قدم الاتحاد العام لمقاولات المغرب دراسة جديدة من 700 صفحة حول "الدعامات التنافسية للمقاولات المغربية"، تمحورت حول القيام بجرد للأنظمة الاقتصادية للتنافسية، وإنجاز مؤشر دولي بمعية الدول ذات النمو الموازي للمغرب، وصياغة توصيات عملية. وتناولت الدراسة تشخيصا للوضعية الراهنة للتنافسية، وشملت 100 تدبير من شأنه تطوير تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، منها 29 تدبير اعتبر ذا أولوية، و"مجموع هذه الإجراءات جرت بلورتها وفق معيارين هما؛ تأثيرهما على التنافسية وسهولة تنفيذها". وأكدت مريم بنصالح رئيسة الإتحاد العام للمقاولات المغرب، الجمعة الماضية بالدار اليبضاء، أن القدرة التنافسية اليوم تعد ضرورة مستعجلة للإقتصاد الوطني، من خلال رؤية اقتصادية قوية وواضحة، يحتل فيها التصنيع المكانة التي تليق به. مشددة على ضرورة مقاربة شمولية ومستمرة في الزمن، معتبرة أن التنافسية دينامية مستمرة، وطالبت بنصالح خلال ندوة صحفية خصصت لتقديم نتائج الدراسة، بضرورة استمرار السياسات العمومية في مجال التصنيع (ايمرجونس)، معتبرة أن التحدي اليوم هو تسريع وتيرة الإنجازات. وتناولت الندوة الإجراءات التي اعتبرت ذات أولوية نذكر منها وضع الصناعة في قلب الإستراتيجية التطويرية للإتحاد، وتقوية الإستثمار الذي يعتمد على فعالية طاقية، تقوية انخراط القطاع الخاص في السياسات العمومية ومتابعة جهود الحوار الاجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين، ثم تطوير الولوج للتمويل البنكي خصوصا بالنسبة للمقاولات الصغرى، وتقوية واشعاع علامة "صنع بالمغرب" من خلال توزيع أحسن وسياسية تسويقية أفضل للمغرب دوليا، بالإضافة إلى تنفيذ الصفقات الحكومية، وتصحيح آثار اتفاقيات التجارة الحرة التي منحت امتيازات غير حقيقية للمنتجات الأوروبية مقارنة بالمنتجات الآسيوية، وإعادة النظر في دور الضرائب لكي تصبح أداة لتوجيه الاقتصاد وتحفيز التصنيع بدل حصر دورها في توفير الموارد المالية للحكومة، وتخفيض تكلفة عناصر الإنتاج خاصة العقار والطاقة والتمويل. وأشارت رئيسة الإتحاد إلى ضرورة إعادة تأهيل الاستثمار في الصناعة المتمحورة حول تطوير القدرة التنافسية للمقاولات الصغرى والمتوسطة عبر رؤية شمولية للقطاعين العام والخاص من أجل بناء نموذج اقتصادي مغربي يحترم الخصوصية المغربية "نموذج مغربي نستطيع أن نفخر به" ، معتبرة أن التنافسية هي ثمرة شراكة قوية بين القطاع الحكومي والخاص والشركاء الاجتماعيين. وأضافت بنصالح إلى أن الإتحاد العام لمقاولات المغرب يولي عناية خاصة لاستتباب السلم الاجتماعي داخل المنشآت الاقتصادية، ويدعو إلى ضرورة إشراك النقابات وممثلي الطبقة العاملة عبرالحوارالاجتماعي، مشيرة إلى المبادرات التي اتخذتها في هذا الاتجاه وتوصلها إلى إبرام الكثير من الاتفاقيات الثنائية مع الاتحادات العمالية الأكثر تمثيلية في المغرب. من جانبه، اعتبر محمد فيكرات نائب الرئيس العام للاتحاد، أن الضريبة وسيلة في خدمة خلق الثروة، ودعا إلى تثمين وتشجيع الاستهلاك الوطني عبر شراكة مع الدولة من أجل التجديد والإبداع و تحسين العرض المغربي ، وحول مطلب الأسبقية للشركات الوطنية في الصفقات الحكومية أشارت قيادة الاتحاد إلى أن الهدف هو تحقيق التوازن وتمكين الصناعات المحلية من الاستفادة من الخطط الاستثمارية والمشاريع الضخمة التي تقودها الحكومة لكي تترقى وتتطور. وقال فيكرات «كل الدول تفعل ذلك. فالمشاريع الحكومية الكبرى تشكل فرصا قد لا تتكرر، ويجب أن نستفيد منها في صقل مهارات شركاتنا والرفع من قدراتها. ونحن لا نطالب بمنح امتيازات ولكن فقط بالمعاملة على قدم المساواة، ولا يجب أن نغفل أن الشركات الأجنبية التي تنافسنا في عقر دارنا ما كان لها أن تصل إلى هذا المستوى لولا الدعم الكبير الذي تتلقاه من طرف حكوماتها». ويرى المتحدث أن الرفع من القدرات التنافسية للشركات المغربية في سوقها الداخلية يؤهلها للمنافسة في الخارج ولتصدير منتجاتها وخدماتها. يذكر أن الدراسة أنجزت بمشاركة 12 فيدرالية مهنية في أربع جهات من أنحاء المملكة، استغرقت ثمانية أشهر من العمل، ويأتي الإعلان عن هذه الدراسة في وقت تستعد فيه الحكومة لتنظيم نسخة جديدة من المناظرة الوطنية للصناعة، والتي ستنظم غذا الثلاثاء بالدار البيضاء. ويرتقب أن يعلن خلالها وزير التجارة والصناعة والتقنيات عن تعديلات جديدة في مخطط النهوض بالصناعة، وعن خطط جديدة لتوسيعه ليشمل قطاعات نشاط جديدة. الصورة: مريم بنصالح خلال الندوة الصحفية