أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الصهيونية تراجع نسبة التمثيل العربي في البرلمان الصهيوني من عشرة أعضاء إلى ثمانية أعضاء فقط. وفي أعقاب هذه النتائج، التي فاجأت بعض القوائم العربية، بدأت هذه القوائم بالبحث عن أسباب فشلها، ولم تتورع عن اتهام أشخاص أو قوائم بحد ذاتها، بأنها سبب تراجع عدد نواب الوسط العربي في البرلمان الصهيوني، فيما أرجع البعض هذا التراجع إلى نجاح الحركة الإسلامية بزعامة الشيخ رائد صلاح وأحزاب أخرى في دعوتها المواطنين العرب لمقاطعة الانتخابات. واعتبر الحزب القومي العربي أن ما حدث للقائمة العربية الموحدة، التي تراجعت من خمسة مقاعد في البرلمان الصهيوني السابق إلى مقعدين اثنين فقط، يرجع إلى تقاعس بعض الحلفاء "الذين استثمروا هذه الانتخابات لتصفية حسابات شخصية مع الحزب القومي العربي"، على حد تعبير البيان، الذي أصدره الحزب، في معرض تعليقه على نتائج الانتخابات، "مما أدى إلى تراجع قوة القائمة". وفي المقابل دعت عناصر قيادية في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي رئيس قائمة الجبهة النائب محمد بركة إلى الاستقالة، بعد حصول تحالف الجبهة مع الحركة العربية للتغيير، على ثلاثة مقاعد فقط، بعد أن كان لها أربعة مقاعد في البرلمان الصهيوني السابق، حيث أرجع هؤلاء القياديون السبب في تراجع الجبهة إلى التحالف مع الحركة العربية للتغيير بزعامة النائب أحمد الطيبي، على اعتبار أن بركة هو الذي فرض هذا التحالف على الحزب الشيوعي. بينما اتهمت القائمة العربية الموحدة النائب السابق هاشم محاميد، الذي انشق عن القائمة الموحدة، بأنه السبب في خسارة القائمة، بعد أن لم تتمكن قائمة محاميد من عبور نسبة الحسم، مما تسبب بخسارة نحو 25 ألف صوت، وهي كافية لمنح القائمة الموحدة مقعدا إضافيا في البرلمان الصهيوني، إضافة إلى أن القائمة الموحدة كان لديها فائض أصوات بلغ نحو 12 ألف صوت بعد المقعد الثاني، إلا أن هذه الأصوات ذهبت هدرا، إضافة إلى تلاشي عشرات آلاف الأصوات العربية، التي منحت للأحزاب الصهيونية، حيث تقدر نسبة الأصوات العربية التي حصلت عليها هذه الأخيرة بنحو مقعدين. وقال محمد علي طه من مركز لجنة الوفاق الوطني في فلسطينالمحتلة عام 1948، التي سعت إلى توحيد القوائم العربية، بهدف رفع نسبة التمثيل العربي في البرلمان الصهيوني إن هناك تراجعا ملحوظا في عدد أعضاء البرلمان الصهيوني العرب من 10 أعضاء إلى ثمانية، مرجعا السبب إلى نسبة التصويت المنخفضة، إذ أن نحو 40 في المائة من المواطنين العرب لم يشاركوا في عملية التصويت. وأضاف أن السبب الثاني في تراجع نسبة التمثيل العربي يرجع إلى أن النائب السابق هاشم محاميد حرق ما لا يقل عن 25 ألف صوت، فهذه الأصوات كان قسم منها سيذهب للقائمة الموحدة، والآخر لقائمة الجبهة، التي كان ينقصها نحو 1500 صوت للفوز بالمقعد الرابع. وهذه الأسباب أثرت على عدد النواب العرب في البرلمان الصهيوني، بحسب قوله. ورأى طه في تصريح خاص لوكالة "قدس برس" أن نسبة التصويت المنخفضة عائدة لسببين: أولها شعور عدد كبير من المواطنين العرب أن نتيجة الانتخابات محسومة لصالح رئيس الوزراء الصهيوني "آرييل شارون"، يضاف إليها شعور الناس بالإحباط، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، وانعدام الأمن، وغياب السلام، ولذلك لم يروا ضرورة للتصويت، فلم يذهبوا ألى صناديق الاقتراع. أما السبب الثاني، كما يرى طه، فهو أن الحركة الإسلامية دعت الناخبين عبر الصحيفة الناطقة باسمها وفي المساجد إلى مقاطعة الانتخابات، وتمكنت من التأثير على الجمهور المتدين الذي يؤم المساجد. وأشار طه إلى أن الأحزاب اليهودية كحزب العمل وحزب "ميرتس" وحزب "عام آحاد" بقيادة عمير بيرتس اليسارية لم تخصص لأعضائها العرب مواقع متقدمة في قوائمها الانتخابية. وأن تمثيل هذه الأحزاب في البرلمان الصهيوني انخفض هو الآخر، مع أن هذه الأحزاب حصلت على أصوات من الوسط العربي تعادل مقعدين. وقال إن حزب عمير بيرتس، الذي صوت له عدد كبير من المواطنين العرب، وقع اتفاق فائض للأصوات مع حزب المستوطنين "المفدال"، بدلا من أن يوقع اتفاقية مع أحد الأحزاب العربية. وهذا أتاح لحزب "المفدال" إدخال عضو من المستوطنين إلى البرلمان الصهيوني. وأنه "لو وقع هذا الحزب اتفاق فائض للأصوات مع إحدى القوائم العربية كالقائمة الموحدة لأدخلنا بذلك عضوا عربيا إلى البرلمان"، بحسب قوله. وأكد طه أنه "لو صوت المواطنون العرب كما يصوتون في كل مرة لنجحوا في إدخال ما بين 13 إلى 14 عضوا إلى البرلمان، مستغلين انخفاض نسبة التصويت عند المواطنين اليهود. ولو صوت المواطنون اليهود كما يصوتون كل مرة، فلن نستطيع إدخال أكثر من 5 أعضاء البرلمان، في ظل نسبة التصويت المنخفضة لدى المواطنين العرب". وأشار طه إلى أن "لجنة الوفاق نجحت في عام 1996، عندما شكلنا قائمتين عربيتين فقط من القائمة العربية الموحدة المكونة من الحركة الإسلامية والحزب الديمقراطي العربي، وقائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي. ولكن في هذه المرة نجحنا بجمع القوائم العربية في ثلاث قوائم، وفي اللحظة الأخيرة حدث انشقاق في القائمة العربية الموحدة، وخرج منها هاشم محاميد، الذي أصر على أن يكون له مكان متقدم كثيرا، كما أن بعض الأحزاب وضعت شروطا، فحزب التجمع الوطني الديمقراطي اشترط عدم ضم النائب أحمد الطيبي في القائمة، التي سيتحالف معها، ولذلك أستطيع القول إن المصالح الشخصية، والحسابات الضيقة والحزبية، حالت دون خوض الانتخابات في قائمتين على الأكثر، وهذه كانت النتيجة انخفاض نسبة التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي". أم الفحم (فلسطين) - خدمة قدس برس بتصرف