(...) في تاريخ جماعة "الإخوان المسلمين" سجلت أحدث عنف، غير أن القيادة كانت تبادر إلى شجبها، ويتذكر الكثيرون البيان الشهير للمرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" حسن البنا، بعنوان "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين"، للتبرؤ من منتسبين إلى جماعته ارتكبوا أعمال عنف، ففي ما يخص جماعة في حجم "الإخوان المسلمين" كان متصورا أن يبتعد أعضاء فيها عن المنهاج العام الذي رسمه مؤسسها حسن البنا، كما كان متصورا أن ينقلب بعض رموزها على ذلك المنهاج، كما حدث مع سيد قطبن الذي انتمى في البداية إلى الجماعة، ثم سرعان ما انقلب على تصورات حسن البنا واختط منهاجا مغاير في كتابه "معالم في الطريق" الذي أعاد فيه إنتاج مفاهيم الإسلامي السياسي في صيغته الأسيوية كما بلورها أوب الأعلى المودودي. لقد كانت قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" مضطرة -بين الفينة والأخرى- إلى مواجهة دعاة العنف، كما حدث داخل السجون المصرية عندما تفشت دعاوى التطرف والتكفير من قبل المحسوبين على "تيار سيد قطب" حيث أصدر حسن إسماعيل الهضيبي، المرشد العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في نهاية ستينات القرن الماضي كتابا بعنوان "دعاة لا قضاة" حاول من خلال تفنيد تلك الدعاوى التي كان يعتبرها خروجا عن المنهاج العام لحسن البنا. عندما يقال إن جماعة الإخوان المسلمين هي الجماعة الأم للإسلام السياسي في صيغته العربية فهذا أمر صحيح، لكن عندما يقال إن الجماعة مسؤولة عن العنف الذي أنتجته التنظيمات المنشقة عنها فهو قول بعيد عن الحقيقة.. ولقد كانت جماعة الإخوان المسلمين باستمرار توجد بين مطرقة الأنظمة الحاكمة وسندان الجماعات المتطرفة، التي كانت تصفها بالعمالة والابتعاد عن الإسلام، كما يتجسد ذلك في كتاب "الحصاد المر" الذي أصدره "أيمن الظواهري عندما كان من قياديي "تنظيم الجهاد" في نهاية ثمانينات القرن الماضي، منتقدا فيه الخيارات المعتمدة ل"الإخوان المسلمين". (...)