أكد الشيخ الدكتور (محمد بشار الفيضي) الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين إن ما يجري اليوم في محافظة الأنبار بصورة عامة ومدينة الفلوجة بشكل خاص، وفي باقي المحافظات الاخرى، يعد حرب إبادة جماعية تقترفها الحكومة الحالية باستخدامها كافة أنواع الأسلحة المتوفرة لديها. واوضح الشيخ (الفيضي) في كلمة القاها خلال المؤتمر الثامن عشر للحقوقيين الديمقراطيين الذي عقد يوم الأربعاء 16 أبريل 2014 في العاصمة البلجيكية بروكسل تحت عنوان: (المحاسبة والعدالة للعراق) ان قصف المدن ومنازل المواطنين العزّل بالطائرات المروحية والمدافع الثقيلة والدبابات، تسبب حتى الآن في مقتل اكثر من ألفي مدني واصابة ما يزيد على خمسة آلاف آخرين، اضافة الى نزوح اكثر من نصف مليون مواطن من مدنهم وقراهم بمحافظة الانبار. واستعرض (الفيضي) الجرائم الوحشية والاعتقالات العشوائية والممارسات التعسفية التي اقترفتها حكومة المالكي واجهزتها القمعية خلال السنوات الماضية نتيجة السياسة الطائفية التي تنتهجها هذه الحكومة ضد ابناء الشعب العراقي، ولا سيما في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين والمناطق المحيطة بالعاصمة بغداد .. مشيرا الى ان العام الماضي فقط شهد مقتل سبعة الاف و (818) مدنياً، واصابة (17) ألف و(981) آخرين بجروح مختلفة وفقا لتقارير بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ، كما شهد العام نفسه اعتقال (15) ألف و (593) مواطنا خلال (1531) حملة دهم وتفتيش معلنة، اضافة الى انعدام مستوى الخدمات بالرغم من الميزانية الهائلة للعراق التي لا تقل سنويا عن (100) مليار دولار، وانتشار آفة الفساد ونهب المال العام وسيطرة الميليشيات على الأجهزة الأمنية الحكومية. وقال: بعد أن وصل اليأس إلى كل العراقيين وتبدد الأمل في الإصلاح، انطلق حراك شعبي في (16) محافظة عراقية من أصل (18) ثمانية عشر يوم الخمس والعشرين من شباط عام 2011 منتفضا وممارسا لحقه وفقا للدستور المتّبع في التظاهر والمطالبة بالإصلاح، لكنه جوبه من قبل الحكومة بالحديد والنار، وتم قمع تلك الانتفاضة بالقوة، واستهدفت قياداتها قتلا واعتقالا وملاحقة في ظل صمت غريب من المجتمع الدولي، ثم انتفض العراقيون ثانية يوم الثالث والعشرين من كانون الاول عام 2013، في ست محافظات مطالبين بحقوق مشروعة بينها إيقاف الاعتقالات العشوائية، والقضاء على التهم الكيدية، وإطلاق سراح المعتقلين الابرياء من النساء والرجال، وإلغاء المادة (أربعة إرهاب) التي اصبحت سيفاً مسلطاً على كل من لا يتفق مع سياسات هذه الحكومة من العراقيين، وإلغاء عقوبة الإعدام التي احتل العراق فيها مرتبة متقدمة بين دول العالم. واشار الشيخ (الفيضي) الى انه بدلا من أن تستجيب حكومة المالكي لمطالب المعتصمين والمتظاهرين المشروعة، اتهمتهم ومنذ الشهر الأول بأنهم إرهابيون، كما هاجمتهم في أكثر من مكان، وقتلت ما لا يقل عن (100) منهم واصابت أكثر من (200) آخرين بجروح في هجمات وحشية على ساحات الاعتصام السلمية ولا سيما في مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار وقضاء الحويجة بمحافظة التأميم والمحتشدين في جامع سارية بمحافظة ديالى. واوضح الناطق الرسمي باسم الهيئة ان المالكي نفذ تهديداته للمعتصمين بمحافظة الانبار وذلك باقتحام قواته ساحة الرمادي فجر الثلاثين من كانون الاول الماضي واطلاق النار على المعتصمين فيها وقتل عدد منهم، واصابة عدد آخر؛ ما اضطر عشائر المحافظة إلى الدفاع عن أبنائها المعتصمين، حيث انطلقت شرارة الثورة ضد حكومة المالكي الطائفية الفاسدة، التي تكبدت خسائر