف - في المقتطفات التي نشرها موقع صالون دوت كوم - أن المسئولين عن التحقيقات الخاصة بأحداث سبتمبر 2001 بدءوا عملهم معتمدين على تصور بسيط وهو أن "الرجال التسعة عشر الذين اختطفوا الطائرات لا يمكن أن يكونوا الأفراد الوحيدين المقيمين في أمريكا الذين ينتظرون أن يشنوا هجمات أخرى ولابد وأن يكون هناك المئات - وربما الآلاف (من الخلايا النائمة)"، ومن ثم وجد المحققون أن وظيفتهم الأولى هي العثور على هؤلاء ومنعهم وليس بالضرورة القبض عليهم على أن يحدث ذلك في أقرب وقت ممكن. وكان من الواضح للمحققين أن هؤلاء الأفراد لابد وأن يكونوا رجال مسلمين في عمر الشباب، وللأسف لم يكن للمحققين كثير من العلاقات والجواسيس في أوساط المسلمين في أمريكا. وتوصل المحققون إلى أساليب ثلاثة أساسية للتعرف على الشبان المسلمين والتحري عنهم، وأول هذه الأساليب هو استدعاء جميع المسلمين الذين قد ترد أسمائهم في سياق واحد مع أي من المختطفين. فعلى سبيل المثال إذ وجد أسم عربي في قوائم الطلاب بالمدارس التي تعلم بها المختطفون الطيران كان يتم استدعائهم. الفئة الثانية هي فئة المسلمين الذين علم بهم مسئولو مكتب التحقيقات الفيدرالية عن طريق الشرطة، فعلى سبيل المثال تم تحويل رجل مسلم قبض عليه بسبب مخالفات مرورية بولاية ميسوري إلى مكتب التحقيقات الفيدرالية لأن الشرطة لاحظت أن الرجل المسلم يحمل معه عدد كبير من الشيكات، وقد توصلت التحقيقات إلى أن الرجل كتب عدد من الشيكات بدون رصيد وهي بالطبع جريمة فيدرالية، ولكن لا يعاقب مرتكبوها – فيما هو معتاد - بالاعتقال لمدة طويلة. الفئة الثالثة كما يذكر الكاتب هي فئة الأفراد الذي اعتقلتهم السلطات لأسمائهم الإسلامية، إذ طلب من مسئولي مكتب التحقيقات الفيدرالية ورجال الشرطة الذين لم يكونوا منخرطين في التحقيق مع أصحاب الفئتين الأولى والثانية بأن يقوموا بالتحري عن بعض الأسماء الموجودة في مناطقهم بعد أن زودتهم إدارة الهجرة والتوطين الأمريكية (INS) بقوائم بأسماء مئات الآلاف من المسلمين الذين زاروا دخلوا الولاياتالمتحدة خلال السنوات الأخيرة، وذكر الكتاب أن قوائم إدارة الهجرة والتوطين عانت في كثير من الأحيان من عدم الدقة، وفي تلك الأحيان طلب من المحققين أن يفتشوا عن أسماء المسلمين الموجودة في دليل أرقام التليفونات. ويقول الكتاب أن أسلوب التعامل مع المستجوبين اعتمد بالأساس على درجة لباقة وأدب المحققين الذين حققوا معهم، وعلى درجة الصلة التي ربطت المستجوبين بالمختطفين. وفي بعض الأمثلة تم التحقيق أربعة مرات مع أستاذ جامعي مسلم في ولاية إنديانا – يعتقد أنه تم العثور على أسمه في دليل التليفونات، وجرى التحقيق في المرات الأربعة باحترام وبشكل لائق بل أن المحققين شعروا أحيانا بالخجل من المهمة التي طلب منهم تنفيذها. ويقول المؤلف أن مستجوبين مثل الأستاذ الجامعي السابق لم يتم اعتقالهم وتركوا لحالهم بعد فترة لأنه لم يكن هناك أدنى دليل ضدهم، ولكن وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت ونوابه خططوا بشكل دقيق لكيفية ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المواطنين وغير المواطنين الذين قد يكونون محل أدنى شكوك. وفي حالة غير المواطنين يقوم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية بالبحث عن أية أخطاء ارتكبوها بالنسبة لقوانين الهجرة (مثل البقاء في أمريكا بشكل غير قانوني)، ويقول المؤلف أن هذه الأخطاء كانت شائعة لأن تطبيق إدارة الهجرة والتوطين