في ظل سقوط الشهيد تلو الآخر، ورغم المجازر التي تنفذ في حق معارضي الانقلاب على الشرعية، وأعمال العنف التي تستهدفهم من طرف رجال الداخلية مدعومة بالبلطجية في عدد من المحافظات المصرية، يزداد توافد أنصار الشرعية على الميادين يوميا، ويحصل النفير في صفوف المصريين كلما تسربت أنباء عن استهداف مسيرة أو تظاهرة. والواقع على الأرض يظهر عدم تسجيل أي حالة اعتداء ضد مؤيدي الانقلاب من طرف أنصار مرسي أو حالات عنف ضد المنشآت العامة، بينما سقط منهم عدد من الشهداء نتيجة استهدافهم بالرصاص الحي الذي صوب نحوهم بأيد خبيثة لا تعرف رحمة ولا شفقة، وأظهرت صور مواجهتهم للموت بصدور عارية وأيد لا تحمل سوى مصحفا وسبابة مرفوعة نحو الأعلى للدلالة على النصر. لم ينفك قادة الحراك الشعبي الرافض للانقلاب عن التأكيد على سلمية الاعتصامات، وفي كل قطرة دم تباح من طرف عصابة الانقلاب تتعالى الأصوات متشبثة بالسلمية في مواجهة الرصاص الحي، حتى أن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع قال بعد يومين من حدوث الانقلاب ومن على منصة رابعة «سلميتنا أقوى من الرصاص». لكن تخوين معارضي الانقلاب بلغ إلى حد تبرير العنف الذي يمارس ضدهم، ففي مشاهد مثيرة للغاية يصف إعلام الانقلاب الشهداء بالإرهابيين أو في أقصى الحالات بالمغرر بهم من طرف الإخوان، ويتحول بين عشية وضحاها الضحية إلى جلاد! يأتي ذلك في ظل الدعاية السوداء والأخبار الزائفة التي تنشرها المنابر الإعلامية الرسمية والخاصة يوميا، وتتحدث عن وجود أسلحة في ميادين الاعتصام وحدوث حالات تعذيب كثيرة في حق مواطنين بميداني رابعة العدوية والنهضة. بل إن البعض لا يجد حرجا في ادعاء أن الإخوان نصبوا صواريخ على أسطح المباني برابعة استعدادا لقصف المنشآت العسكرية والمراكز الحيوية للبلاد، وفي تمرير خبر عن تنظيم مليشيات مسلحة لحماية ميادين الاعتصام من أي تدخل أمني لتفكيكه. ويبقى السؤال المطروح لماذا لم تحمي هذه المليشيات والأسلحة المعتصمين لما ارتكبت مجزرة الحرس الجمهوري والمنصة، ولم يسقط أي قتيل من الجانب الآخر ! المنطق يقتضي سقوط قتلى من الجانب الآخر إن كان المتظاهرون المؤيدون للشرعية يستعملون العنف، أو إن كانوا يتوفرون على الأسلحة. ومن المؤكد أن الأمر يتعلق بأسطوانة للداخلية يجترها إعلامها في كل مرة لتبرير تدخلها العنيف! إن المشهد في مصر اليوم يرسم صورة بليغة عن السلمية في مواجهة العنف؛ وكلما صوب الرصاص نحو المتظاهرين رفعت شعارات سلمية، وكلما حمل العسكري رشاسه واجهه المتظاهرون أصحاب القضية بصدور عارية. تلك هي الحقيقة التي أبهرت العالم وأماطت اللثام عن مدى النضج الذي وصل إليه الإسلاميون بعد أن كانوا إلى وقت قريب يتهمون باستعمال العنف.