فادحة بالارواح والمعدات العسكرية .. مشيرا الى ان العشائر المنتفضة لجأت إلى تأسيس مجالس عسكرية للثوار ووضعت على رأس إدارتها ضباط كفوئين من الجيش العراقي السابق، وذلك لتنظيم الدفاع عن المحافظة؛ والحفاظ على الأمن والقانون والنظام والممتلكات العامة والخاصة. وفي ختام كلمته، لفت الشيخ (محمد بشار الفيضي) الانتباه الى عدة ملاحظات مهمة، بينها اتساع الأعمال العسكرية وانتشار المعارك في عدة محافظات، وتنامي قوة المجالس العسكرية لثوار العشائر، وبروز حالة التحالف بين المجالس العسكرية والبيئات الشعبية الحاضنة لها، وتراجع القوات الحكومية بسبب الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي منيت بها، وازدياد الفجوة بين الأجنحة السياسية والكتل والقوى المشكلة للحكومة الحالية وتصاعد حدة الاتهامات بينها، واقتراب المعارك من العاصمة بغداد، اضافة الى انعدام فرص إجراء الانتخابات المقبلة بشكل كبير في محافظتي الأنبار وصلاح الدين، وإلى حد ما في محافظات نينوى والتأميم وديالى. وفي ما يلي نص كلمة الشيخ بشار الفيضي: يشهد العراق منذ سنوات في ظل حكم (نوري المالكي) تطورات خطيرة، فالعنف يتنامى بصورة غير مسبوقة، والحكومة تنتهج سياسة طائفية واضحة المعالم، وتستخدم القوة المفرطة في حق أبناء الشعب العراقي، ولاسيما مناطق بعينها، مثل الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين المناطق والمحيطة ببغداد، (حزام بغداد)، حتى بلغت حملات الاعتقال الحكومية لسنة 2013 فقط وبحسب بيانات رسمية صادرة عن الحكومة نفسها (1531) حملة تمخض عنها اعتقال (14593) مواطناً، عدا آلاف الحملات غير المعلنة. أما عدد القتلى فقد قالت بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق (يونامي) إن عام 2013 هو الأعنف منذ عام 2008؛ حيث شهد مقتل (7818) مدنياً، وجرح (17981) آخرين، رافق ذلك تدني في مستوى الخدمات وانعدامها بالرغم من الميزانية الهائلة للعراق التي لا تقل سنويا عن مائة مليار دولار، وكذلك انتشار الفساد ونهب المال العام وسيطرة الميليشيات على الأجهزة الأمنية. وبعد أن وصل اليأس إلى كل العراقيين وتبدد الأمل في الإصلاح انطلق حراك شعبي في ستة عشر محافظة عراقية من أصل ثمانية عشر في 25/2/2011 منتفضا وممارسا لحقه وفقا للدستور المتبع في التظاهر والمطالبة بالإصلاح، ولكنه جوبه من قبل الحكومة بالحديد والنار، وتم قمع تلك الانتفاضة بالقوة، واستهدفت قياداتها قتلا واعتقالا وملاحقة في ظل صمت غريب من المجتمع الدولي . بيد أن الظلم الذي يسيطر على الحياة في العراق، هو النبع المغذي للاعتصامات؛ وعليه - وفي ظل الحكومة الحالية - لا يمكن أن يجف هذا النبع، لأنها لم تعترف بوجود الإنسان العراقي، قبل أن تعترف له بأية حقوق إنسانية وقانونية ودستورية؛ لذلك ما لبث أن انتفض العراقيون ثانية، وهذه المرة في ست محافظات منذ 23/12/2013 مطالبين بحقوق مشروعة وداعين للعدل وإحقاق الحق بشكل سلمي حضاري، وهذه المحافظات هي بغداد، صلاح الدين، ديالى، نينوى ومناطق عراقية أخرى لا يقل عدد سكانها مجتمعة عن 18 مليون نسمة، كلّها تطالب بحقوق أساسية مستخدمة الأسلوب السلمي الهادئ. وكانت من مطالب تلك الجماهير إيقاف الاعتقالات العشوائية، والقضاء على التهم الكيدية، وإطلاق سراح مئات الآلاف من المعتقلين من النساء والرجال وفق قانون المخبر السري سيء الصيت الذي يمكن بموجبه زج المواطنين في السجون وتوجيه التهم لهم دون دليل بذريعة التستر على المصدر، وإلغاء المادة أربعة إرهاب، التي صارت سيفاً مسلطاً على كل من لا يتفق مع سياسات الحكومة من العراقيين، وإلغاء عقوبة