إرتبطت الحركات الاحتجاجية التي يمارسها العمال في شكل إضراب تاريخيا بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعاشة، فالإضراب أحد أهم الآليات التي تستخدمها الحركات النقابية، والعمال والموظفون للدفاع عن مصالحهم. يعتبر حق الإضراب أحد الحقوق المشروعة للدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للأفراد والجماعات، وأحد الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية، والتي تندرج ضمن الحقوق الاجتماعية والمرتبطة بممارسة الحرية والحق النقابي-حسب ديباجة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب. وإن كان هذا الحق يستمد شرعيته من القانون الأسمى (الدستور ) من خلال الفصل 14 الذي ينص على أن "حق الإضراب مضمون"، على غرار دساتير وتشريعات الدول الديمقراطية إلا أن ممارسته رهينة باحترام عدد من الشروط والإجراءات اعتبارا لآثاره العميقة على الاقتصاد وسير المرافق. في عدد اليوم، وبمناسبة فاتح ماي الذي احتفلت به شغيلة المغرب أمس الخميس إسوة بباقي عمال العالم، آثرنا أن نذكر بمسودة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب التي خلقت جدلا كبيرا بين النقابات والحكومة، إلا أنها لم تبرح مكانها منذ تم اقتراحها من طرف وزارة التشغيل والتكوين المهني في 1 مارس 2011، كيف يمارس الإضراب كحق دستوري من خلال هذا المشروع؟ وما هي شروط وإجراءات ممارسته؟ حق الإضراب الإضراب هو توقف جماعي واتفاقي مؤقت عن الشغل من أجل الدفاع عن مطالب مهنية، يمارس هذا الحق طبقا للمقتضيات الواردة في هذا القانون التنظيمي في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية وفي المقاولات والمؤسسات الخاضعة لمدونة الشغل، والمقاولات المنجمية والعمل البحري، ومن طرف المشتغلين لحسابهم الخاص، ولا يمكن اللجوء إليه إلا بعد إجراء المفاوضات بشأن القضايا الخلافية، وفي حالة تعذر إجراء أو فشل هذه المفاوضات لسبب من الأسباب، يحق لكل طرف اتخاذ قرار الإضراب طبقا للتدابير والمساطر المتضمنة في هذا القانون التنظيمي. المادة 10 من القانون التنظيمي تمنع على أي شخص المشاركة في إضراب يمارس خلافا لمقتضيات هذا القانون التنظيمي، كما تمنع على المشغلين والأجراء و المنظمات المهنية عرقلة ممارسة حق الإضراب، وتبقى حرية العمل مضمونة بمقتضى هذا القانون التنظيمي، بالنسبة للأجراء أو الموظفين الذين لا يشاركون في الإضراب. يوقف الإضراب عقد الشغل خلال مدة الإضراب، ولا ينهيه إلا في حالة ارتكاب المضرب عن العمل لأعمال العنف أو التهديد، أو إلحاق أضرار جسيمة بالتجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح، أو عرقلة حرية العمل تمت معاينتها من طرف مفوض قضائي أوأدانتها أحكام قضائية، ويكون باطلا بقوة القانون كل شرط تعاقدي أو التزام يقضي بتنازل الأجير عن ممارسة حق الإضراب. لا يسري البطلان المشار إليه في الفقرة السابقة على مقتضيات الاتفاقيات الجماعية أو الاتفاقات الناتجة عن المفاوضة الجماعية التي تقضي بتعليق أو بالتنازل عن حق الإضراب خلال مدة محددة ، شريطة أن تتضمن هذه الاتفاقيات مقتضيات خاصة تحدد المساطر التي يمكن استعمالها لحل "كل نزاع جماعي يحدث خلال مدة تعليق الإضراب". ويمكن تعليق ممارسة حق الإضراب خلال مدة سريان اتفاقية شغل جماعية أو الاتفاقات الناتجة عن المفاوضة الجماعية، ولا ينطبق هذا التعليق على خلافات جديدة لا تدخل ضمن