ثمة حاجة إلى تأمل بعض المواقف التي صدرت عن بعض الأطراف بخصوص جريمة القتل الإرهابية التي راح ضحيتها الطالب عبد الرحيم الحسناوي، إذ في الوقت الذي كان ينتظر فيه من بعض القوى السياسية التي ذاقت الكثير من إجرام وعنف تيار "النهج الديموقراطي القاعدي" الإرهابي أن تعبر عن إدانتها للعنف و إرهاب هذا الفصيل، استغلت الفرصة للشماتة في التيار الذي ينتمي إليه الشهيد عبد الرحيم الحسناوي وحملت مسؤولية ما حدث لمنظمة التجديد الطلابي التي همت باستضافة الدكتور عبد العلي حامي الدين. فلأول مرة يصدر من حزب سياسي، ذاقت منظمته الطلابية الويلات من هذا الفصيل الإرهابي، وكانت إلى عهد قريب توصم من طرفه بالاتحاد العالم لطلبة الصفر، وطلبة "الكاراج" وتتعرض على مسار طويل لعنف ممنهج وقمع وعنف وإقصاء من هذا الفصيل بالذات، لأول مرة يصدر من هذا الحزب تبرير للجريمة وتبرئة للمجرم وإلقاء المسؤولية على الضحية. نحن إذن بإزاء موقفين خطيرين، الأول يحاول تبييض الجريمة الإرهابية بزعم أن الأمر يتعلق بعنف فصائلي، هكذا بتعويم مطلق يشتم منه رائحة تبرئة هذا الفصيل الإرهابي، والثاني يحاول أن يلتمس لها الأعذار ويكيفها على أساس أنها رد فعل على استفزاز منظم وممنهج. الخطير في الأمر، أن الجهات التي صدرت منها هذه المواقف، سواء منها التي تقوم بتبييض الجريمة الإرهابية، أو التي تبرر الجريمة وتلتمس للمجرمين الأعذار، أن كلاهما لم يلتفت إلى بيانات الفصيل الإرهابي، التي سبقت ارتكاب الجريمة، أو التي أعقبتها، فالبيان الذي أصدره هذا الفصيل الإرهابي يوم الأربعاء الماضي واضح في إعلان التهديد والوعيد بأنه سيقوم بتصفية جسدية دموية لمناضلي منظمة التجديد الطلابي إن هم هموا بتنظيم نشاط ثقافي بالجامعة، والبيان الثاني الذي صدر عقب الجريمة، لا ينفي فيه الفصيل الإرهابي عن نفسه الجريمة، وإن كان يلبس الدولة المغربية مسؤولية قتل عبد الرحيم الحسناوي، ويعتبر أن الأمر من تدبيرها وفبركتها! هي مفارقة كبيرة، أن تتوافر كل القرائن القبلية والبعيدة على ثبوت الجريمة في حق هذا الفصيل الإرهابي، و يلجأ بلاغ ولاية الأمن بفاس إلى نوع من التبرئة لهذا التيار من خلال تعويم ملابسات الحادث وتكييفها بكونها صراع فصائلي هذا في الوقت الذي يلبس هذا الفصيل الإرهابي التهمة إلى الدولة المغربية، بل الأنكى من ذلك أن نجد من الأحزاب السياسية من يبرر الجريمة ويلتمس لها الأعذار في سابقة غير معهودة في تاريخ المغرب السياسي. الآن، وبعد صدور هذه المواقف الملتبسة التي تبيض الجريمة من جهة، وتبررها من جهة أخرى، يمكن القول بصريح العبارة وبدون التواء، إن هذه المواقف الخطيرة تعطي المبرر لهذا الفصيل الإرهابي للقفز إلى الأمام، والتجرؤ لاتهام الدولة المغربية بارتكاب الجريمة، بل إن هذا التيار وجد الفرصة لإعلان مظلوميته أمام استهدافات الدولة له! فما دام الأمر يتعلق بصراع فصائلي، وما دام الأمر يتعلق بفصيل له مظلومية، يتعرض للاستفزاز من قبل منظمة طلابية، دائما حسب توصيف وتكييف هذه المواقف الخطيرة، فإن هذا الفصيل لن يتردد اليوم وغدا في ارتكاب جرائم أخرى والاختباء مرة وراء الصراعات الفصائلية، ومرة أخرى وراء اتهام الدولة المغربية. نحتاج اليوم إلى موقف واضح وصارم يتجاوب مع التعليمات الملكية في إنهاء العنف في الجامعة والضرب بيد من حديد على يد كل من يستبيحه في فرض هيمنته على الجامعة أو تدبير الخلاف مع المكونات الأخرى، إذ لم يعد اليوم مسموحا أن يتم ارتكاب الجريمة، ويتم تلطيخ سمعة الدولة وصورتها الحقوقية باتهام مجاني لها، ثم تأتي ولاية الأمن بفاس لتبييض الجريمة، ويأتي حزب الاستقلال على لسان جريدة "العلم" لتبريرها نكاية في حزب أو تيار مجتمعي يريد أن يصفي حساباته السياسية معه.