الإعدام التي يحتل العراق فيها مرتبة متقدمة في نسبة الإعدامات الى الحد الذي قالت منظمة العفو الدولية في أحدث تقرير لها (ان الاستمتاع بالقتل لدى إيرانوالعراق تسبب في ارتفاع عالمي حاد في عدد عمليات الإعدام التي نفذت في سنة 2013). ووفقا للمعلومات المؤكدة للأمم المتحدة وتلك المنظمات، فان أحكام الإعدام صدرت ونفذّت دون محاكمات عادلة وخاصة في حق أبناء السنة منهم، وغير ذلك من المطالب الهادفة الى إشاعة روح العدل والإنصاف بين كافة مكونات الشعب العراقي. لم تستجب حكومة المالكي للمطالب بل على العكس اتهمت المتظاهرين منذ الشهر الأول بأنهم إرهابيون، وهاجمتهم في أكثر من مكان في الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين وقتلت ما لا يقل عن (100) متظاهر وجرحت أكثر من (200) في هجمات وحشية على ساحات الاعتصام، ونخص بالذكر هنا الهجوم على ساحة اعتصام الفلوجة في شباط / فبراير 2013، والهجوم على ساحة اعتصام الحويجة بمحافظة التأميم في نيسان / ابريل 2013، والهجوم على المحتشدين في جامع سارية بمحافظة ديالى في مايس 2013، إضافة إلى هجمات أخرى متفرقة. وبالرغم من هذا البطش الحكومي؛ بقيت ساحات الاعتصام تمارس نشاطات سلمية لا غبار عليها واقعياً وقانونياً، وهنا بدأت الحكومة - وبدون خجل - توجيه التهم الباطلة إلى ساحات الاعتصام، فتارة تقول: إن فيها مسلحين، وتارة تقول إنها خُطفت من قبل الإرهابيين، والجميع يعلم ان ما كان يشغل الحكومة هو كيف تقضي على هذه الساحات قبل الانتخابات البرلمانية المقررة هذا العام، لحسابات شخصية وانتخابية!. وعلى الرغم من أن جميع الساحات تعهدت للحكومة بخلوها من أية مظاهر مسلحة، وطلبت من الحكومة إرسال فرق من قبلها لتفتيش الساحات، والتأكد بنفسها من ذلك، إلا أن الحكومة ظلت ترفع تهديداتها للمعتصمين وشاع في وسائل الإعلام تهديد رئيس الوزراء لهم: انتهوا قبل أن تنهوا!.، وقوله في حق المعتصمين: (هؤلاء فقاعة) وقوله: (بيننا وبينهم بحر من الدماء). ثم جاء وقت تنفيذ التهديدات، وبدأ القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء نوري المالكي نفسه) يرسل الأفواج والألوية العسكرية إلى محافظة الأنبار، وحتى لا يثير حفيظة أهلها زعم انه سيقوم بحرب ضد مجموعات لتنظيم القاعدة في صحراء الأنبار، وبعد أن أنهى تحضيراته، بدأ معركته فعلا في الصحراء، ولكنه لم يتم بضعة أيام، حتى ترك الصحراء وانعطف إلى محافظة الأنبار ليهاجم خيم الاعتصامات بقوة الجيش، وقوات سوات ويطلق النار على العشائر التي كانت تحتضن هذه الاعتصامات؛ فقتل عدداً من المعتصمين، وجرح عدداً آخر؛ مما اضطر العشائر في محافظة الأنبار إلى الدفاع عن أبنائها المعتصمين؛ وبهذا يكون المالكي قد دفع بالعشائر العربية الأصيلة لخوض صراع مع قواته كان بالإمكان تجنبه بقليل من الحكمة والإنصاف. تطورات سريعة شهدتها محافظة الأنبار منذ أن أقدمت قوات الجيش التابعة للمالكي في الثلاثين من ديسمبر/ كانون الاول الماضي، على مهاجمة ساحة الاعتصام في الرمادي وانطلاق شرارة الثورة بين أبناء العشائر ضد حكومة المالكي الطائفية الفاسدة، وفور اندلاع الثورة بالرمادي بدأت حالة من الذعر بين قوات المالكي وبدأوا بالهروب من المدينة مرتدين ملابس مدنية، ما يؤكد عدم قناعة هذه القوات بقتال أهليهم، وقام قسم منهم بتسليم نفسه للعشائر التي قامت باحتضانهم، وإكرامهم في مضايفها، وتقديم ملابس مدنية لهم، طالبة منهم مغادرة المدينة وعدم الاشتراك مرة أخرى مع قوات المالكي في مهاجمة أبناء وطنهم، فهم أصحاب حق، ولم يطلبوا من المالكي سوى حقوقهم الطبيعية كعراقيين في هذا البلد، كان