لهذه القوانين كان غائبا لسنوات. ومن ثم يتم اعتقال هؤلاء الأفراد بسبب انتهاكهم لقوانين الهجرة – إذا وجدت – ليتم استجوابهم بشكل متكرر بغض النظر عن صغر حجم الأخطاء التي وقعوا فيها، كما كان يتم اعتقالهم حتى يتم عرضهم على المحكمة، وقد عمد المسئولون إلى تأخير جلسات المحاكمة وإلى عقدها بشكل سري غير علني، وكما تعمدوا – كما يرى بريل – إلى عدم الإسراع بترحيل المعتقلين إذا قررت المحكمة ذلك لأنهم وجودوا أن القانون لا ينص على وجوب ترحيل المعتقلين بشكل فوري، وبذلك يتم حبس المعتقلين فترات أطول حتى يقرر مكتب التحقيقات الفيدرالية الإفراج عنهم. ولأن قضايا الهجرة هي قضايا مدنية وليست إجرامية لم يكن يحق للمعتقلين الاستعانة بمحاميين مجانيين، ومن ثم اضطروا للاستعانة بمحامين مدفوعين الأجر وهو أمر لم يستطع كثير من المعتقلين تحمله. ووفقا لقوانين الهجرة كان يحق للمعتقلين الاتصال بمحامين من السجن ولكن إدارة الهجرة والتوطين أمدتهم بقوائم غير دقيقة بأسماء المحامين وأرقام الاتصال بهم، وذكر المؤلف أنه تم نقاش المشاكل التي يتعرض لها المعتقلون بهذا الخصوص في اجتماع حضره وزير العدل، ويقول المؤلف أن أحد حاضري الاجتماع انتقد فكرة "أن تفرط الحكومة في مساعدة المعتقلين على الاتصال بمحامين". ويقول المؤلف بهذا الخصوص أن مسئولي وزارة العدل كانوا يعتقدون بقوة في أن بعض المعتقلين أو بعض من سيعتقلون يريدون قتل مزيد من الأمريكيين لو أتيحت لهم الفرصة أو أنهم يعرفون أشخاص يخططون لذلك. وبالنسبة للمسلمين الحاصلين على الجنسية الأمريكية أو المسلمين الذين لم يكن بوثائق الهجرة الخاصة بهم أية أخطاء تدينهم فكان يتم احتجازهم لجرائم صغيرة مثل الكذب على المحققين، حيث يتم تهديدهم أو مكافئتهم وفقا لحجم المعلومات التي يقدموها عن الإرهابيين. وفي بعض الأحيان وفي حالة عدم توفر أية أدلة تدين هؤلاء الأشخاص وتوافر رغبة قوية لدى السلطات لاحتجازهم كان يتم احتجازهم على أنهم شهود ماديين. ويقول المؤلف أن الحكومة تستطيع احتجاز أية شخص كشاهد مادي إذا ادعى المحققون لدى المحكمة أن الشاهد قد يمتلك معلومات هامة وأنه قد يهرب إذا أفرج عنه. ويقول الكاتب أن وزارة العدل وجدت أنه يمكنها أن تقوم باحتجاز هؤلاء الشهود لفترات مفتوحة لتجبرهم على الكلام دون تقديمهم للشهادة في أية محكمة. وخلال اعتقالهم كان يتم عدم تشجيعهم على عدم الاتصال بمحامين، كما كان يتم استجوابهم دون حضور محاميهم لأنهم لم يكونوا متهمين بأية جرائم. ويقول المؤلف أن روبرت مولر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية كان يشعر بعدم الارتياح للأسلوب الذي تتم به التحقيقات والذي يعتمد بالأساس على احتجاز الأشخاص لأنهم رجال مسلمون على أمل أن يقوم بعضهم بتقديم معلومات، وأن روبرت مولر حاول أن يعبر عن عدم ارتياحه هذا بصورة غير مباشرة لوزير العدل جون أشكروفت إذا ذكر له في أحد المرات أن رجال مكتب التحقيقات الفيدرالية ليسوا معتادين على تعقب أشخاص بدون دليل يثبت سلوكهم الإجرامي. ويقول المؤلف أن أشكروفت رد على مولر بقوله أن ما يتحدث عنه مولر يؤكد ما حاول أشكروفت التأكيد عليه مرات عديدة، وهو أن العالم تغير وأن وظيفتهم أصبحت الحيلولة دون وقوع جرائم جديدة أكثر منه حل جرائم أخرى قديمة، وأن أسلوب تحقيق ذلك – كما ذكره أشكروفت حرفيا في أحد اللقاءات مع مكتب التحقيقات الفيدرالية - هو "اعتقال كل من ينطبق عليهم التوصيف (الصفات العامة للمشتبه فيهم)". كير – واشنطن