في المرة الأولى خرج الفرنسيون إلى الشارع بالآلاف لرفض تعديل قانون الإجهاض بشكل يجعله متاحا وميسرا لكل النساء وحذف مفهوم "الشدة" و "الشروط" في الإجهاض، وأهمها الشرط الذي يسمح بإجراء تلك العمليات فقط للنساء اللائي يواجهن محنة صحية وحالتهن "متعسرة". داخل البرلمان الفرنسي كان الجدل حادا بين مؤيدي المشروع الذين يدافعون عن حق النساء في التصرف في أجسادهن كما شئن وبين الرافضين الذين أصروا على إبقاء "شروط" تقيد الإجهاض لأن إلغاءها يجعل من الإجهاض شيئا عاديا ويتناقض مع "النظام الأخلاقي". التعديل الذي اقترحه الحزب الاشتراكي الحاكم، كخطوة رمزية يسمح بسهولة بإجراء عمليات الإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل في فرنسا، دون إثبات أن هناك محنة صحية. وبالموازاة مع حدة الجدل في البرلمان كان للفرنسيون آراء متباينة أيضا إزاء هذا القانون. عمليا نزل خلال الشهر الجاري الآلاف من الفرنسيين إلى الشارع للاحتجاج ضد هذا المشروع رافعين شعارات ضد الحكومة من قبيل "لا للإجهاض" أنذهب إلى إسبانيا من أجل حماية أطفالنا"، ودعوا إلى الاقتداء بالجارة الإيبيرية التي قننت حكومتها الإجهاض وجعلته غير متاح بسهولة. الفرنسيون أطلقوا على هذه المظاهرة الضخمة "مسيرة الحياة" وشارك فيها الشباب والشيوخ والأطفال والأسر المناهضين لعمليات الإجهاض التي تحدث في فرنسا ومنتقدين هذا القانون الذي سيجعل عملية الإجهاض تبدو مثل أي زيارة طبية عادية. بعدها بأيام خرج الفرنسيون إلى الشارع مرة أخرى، في باريس ومدن أخرى، للاحتجاج ضد قانون جديد للأسرة اقترحه الحزب الحاكم يسمح ب "الإنجاب لمثليات الجنس بمساعدة وسائل طبية»، ويتضمن مشروع «الأم البديلة» أو ما يعرف بمشروع قانون «الحمل للغير» المطبق في بعض البلدان. هذه المشاريع اعتبرها الفرنسيون المناهضون لها تضرب في عمق "الأسرة التقليدية" وتمس باستقرار المجتمع الفرنسي ومستقبله. الاحتجاجات العارمة التي شهدتها باريس ومدينة ليون جعلت الحكومة تتخلى عن قانون الأسرة وتراجع قرارها القاضي بطرح مشروعي قانون يمنح للعائلات الفرنسية حق التلقيح الاصطناعي ولمثليي الجنس حق تأجير الأرحام للحصول على أطفال، للنقاش أمام البرلمان. المشروع الآخر الذي اعتبره الفرنسيون المحافظون استفزازا لهم ولأفكارهم فهو برنامج "أبجدية المساواة" الذي بدأ تطبيقه مؤخرا في بعض المدارس الفرنسية، وهو البرنامج الذي اعتبره المناهضون لخطط الحكومة في مجال الأسرة «انحناء أمام ضغوط لوبي المثليين الجنسيين». ويهدف هذا البرنامج إلى تعليم التلاميذ مفهوم "النوع الاجتماعي"، وإلغاء مفهوم الشذوذ الجنسي وتعليم الأطفال منذ الصغر أن فكرة ذكر وأنثى ما هي إلا ضغوط اجتماعية.