هذا عكس ما فعله جيش المالكي في إيذاء وإهانة جرحى ثوار العشائر، وإحراق جثث شهدائهم وسحلها في الأرض وإهانتها بالأقدام. وفي اليوم التالي أي في الأول من كانون الثاني الماضي عقد الثوار اجتماعا مع عدد من الضباط والوجهاء وعلماء الدين الذين أكدوا دعمهم للثورة وثوار العشائر في حقوقهم المشروعة، في خطوة تؤكد اتفاق جميع العراقيين على الخلاص من الأوضاع الشاذة التي خلفتها السياسة الإقصائية الطائفية لحكومة المنطقة الخضراء، وقد لجأت العشائر مع انطلاق الثورة إلى تأسيس مجالس عسكرية للثوار؛ وضعت على رأس إدارتها ضباط كفوئين من الجيش العراقي السابق، وذلك لتنظيم الدفاع عن المحافظة؛ وللحفاظ على الأمن والقانون والنظام والممتلكات العمومية والخاصة. ويمكن القول انه على الصعيد الميداني منيت قوات المالكي بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وبدت تلك القوات مرتبكة بسبب المقاومة التي لقيتها في الأنبار، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة لا يبدو أنها تفكر في حل سلمي، ففي كل يوم ترسل التعزيزات العسكرية تلو التعزيزات، بل أخذت بقصف المدنيين بالطائرات والمدافع الثقيلة، وقد أدت هذه السياسة الخاطئة للحكومة الحالية في العراق في التعامل مع العشائر إلى اتساع دائرة الثورة لتشمل الموصل وصلاح الدين وديالى وبابل والتأميم وحتى العاصمة بغداد. إن ما يجري في الفلوجة اليوم، وعموم محافظة الأنبار فضلاً عن باقي المحافظات؛ هي حرب إبادة جماعية استخدمت فيها الحكومة الحالية كافة أنواع الأسلحة المتوفرة لديها؛ فهي تضرب منازل المدنيين العزل بالطائرات المروحية والمدافع الثقيلة، ومدافع الدبابات، وتسبب قصفها المدن حتى الآن في قتل ما يزيد على ألفي مدني من أهالي الفلوجة وغيرها، وجرح أكثر من خمسة آلاف، وتهجير ما يزيد على نصف مليون نازح، ورغم ذلك فإن الثورة مازالت مشتعلة، والثوار عازمون على نيل حقوقهم مهما كلف الثمن. أما الجواب عن السؤال المهم .. العراق إلى أين؟!، فالأمور بحسب توقعاتنا؛ سائرة في اتجاه التصعيد وليس متوقعا بعد اتساع الأعمال العسكرية وانتشار المعارك في عدة محافظات تراجعها. ويمكن بوضوح الآن ملاحظة الآتي: 1 تنامي قوة المجالس العسكرية المتكونة من (ثوار العشائر ومجموعات من فصائل المقاومة وعدد من ضباط الجيش العراقي السابق). 2. تراجع القوات الحكومية وانحسار فعلها القتالي بسبب الخسائر الكبيرة التي منيت بها في الأفراد والمعدات. 3 بروز حالة التحالف بين المجالس العسكرية والبيئات الشعبية الحاضنة لها، ومظهر ذلك تعاون العشائر مع المجالس ودعمها لوجستيا. 4 ازدياد الفجوة بين الأجنحة السياسية والكتل والقوى المشكلة للحكومة وتصاعد حدة الاتهامات بينها، وتحميل الشركاء الرئيسيين لحزب الدعوة فيها المسؤولية للمالكي عما آلت إليه الأوضاع. 5 اقتراب المعارك من العاصمة بغداد بشكل ملحوظ، ولاسيما بعد استهداف مطار بغداد المتكرر والمنطقة الخضراء في وسط العاصمة. 6 انعدام فرص إجراء الانتخابات بشكل كبير في محافظتي الأنبار وصلاح الدين ، وإلى حد ما في محافظات نينوى والتأميم وديالى. وقد تلجأ الحكومة الحالية في العراق إلى إجراء انتخابات رغم اندلاع الثورة في ما يشكل نصف مساحة العراق لتضيف إلى الانتخابات الهزيلة أصلا مهازل أخرى، وقد يلجأ المالكي إلى إعلان حالة الطوارئ ليستمر في الحكم لسنتين قادمتين، ومن دون شك فإن المالكي سينتظر المشورة الإيرانية بهذا الصدد، لأن القناعة لدى الشعب العراقي كله أن الحاكم الفعلي للعراق هم الإيرانيون، وأن المالكي تبع لهم ويعمل جزء من المشروع الإيراني الكبير في المنطقة.