اعتبر أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ومنسق رابطة إيمازيغن من أجل فلسطين، أن سحب فريق الأصالة والمعاصرة، لمقترح قانون تجريم التطبيع لم يكن مفاجئا، وقال إنه تأكد ما كان يقوله بعض الإخوة في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، وهو أنهم «ما وضعوه إلا ليسحبوه في وقت تأتيهم فيه الإشارة ليصنعوا الحدث». وأكد ويحمان في حوار لجريدة »التجديد»، أن سحب فريق الأصالة والمعاصرة لمقترح القانون لم يكن له أي أثر، على اعتبار أن الفرق البرلمانية الكبرى من المعارضة والأغلبية تدعم المقترح، وهي التي تقدمت به بشكل جماعي، قبل أن يضع «البام» نفس المقترح ليسحبه بعد ذلك. ويرى الناشط الحقوقي والأمازيغي، أن مقترح قانون تجريم التطبيع، تعرض للانتقاد من جهة واحدة وهي الكيان الصهيوني وأزلامه هنا بالمغرب، وشدد على أن الاختراق الصهيوني هو الخطر الذي يجب أن يتجند له الجميع، لأنه هو المهدد للوحدة الوطنية، وليس قانون تجريم التطبيع كما ادعى البعض. ● كيف جاءت فكرة وضع مقترح قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني؟ ❍ فكرة وضع مقترح قانون لتجريم التطبيع هي استجابة لحاجة، ذلك أنه لوحظ توالي الهجمات التطبيعية والاختراقات الصهيونية لبلادنا، وشملت حسب رصدنا الأولي كل القطاعات تقريبا، ويمكن القول إنه لم يبق هناك قطاع لم يحاول فيه المطبعون التسلل بمحاولة خسيسة، فاتضح أن الأمر يقتضي آليات فعالة، وبالتالي تداعت كل القوى الحية في البلاد، لترصد المشاريع الصهيونية في البلد، لأن الأمر أصبح أخطر من احتلال أرض فلسطين والأراضي العربية الأخرى في سوريا ولبنان، وبدأ يهدد مستقبل واستقرار بلدنا، ونسيجنا الاجتماعي الذي أصبح مستهدفا من طرف المشروع الصهيوني، ثم أصبحنا مهددين بتفكيك عرى التنوع الثقافي، للتحضير لما يجري في المشرق من تمزيق للوحدة الوطنية، ومن ذلك ما يروج من أن الكيان الصهيوني يدعم خصوم وحدتنا الترابية، إذا هذا هو السياق الذي كان وراء تأسيس المرصد، ومن بعد بلور مقترح قانون لتجريم أي تعاطي مع الكيان الصهيوني، في أي مستوى كان. ● كيف نجحتم في المرصد في تقديم مقترح القانون؟ ❍ أولا يجب التوضيح أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية الشعب المغربي بأكمله، حيث اعتبرها قضية وطنية، وهتف المغاربة في المسيرات المليونية دعما للشعب الفلسطيني، وبالتالي المسألة لم تكلفنا مجهودا مضاعفا للإقناع، ذلك أنه بعد تنظيم ندوة فكرية حول مفهوم التطبيع، تم تكليف لجنة قانونية تابعة للمرصد لصياغة مقترح القانون، وفتح فيه نقاش مع مختلف الفاعلين السياسيين والحقوقيين والنقابيين، ثم بعد ذلك فتح حوله النقاش مع مختلف الفرق البرلمانية، وقمنا في المكتب التنفيذي للمرصد بتنظيم زيارات لمختلف ممثلي الفرق البرلمانية، ولم نجد عناء في إقناعهم لأن الكل مقتنع، ولذلك تم تقديم مقترح القانون بشكل جماعي، في سابقة لم يسجل لها البرلمان مثيلا، حيث اجتمعت الأغلبية الحكومية مع المعارضة على نفس مقترح القانون دون تغيير لا نقطة ولا فاصلة، وهذه الفرق البرلمانية هي على التوالي فريق العدالة والتنمية وفريق التقدم والاشتراكي في الأغلبية الحكومية، ثم فريق الاتحاد الاشتراكي والفريق الاستقلالي، وهما معا ضمن المعارضة البرلمانية، وبطبيعة الحال بعد حوالي شهر من تقديم المقترح بشكل جماعي، قدم فريق الأصالة والمعاصرة نفس المقترح حرفيا، وذلك بشكل منفرد، قبل أن يقرر أن يسحبه قبل أيام. ● كيف رصدتم مختلف ردود الفعل اتجاه تقديم مقترح القانون؟ ❍ في الحقيقة مقترح القانون الذي تقدمنا به تعرض للانتقاد من طرف الكيان الصهيوني ومن باعوا ضمائرهم، والذين لا تأثير لهم مطلقا على الشعب المغربي، هم أبواق لبعض من باعوا ضمائرهم، وهي أبواق يائسة عجزت عن اختراق موقف الشعب المغربي، الموحد والمجمع على دعم القضية الفلسطينية وإدانة المجازر الصهيونية، هؤلاء اختاروا هذا الاختيار لتحقيق مصالحهم، وربما يأخذ البعض ثمن موقفه بالدولار أو بالشيك، لكن قياسا للقوى السياسية والحقوقية والنقابية والمجتمعية بالمغرب، فهذه الفئة لا تمثل شيئا في المجتمع المغربي، والكل يساند مقترح القانون لمناهضة التطبيع، فبالإضافة لأهم الفرق البرلمانية داخل المؤسسة التشريعية والتي قدمت مقترح القانون، نسجل الدعم من طرف جماعة العدل والإحسان والحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب الأمة وحزب البديل الحضاري والمؤتمر الوطني الاتحادي، بالإضافة إلى المركزيات النقابية، ثم الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان، الذي يضم 23 هيئة حقوقية، وقد وقعت قبل أيام على الميثاق الوطني لحقوق الإنسان، وشددت فيه على التزامها بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعودة لاجئيه وإقامة دولته وعاصمتها القدس. ● كيف تلقيتم خبر سحب مقترح القانون من طرف فريق الأصالة والمعاصرة، وهل كان مفاجئا لكم؟ ❍ في الحقيقة لم يكن مفاجئا، حين وضع الفريق البرلماني للأصالة والمعاصرة، رحبنا بالتحاق الفريق البرلماني بالفرق البرلمانية الأربعة التي تقدمت بشكل جماعي بمقترح القانون، وحين سحبه تأكد لنا ما كان يقوله بعض الإخوة في المرصد، وهو أنهم ما وضعوه إلا ليسحبوه في وقت تأتيهم فيه الإشارة، أملا في خلق الحدث وجر ما يمكن جره من الداعمين لتقديم مقترح القانون والمؤيدون له، لكن في الواقع خاب أملهم ولم يجروا إلا جرارهم. ● ما الدواعي الحقيقة التي رصدتموها وراء سحب مقترح القانون من طرف «البام»؟ ❍ أولا حزب الأصالة والمعاصرة، أو فريقه البرلماني، وضع مقترح القانون بشكل منفرد بعد شهر من تقديمه بشكل جماعي من طرف أربعة فرق برلمانية من المعارضة والأغلبية، ثم سحبه بعد ذلك في حركة لم يفهمها المغاربة، وأعتقد أنه يوجد توجهين؛ توجه يدفع في اتجاه الالتحاق بنبض الجماهير الشعبية المغربية، وهو الذي كان وراء وضع مقترح القانون، وتوجه آخر مخالف. ولا يخفى على أحد أن هناك ضغوطا كبيرة تمارس على الدولة المغربية، هذا شيء مؤكد، والكل اطلع على رسالة نشرت في وسائل الإعلام الإلكترونية أساسا لجهة صهيونية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تؤكد فيها هذه الجهة بالعمل ضد المغرب في العلاقة بملف وحدته الترابية كما أن هناك مواقف صهيونية مماثلة في الأوساط الأوروبية، كل هذه الضغوط لا يجب أن تتحكم في قرار المسؤولين المغاربة، لأن ذلك سيضع السيادة الوطنية في الميزان، وسيُظهر المغرب كنظام ينبطح أمام الضغوط الأجنبية، ويأتمر بالأوامر الخارجية، وبالتالي فالاختراق الصهيوني هو الخطر الذي يجب أن يتجند له الجميع، لأنه هو المهدد للوحدة الوطنية، والمستهدف لاستقرار المغرب، وهناك أكثر من مشروع لتفكيك الوحدة الوطنية في أكثر من إقليم، نستحضر هنا السعي إلى تأسيس دولة «القبايل» بالجزائر، وهذه المشاريع يجب على الجميع الحذر منها. ● أليس هناك تخوف من نسف مقترح القانون الذي تقدمتم به؟ ❍ لا أبدا، كما قلت سابقا أهم القوى السياسية تدعم مقترح القانون، سواء تلك الممثلة بالبرلمان أو غير الممثلة، وبالتالي ليس هناك ما يهدده، سيكون من العبث أن يوقف مسار اعتماد مقترح القانون هذا، لأنه سيُظهر أن هناك عبثا بالمؤسسة التشريعية لبلادنا. ● ما تعليقكم على تبرير قادة الأصالة والمعاصرة سحبهم لمقترح القانون كونه يهدد الوحدة الوطنية والمصالح القومية للمغرب، وأن سحبه في مصلحة الوطن ثم القضية الفلسطينية؟ ❍ هذا مثير للضحك، كيف سيخدم سحب مقترح تجريم التطبيع الشعب الفلسطيني؟ في الوقت الذي نشاهد فيه عزلة الكيان الصهيوني وتتوالي الدعوات لمقاطعته، حتى من أقرب حلفائه، وفي الوقت الذي لا تستطيع فيه «ليفني» كمجرمة حرب أن تحط قدميها في إسبانيا وكادت أن تعتقل ببريطانيا، وأعلنت مؤسسات أكاديمية علمية أمريكية مؤخرا عن مقاطعة الكيان الصهيوني، لا أعتقد أن هؤلاء باستطاعتهم أن يضحكوا على ذقون المغاربة. ● في نفس السياق يذهب آخرون إلى القول بأن تجريم التطبيع بالمغرب يستهدف اليهود المغاربة، ما رأيكم؟ ❍ هذه مغالطة كبرى، لأنه أولا تأسيس المرصد الوطني لمناهضة التطبيع تم إقراره في المكتبة الوطنية بعاصمة البلاد، في ندوة صدر عنها ما يسمى ب»نداء الرباط لمناهضة التطبيع»، وكان أول الموقعين على نداء مناهضة التطبيع، هو يهودي تم تكريمه في الندوة التي اتخذ فيها قرار تأسيس المرصد، والأمر يتعلق بالكاتب والمناضل إدمون عمران المالح، كرمز من رموز اليهود الوطنيين المغاربة، وهو الذي رفض أن تترجم كتبه إلى اللغة العبرية، واعتبرها لغة القتلة على حد تعبيره، وهو الذي وصف الحركة الصهيونية بالسم والسوسة، نذكر أيضا جاكوب كوهين، اليهودي المغربي الذي استقبله المرصد وحاضر قبل أيام بالعاصمة الرباط حول موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، ثم سيون أسيدون، وهو أيضا يهودي نعتز به، وهو رئيس جمعية مقاطعة البضائع الإسرائيلية بالمغرب، إذا هناك رموز يهودية وطنية مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، نعتز بها، ووجودها إن دل على شيء فإنه يدل على أن مناهضة التطبيع بالمطلق لا تستهدف اليهود المغاربة، وهذه لعبة خاسرة لن تنطلي على أحد، ونحن لسنا ضد أي يهودي إلا من يحتلون أرض فلسطين ويهودون قدسها ويشردون مواطنيها، هؤلاء من نحن ضدهم وضد من يدعمهم من «السيانيم» والمتعاونين معهم، وهم من هدموا حارة المغاربة في القدس الشريف على رؤوس المغاربة، وقتلوا إيمازيغن المرابطين في حارة المغاربة، حيث لم يبق اليوم إلا امرأة واحدة وهي أمازيغية واحدة من تامصلوحت، وهي عائشة المصلوحي أطال الله في عمرها. ● في ظل هذا الواقع والمستجدات، كيف ترون مستقبل مقترح قانون تجريم التطبيع بالمغرب؟ ❍ نحن عازمون على مواصلة خطواتنا بكل ارتياح، لأن هذه قضية الشعب المغربي ولا يُتطلب منا أي جهد للإقناع، وبالتالي نحن لا نقلق على مصير القانون، وبالنسبة لنا هو مصادق عليه منذ وضعه. الكنيسيت الصهيوني وضع مقترح قانون لتقسيم الأقصى، ويقومون عمليا في الأرض بكل المحاولات لتهديمه، ويمنعون الصلاة فيه على المسلمين، لكن لم نسمع للبعض أي كلمة، ولتجريم التطبيع نراهم يرتعشون خوفا ورعبا وحماسا لأسيادهم الذين يأتمرون بأوامرهم.