يتزامن اليوم الوطني للمعاق مع 30 مارس من كل سنة، وهذه السنة يتزامن هذا اليوم مع مسيرة وطنية للتضامن مع الشعب العراقي الأبي، ولعل الشخص المعاق سيتصدر الصفوف الأولى، ليعبر عن تضامنه مع أخيه العراقي الذي ينزل به الطغاة الأمريكيون أقسى جرائم البشرية. "التجديد" حاورت الأستاذ محمد الكتاني، مترجم لغة الإشارة للصم والبكم بالتلفزة والإذاعة المغربية، ونائب رئيس الرابطة الأخوية للصم والبكم وعضو الاتحاد الوطني للأشخاص الصم، وعضو الفيدرالية الوطنية للأشخاص الصم، وخبير محلف للغة الإشارة لدى المحاكم المغربية. في هذا الحوار يحدثنا الأستاذ محمد الكتاني عن دور الإعلام في التعريف بحقوق الشخص المعاق، وعن أهم المشاكل التي تعترضه، والسبل التي يمكن من خلالها تأهيل المعاق والحفاظ على حقوقه كفرد داخل المجتمع المغربي، ويعطينا الأستاذ رأيه في الولوجيات وأنشطة المجتمع المدني، ويتحدث عن بعض التجارب ببعض الدول الأوروبية في تطوير لغة الإشارة. كيف تنظرون إلى قانون الولوجيات الذي صادق عليه البرلمان أخيرا؟ نلاحظ أخيرا اهتمام المجالس البلدية والجماعات المحلية بالولوجيات، لأن الدولة أصبحت تعطيها اهتماما، غير أنه ينبغي الاهتمام بولوجيات الشخص الكفيف، لأن طبيعة إعاقته صعبة، كما أنه توجد في بعض الدول العربية والأوروبية ولوجيات خاصة بالصم، وتكون عبارة عن صور وإشارات معينة يفهممنها، وتكون الولوجيات في مجموعة من المرافق مثل المحطات والأبناك وسائر المؤسسات العمومية، ليتسطيع المعاق ممارسة حياته بشكل طبيعي، وبالنسبة للمغرب لا يمكن حل مشكل الولوجيات في آن واحد، ونلاحظ بعض التغير في بعض المؤسسات العمومية، حيث بدأت تخصص أماكن للشخص المعاق ليستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي، أما مشروع قانون الولجيات الذي صادق عليه مجلس النواب، فمع الأسف يوجد فيه بند تطبيق الولوجيات في البنايات التي ستستحدث قريبا، مع العلم أن مشكل الولوجيات كان مطروحا من قبل، وكان ينبغي أن يخرج القانون قبل ذلك، ويلزم جميع المؤسسات والأماكن العمومية أن تحتوي على ولوجيات، أما رد فعل بعض الجمعيات تجاه قانون الولوجيات فهو رد طبيعي، لأن الجمعيات تسعى لتوفير حقوق الشخص المعاق، فلابد إذن من توفر ولوجيات تمكن المعاق من قضاء أغراضه دون اعتماد على شخص آخر لأن اعتماده على فرد آخر يؤثر على نفسيته. بنظركم ما هي أهم المشاكل التي يعيشها الشخص المعاق؟ أول مشكل هو إحساسه بالإعاقة، فالله عز وجل عندما يبتلي إنسانا ينبغي أن يكون إيمانه قويا ويحمد الله عز وجل على إصابته، لكن رغم ذلك فعندما يرى إنسانا سويا فإنه لا محالة يشعر بالنقص، أما المشاكل الأخرى فهي مشتركة مع سائر الناس، فهو يعيش مشكل التمدرس، خاصة إذا كانت الإعاقة في مرحلة سنية متقدمة، ومشكل التطبيب، إضافة إلى التشغيل، رغم أنها أزمة عامة. وبخصوص المعاقين، فالدولة خصصت نسبة 7% من المعاقين يتم توظيفهم، ولقد التزم القطاع العام بتشغيلهم وكذا القطاع الخاص، وذلك حسب تخصصهم. ما هو تقييمكم لحضور قضية المعاق في وسائل الإعلام؟ سبق لوزارة الطفولة ورعاية الأسرة وإدماج المعاق تنظيم المنتدى الثاني للإعاقة والإعلام يوم 27 أبريل 2002، وقد انتهى إلى توصيات عديدة، ومن بينها التعريف بالشخص المعاق من خلال تنظيم برامج إعلامية خاصة وقارة، ثم ضرورة انفتاح الجرائد الوطنية على مواضيع حقوقية خاصة بالشخص المعاق، وكذلك ضرورة اعتماد لغة الإشارة خلال بث البرامج والأخبار التلفزية لضمان حق الشخص المعاق في الإعلام، وحث جميع المنابر الإعلامية لإعطاء أهمية لإشكالية الإعاقة، هذه بعض التوصيات التي خلص إليها المنتدى من أجل تغيير مجموعة من السلبيات، وذلك من أجل مساعدته، ونجد أن هناك برامج خاصة بالمعاقين في بعض القنوات الفضائية، ويعمل المذيعون على تحديث الوسائل الإعلامية بما يعطي للشخص المعاق حقه في الإعلام، فينتجون برامج رياضية وثقافية واجتماعية، ومن خلال بعض البرامج تجسد مشاكل تفوق مشكل المعاق، ويشعر حينها الشخص المعاق أن حالته هينة مقارنة مع الواقع، فمثلا عرض برامج الحروب وإعاقات متنوعة، حينها يدرك المعاق أن وضعه أحسن بكثير، وكذلك عرض برامج ترفيهية للترويح عن نفسه، وبرامج تثقيفية تراعي ميولاته واهماماته، وبرامج رياضية، والإعلام له دور أساسي في التبليغ، ومن خلال وسائل الإعلام يمكن إخراج المعاق من عزلته، والإعلام قد يساهم في النهوض بأوضاع المعاق أو طمسها نهائيا. الإعلام السمعي البصري أكثر انتشارا، كيف ترون تعاطيه مع إشكالية الإعاقة؟ كنا دائما ننادي في كل ندوة أو ورشة شاركنا فيها بأن إعلامنا لم يعط الحق للشخص المعاق بصفة عامة والشخص الأصم بشكل أخص، وبحكم تجربتي، فعند زيارتي لهولندا أخيرا، وجدت هناك قناة خاصة للصم والبكم تبث برامجها بلغة الإشارة، وهناك قناة للأخبار، وبها كتابة من أسفل حتى يستطيع الأصم الذي يعرف القراءة أن يتابع، لأنه عند وجود الكتابة لا يحتاج للإشارة، أما الذين لم يدرسوا فلا بد من اعتمادهم على لغة الإشارة، ودائما تطرح علي أسئلة من قبل المهتمين، من قبيل: لماذا لم تستطيعوا إعداد أخبار أو برامج بلغة الإشارة مثل بعض الدول العربية كتونس وليبيا؟ فيكون جوابي أني مجرد موظف إعلامي لا يمكن أن أقرر في شيء، فينبغي أن يتخذ القرار الذين أسندت لهم أمور تسيير البلاد ولهم نفوذ. كيف تقيمون عمل المجتمع المدني؟ يوجد عدد لا بأس به من الجمعيات تهتم بكل أنواع الإعاقة السمعية منها والبصرية والحسية، حسب علمي فلا يمكن أن أجزم أن كل هذه الجمعيات تشتغل بنية سليمة تجاه الشخص المعاق. توجد جمعيات فعالة وتشتغل في الميدان، ويضحي أعضاؤها ويبتكرون أشياء جديدة في سبيل خدمة الشخص المعاق، وقانون الجمعيات ينبغي أن نعيد النظر فيه من حيث طبيعة الأشخاص المؤسسين للجمعيات، وندرك ميولاتهم وصفتهم الأخلاقية، وهي الأساسية، فينبغي أن يكون مؤسس الجمعية يتمتع بروح إنسانية ثم يكون ذا أخلاق حميدة، لأن الجمعية ستتعامل مع أفراد يتطلعون لمستقبل جيد، فمؤسسو الجمعيات ينبغي لهم أن يعملوا بكل جد وثقة وأمانة، لأنهم يتعاملون مع أفراد لهم خصوصيتهم، وليست كسائر الجمعيات التي يكون روادها أسوياء، فمثلا المعاق ذهنيا، فإنه يبقى تحت رحمة مسؤول الجمعية، وهو الذي يسأل عن متطلباته، ويبقى المعاق مجرد أمانة، كذلك الأصم الذي يجلس مع مجموعة من الناس تتكلم ويبقى جالسا دون إدراك ما يدور حوله، لذلك يبقى الشخص المسؤول هو الذي ينبغي أن يفكر في احتياجات المعاق، وعموما نجد بعض الجمعيات هي مجرد حبر على ورق تملأ تقاريرها بأنشطة لا تطبق، فتكون بذلك تكذب على المعاق للوصول إلى أهداف شخصية. إلى أي حد يمكن اعتبار برنامج التأهيل المجتمعي ملائما للمغرب؟ حسب علمي هناك تجربة ناجحة بمدينة الخميسات، أعطت نتائج مهمة، لأن تمويل المشاريع الصغرى للمعاقين حقق نتيجة يمكن تلخيصها في كون الشخص المعاق استطاع أن يخرج من البيت، لأن المعاق دائما له رغبة في الاعتماد على ذاته وإبراز قدراته ومواهبه، وتمويله لإعداد مشروع صغير يشعره بأنه عضو نافع داخل المجتمع، وأظن أن برنامج التأهيل المجتمعي لو استمر بهذه الطريقة سيعطي نتائج إيجابية لا محالة، لكن شرط أن يكون مسؤولو الجمعيات يتوفرون على كفاءة وتكون لهم إنسانية، فهناك من له إعاقة ويملك عزة نفس لا يقبل أن يمد يده للغير، فهذه النتائج تحتاج لمن يساعدها، في حين نجد آخرين يحترفون التسول، لأن الشخص المعاق لا يقبل الشفقة بل يريد الاعتماد على ذاته. كيف يمكن تأهيل المعاق اقتصاديا؟ ينبغي أولا تكوين المعاقين وتأهيلهم لإنجاز المشاريع، حتى يستطيعوا الإنتاج، ولابد من إنشاء مراكز لتكوين المعاقين حسب إعاقتهم، وحسب ميولاتهم، وهناك مراكز تخصص مبالغ شهرية بسيطة للمعاقين لتكوينهم، وبعد التكوين يكون مشروع للعمل فيه وتتم متابعته. إلى أي حد يستفيد المعاق من لغة الإشارة، وهل كل الصم والبكم يفهمون مغزى الإشارة أثناء تقديم برامج التلفزة المغربية؟ هذا السؤال طرح عدة مرات، ونظمت المندوبية السامية للأشخاص المعاقين يوما دراسيا، فأصدرت كتابا حول توحيد لغة الإشارة بالمغرب، فبعد اليوم الدراسي تم تكوين لجنة مصغرة لتهييء دليل إشارات موحدة بالمغرب، وتم استدعاء الجمعيات المهتمة بالصم، وكانت حينها 13 جمعية، فاستفاد الذين حضروا من تكوين لمدة أسبوعين، وكان من بين الإشكالات اختلاف الإشاراة بين المدن، ولكن كان الهدف هو توحيد لغة الإشارة للتواصل مع الصم، وقامت اللجنة إلى جانب الجمعيات لتدارس لغة الإشارة التي بلغت 1500 كلمة، وتنقسم إلى 12 موضوعا، وكل موضوع يتكلم عن البيت والمدرسة والأفراد والمؤسسات العمومية إلى آخرها من المواضيع، وكل موضوع يحتوي على 30 أو 40 كلمة، وما توصلنا إليه أن هناك اختلافا في بعض الكلمات بين مناطق المغرب، وللإشارة مدلولها حسب المحيط الاجتماعي الذي يتواجد به المعاق، واشتغلنا تقريبا ما يناهز السنتين لإعداد دليل موحد. والدليل يحتوي أيضا على لغة الإشارة الفرنسية، وضرورتها تكمن في التواصل والانفتاح على العالم الخارجي، مع أنه يوجد بالجالية المغربية أشخاص مصابون بالصمم، فكانت الضرورة لإعداد دليل بالفرنسية، وتم توزيع الدليل على جميع الجمعيات المهتمة بالصم والبكم، وبأوروبا أيضا طرح مشكل توحيد دليل الإشارة، فبهولندا أصبح المختصون بلغة الإشارة يحدثون أساليب عصرية لتطويرها مثل اختزال عدد الإشارات التي تدل على معنى واحد في إشارة واحدة. ماهي الحلول التي ترونها تساهم في تلبية احتياجات الشخص المعاق؟ أول جواب يأتي من الشخص المعاق الراشد عند سؤاله عن أهم مشكل يواجهه، يكون هو الشغل، هذه المعضلة التي يعانيها المغاربة عموما، ومانتمناه هو الحرص على تطبيق النسبة المخصصة للشخص المعاق(7%) وبهذا نستطيع أن نساهم جميعا في تأهيل الشخص المعاق والحفاظ على الروابط الاجتماعية، وتمكين المعاق من حقوقه بالمغرب ليس بالشيء العسير إذا توفرت الإرادة لذلك. كلمة أخيرة أشكر جريدة التجديد على دعوتها الكريمة لي، كما أنوه بهذه المبادرات الطيبة التي تقوم بها وسائل الإعلام، والتي من خلالها يمكن أن نوصل مشاكل الشخص المعاق للمجتمع من أجل تحسيسه وإشراكه في هموم مجتمعه، لأن الإسلام دعانا للتكافل والتضامن، فينبغي أن لا نألو جهدا في تقديم يد المساعدة للمعاقين، والإحسان إليهم، فجلالة الملك أعطى مثالا للتضامن في التعامل مع الشخص المعاق. حاورته خديجة عليموسى