البنود المتفق عليها أو عند إخلال المشغل بالتزاماته. يمنع كل إجراء تمييزي يقوم على ممارسة حق الإضراب يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة في مجال الشغل و التشغيل أو تعاطي مهنة، لاسيما فيما يتعلق بإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين المستمر والأجر والترقية والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية أو اتخاذ التدابير التأديبية أو الفصل من الشغل، كما يمنع على المشغل، خلال مدة الإضراب، أن يحل محل المضربين أجراء لا تربطهم بالمؤسسة أية علاقة تعاقدية قبل تاريخ تبليغه بقرار الإشعار بالإضراب، ويمنع في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية إحلال أشخاص محل الموظفين المضربين خلال مدة سريان الإضراب، كما يمنع كل إضراب لا يهدف إلى تحقيق مطالب مهنية أو الدفاع عنها. شروط ممارسة الإضراب يتخذ قرار شن الإضراب على الصعيد الوطني والقطاعي العام أو الخاص، من لدن النقابات الأكثر تمثيلا التي تستوفي الشروط المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، ويتخذ على مستوى الجهة أو العمالة أو الإقليم أو الجماعة المحلية ،أو المرفق العمومي أو المؤسسة العمومية أو الشبه العمومية ذات الطابع الإداري من طرف النقابات الأكثر تمثيلا. يتخذ قرار شن الإضراب على مستوى المقاولة أو المؤسسة من لدن النقابات الأكثر تمثيلا أو المكاتب النقابية، أو من طرف لجنة الإضراب في حالة عدم وجود تمثيلية نقابية، ويتعين-حسب المادة 18 من هذا المشروع قبل شن الإضراب تمكين المشغل أو من ينوب عنه بالقطاع الخاص أو رؤساء الإدارات العمومية والشبه عمومية أو الجماعات المحلية من مهلة إخطار لا تقل عن 10 أيام كاملة، لا يحتسب اليوم الأول والأخير منها. وتخفض مهلة الإخطار إلى 48 ساعة، إذا كان سبب الإضراب راجعا إلى عدم أداء الأجور، أو وجود خطر حال يهدد صحة وسلامة الأجراء أو الموظفين. يبدأ سريان مهلة الإخطار المشار إليها في الفقرة السابقة من اليوم الموالي لتاريخ تبليغ قرار الإضراب إلى المشغل أو من ينوب عنه أو رؤساء الإدارات المعنية. يجب على كل جهة قررت شن إضراب أن تبلغ قرار الإضراب إلى مشغلها أو إلى الجهة الوصية على القطاع بالنسبة للمشتغلين لحسابهم الخاص و يتم هذا التبليغ يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التبليغ القانونية، فيما يبلغ قرار شن الإضراب العام الوطني في القطاعين العام والخاص والشبه عمومي إلى رئيس الحكومة ووزير الداخلية والوزير المكلف بالتشغيل والوزير المكلف بالوظيفة العمومية. تتولى الجهة الداعية إلى الإضراب، أثناء سريان الإضراب مهمة التفاوض حول الملف المطلبي وتأطير الأجراء المضربين، والسهر باتفاق مع المشغل، على ضمان استمرار الخدمات الضرورية لسلامة الأشخاص وأماكن الشغل والتجهيزات والمواد وسائر الخدمات اللازمة لاستئناف الشغل لاحقا، وفي حالة تعدد المكاتب النقابية يتم إحداث تنسيقة نقابية تتكون من عدد متساوي من المندوبين النقابيين، وتتولى مهمة التفاوض مع المشغل . ويمكن استئناف الإضراب، في حالة توقيفه من طرف الجهة التي دعت إليه خلال مدة التفاوض حول الملف المطلبي، دون التقيد بمهلة الإخطار المنصوص عليها في المادة 18 من هذا القانون التنظيمي، وذلك إذا أخل المشغل بالالتزامات المتفق عليها، أو إذا لم تسفر المفاوضات على نتائج ، داخل أجل 30 يوما من بدء المفاوضة.