في عام 2011، كان المغرب ودول قريبة منه تعيش على وقع ربيع عربي حرك برك الشعوب الراكدة بنسب متفاوتة الدرجة فنهضت تنزع عنها ثوب العجز وتصرخ طالبة ما تعتبره «حقوقها» و «واجب الحكام تجاهها». في المغرب وبعد أن تحرك أبناؤه واختاروا من الشهور «فبراير» ليبدأوا رسم معالم مرحلة جديدة من تاريخه السياسي الحديث، كانت الدعوة إلى الاستفتاء ب «نعم» أو «لا» على دستور جديد. وبالمناسبة عممت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على خطباء المساجد خطبة موحدة فيها دعوة صريحة للمصلين بالتصويت ب «نعم» على الدستور الموضوع رهن الاستفتاء الشعبي. خطبة الجمعة الموحدة أكدت على أن الدستور الجديد جاء ليحقق الإصلاح واستجاب لمطالب المغاربة، وأنه من الواجب التصويت عليه بنعم للسير نحو التقدم والرخاء. وركزت على ما أسمته بالمرتكزات الكبرى التي جاء بها مشروع دستور 2011، من بينها التأكيد على إسلامية الدولة وثوابت الأمة والمساواة في الحقوق والواجبات، وكذا إشراك الشباب في الفعل التنموي. رفض خطيب مسجد كورسيكا بالقنيطرة «عبد المالك البريكي» الانصياع لأوامر وزارة الاوقاف وقراءة هذه الخطبة على الناس في صلاة الجمعة ليوم 24 يونيو، وضع حدا لعلاقته بمنبر هذا المسجد بعد خمس سنوات، وكان بمثابة إعلان العصيان على الوزارة الوصية فكان العزل في نفس اليوم بقرار شفوي وبقرار كتابي بتاريخ 27 يونيو 2011 مذيلا بتوقيع المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية. ومما جاء في قرار العزل «يؤسفني أن أخبرك أنه تقرر اعتبارا من عصر يوم الجمعة 24 يونيو 2011 إعفاؤك من مهمة الخطابة التي كنت تزاولها»، أما الأسباب فهي « امتناعك عن إلقاء الخطبة المنبرية الموحدة المعتمدة من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا اليوم (24 يونيو)». في رسالة مفتوحة أشار الخطيب المعزول، إلى أن الخطبة الداعية إلى التصويت بنعم فيها «اعتداء صارخ عل حق المواطن في حرية والتصويت وانتهاكا بينا لحقوق المواطن الذي تبيح له جميع القوانين والمساطير اتخاذ الموقف الذي يؤمن به والتصويت بنعم أو لا وهو حق دستوري لا خلاف حوله» وأضاف «تم استدعائي من طرف المندوبية لإبلاغي بقرار منعي من ممارسة الخطابة في مسجد (كورسيكا) دون إعطاء تبرير معقول».