دعت الندوة الدولية التي اختتمت أشغالها مساء الخميس المنصرم حول موضوع "التصور القرآني للأسرة" إلى رفع مستوى القوة الاقتراحية في التشريع والتوجيه لصالح مؤسسة الأسرة وتحديد مفهومها المرجعي خاصة في المنظومات والمواثيق الدولية. وأوصى المشاركون في الندوة التي احتضنتها كلية الآداب بالرباط بضرورية توعية النشء بإيجابيات الحياة الأسرية وتخصيص ندوة سنوية دولية تطرح مواضيع الأسرة ورصد تأثير التطورات المعلوماتية عليها. واختتتمت بهذا جلسات الندوة الدولية التي نظمها مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون والتي امتدت لأربع جلسات علمية شارك فيها علماء من داخل المغرب وخارجه. وألقى المفكر أبو زيد المقرئ الإدريسي مداخلة علمية ضمن الجلسة الأولى للندوة تناول فيها الأسرة في القرآن الكريم المصطلح والمفهوم" موضحا أنه على الرغم من عدم ذكر مصطلح الأسرة في القرآن الكريم ولا مرة واحدة إلا أنه مع ذلك جاء الحديث عن الأسرة من حيث الأحكام المختلفة والجزاءات والترغيبات وغيرها بشكل تفصيلي. وأوضح أبو زيد الذي حاول قراءة غياب هذا المفهوم في إطار المنطق القرآني أن في القرآن الكريم رسالتان عن الأسرة لا رسالة واحدة فقط وذلك بإيراده لكل التشريعات وأصناف الحماية من خلال خطاب شديد الحماية للمرأة وللأبناء وثقيل الوطأة في هذا على الرجل، وذلك من أجل تأطير مفهوم الأسرة "الذي تم اختطافه اليوم وحقنه بمعنى غريب فيما يسمى تتعدد أشكال الأسرة الذي يراد أن يفرض علينا في إطار هذه العولمة الغريبة التي هي ديكتاتورية أقليات اختطفت الأممالمتحدة ولجنة الأسرة والمنظمات وتريد أن تفرض قانونها على البشرية" يضيف أبو زيد. وفي نفس السياق قال سمير بودينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية بوجدة إن القرآن أعطى للأسرة من التفصيل ما لا يعطه لأي من المواضيع الأخرى حيث تعامل معها بشكل تفصيلي مفردا لها مجموعة من السور الخاصة، بشكل قال معه بعض العلماء إنه لم يترك مجالا للاجتهاد. وأشار بودينار في مداخلته ضمن الندوة والتي كانت بعنوان "منظومة قيم الأسرة من القرآن إلى العمران" إلى أن البعض اليوم يحاول البحث عن منافذ للاجتهاد في قضايا محسومة غافلا عن أن الوحي عندما فصل ذلك تفصيلا فلكي يترك للأسرة المجال أن تؤدي أدوارها بدل الانشغال بإعادة تناول القضايا الحكمية أو التشريعية. وقدم محمد سعد الخليفة من السودان مداخلة حول الإطار القيمي للأسرة في القرآن الكريم ركز فيها على التعابير التي يصف بها القرآن الكريم العلاقات الأسرية وامتدادها لتشكل القيم الأساس الذي تنبني عليها سلوكات المسلمين بعد أن يتشربوها. قبل أن يتناول رئيس المجلس العلمي ببني ملال سعيد شبار الكلمة متحدثا عن محاولة إعادة بناء مفهوم الأسرة من خلال الأبعاد المعرفية والوجودية في المنظومة الإسلامية. وحث المتدخل على الدفاع عن المرجعية القرآنية باعتبارها أكثر انفتاحا من غيرها وأكثر قابلية لاحتواء النماذج المرجعية الأخرى المتمركزة حول الذات والأقليات في أنساقها القيمية التي تشتت أكثر ما تجمع وبالتالي تختزل قيمة الإنسان في المادة، وهو ما يبرز أهمية إنتاج مشروع إصلاحي قوي وشامل يخرج البشرية من العجز والحيرة في مرجعياتها والبحث عن المعنى. وتناولت رئيسة مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون خديجة مفيد في مداخلة لها "ملامح الأدوار الأسرية في القرآن الكريم" مبينة أن علم الاجتماع الأسري حدد أدوار الأسرة في الدور البدائي الذي يعتمد على التاهيل البيولوجي للكائن وتغذيته وتنميته، ثم الدور التأهيلي الثقافي والاجتماعي وهو ما يميز الكائن الإنساني. وأكدت المتحدثة أنه بسبب الدور السلبي للإعلام والمنظومة التربوية التي يعتبر المثقف عضوا مركزيا فيها اقتصرت الأسرة اليوم على جانب التأهيل الفطري والبيولوجي المنحصر في توفير التغذية والتنمية بعيد عن التمظهرات الثقافية والاجتماعية الأخرى. ومن خلال القرآن الكريم أشارت مفيد إلى ان القرآن وضع للأسرة مجموعة من الأدوار من أهمها تحقيق التحصين والاعفاف ثم التساكن والحب ودور الرعاية الوالدية. وألقيت في الندوة الدولية مجموعة من المداخلات العلمية اندرجت في محاول مصطلح الأسرة في القرآن الكريم، وقيم الأسرة في القرآن الكريم، وأدوار ومقاصد الأسرة في القرآن الكريم وشارك فيها حوالي 20 باحثا ومتدخلا من المغرب والسعودية وقطر والسودان والإمارات، كما حضر جلستها الإقتتاحية مسؤولون وممثلون عم منظمات ومؤسسات معنية من بينهم بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة والمرأة والتضامن وسمسة بن خلدون الوزيرة المندبة لدى وزير التعليم العالي.