قال عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إنه أصبح من المسلم به أن "سياسة مكافحة الفساد لا يمكن أن تقتصر على تعزيز الآليات الزجرية والوقائية رغم أهميتها، بل ينبغي أن تدرج ضمن أولوياتها توظيف التربية والتوعية والتحسيس في خدمة ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة. وأكد أبودرار، خلال ندوة وطنية حول حكامة قطاع التربية والتعليم ودوره في النهوض بثقافة النزاهة، نظمته الهيئة بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية وبدعم من البرنامج الجهوي للنزاهة ومكافحة الفساد بالبلدان العربية وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية،صبيحة أمس الثلاثاء -أكد- أن ظاهرة الفساد تمثل حاليا إشكالية تنموية ذات أبعاد متعددة تتخطى الحدود الوطنية وتساهم في إبراز مجموعة من الجرائم والسلوكات ذات انعكاسات وخيمة على استقرار وأمن المجتمعات وإحقاق الحقوق الأساسية وفعالية مجهودات التنمية. ويرى أبودرار أن المغرب لم يكن ليشذ عن الانخراط الفعلي في هذه الدينامية الدولية لمكافحة الفساد، ليس فحسب من خلال التصديق على الاتفاقية الأممية، بل وكذلك من خلال مواصلة مسلسل تطوير الترسانة القانونية وتعزيز الاطار المؤسسي لمحاربة الفساد الذي جاء في سياق إحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة سنة 2007 والتي ارتقى بها الدستور الجديد إلى مصاف هيئات الحكامة المستقلة تحت اسم "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة و محاربتها". وثمن رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، الشراكة الرائدة التي تتوخى في آخر المطاف تحصين قطاع التربية والتعليم من مخاطر الفساد وتعزيز دوره في مكافحتها، وقال "لا يسعني سوى الإقرار بأن ترجمتها على أرض الواقع لم تتعزز حتى الآن بالانخراط الفعلي والعملي في البرمجة والتنفيذ". وفي سياق متصل، قال محمد الوفا وزير التربية الوطنية، أن المغرب تقدم في عدد من المجالات، "لكن هناك بعض الصعوبات"، يضيف الوزير، "وهناك أمور يجب أن تصلح ونغير فيها سلوكانا في بلادنا، ومنها موضوع النزاهة وتعزيز الحكامة في قطاع التربية"، وذكر الوزير المجهودات المبذولة بقطاع التعليم على مستوى المناهج لتعزيز قيم المواطنة والتربية على النزاهة، وقال "لابد أن نعلم نشائتنا بعض المبادئ ومنها احترام القانون"، وتأسف المتحدث لكون البعض يعتبرون أفسهم خبراء، بانتقادهم للدولة ولاختياراتها وللوضع السائد في البلاد ولهم موقف الإدعاءات المغرضة، وبالتالي يسلموا بأشياء لا علاقة لها بالمؤسسات والتطور الممكن أن يحصل في بلدنا.."، وقال الوزير، "وضعنا برنامج معلومياتي لضبط عملية الانتقالات حتى نضمن النزاهة والشفافية، ولنتحدث بالمعقول، هناك ناس محترمين في البلاد يتحدثون عن الشفافية والحكامة واحترام القانون وحين يتعلق الأمر بمصلحة شخصية يقول لك عافاك غي هادي، ومنهم من يكتب افتتاحيات صحفية في الموضوع، ومن بعد يأتيني ويسلم لي طلب الانتقال، لا يمكن أن نستمر، هذا هو الضرر الذي لحق ببلدنا، إنه استغلال السلطة والنفوذ والجاه.. ويرى الوفا أن المدرسة المغربية بدأت تفقد منذ توليه المنصب الوزاري بعض الجوانب التربوية الأساسية التي يجب أن تبنى عليها الناشئة"، وهي المبادئ التي يرى أنه لا يمكن أن يكون فيها فرض التوجه، وقال "انتهى العهد السوفياتي وانتهى عهد الرأي الواحد، وانتهى الرأي الذي يفرض المنهج الواحد"، ولذلك يقول، "نحن عندنا مسؤولية 6 ملايين و500 ألف مغربي ومغربية، لابد من أن نمنح لأولادنا قواعد عامة، وبعد أن يصلوا إلى 18 سنة لهم أن يختاروا اختياراتهم الفكرية والسياسية". من جهة أخرى، اعتبر أركان السبلاني، مدير المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، أن اليوم الدراسي، من المبادرات المميزة في المنطقة العربية التي تحاول أن تدمج بين جهود مكافحة الفساد بشكل عام، والجهود القطاعية، واعتبر السبلاني أن التجربة لازالت غير معممة في المنطقة العربية، مؤكدا أنها ضرورية ومهمة لربط جهود مكافحة الفساد مع الحياة اليومية للمواطن، وشدد المتحدث على أن قطاع التربية الوطنية مثله مثل عدة قطاعات تقدم خدمات للمواطنين معرض للاختلالات والتحديات المرتبطة بهذا الموضوع. وقال المسؤول ببرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في تصريح ل"التجديد"، أن المغرب من الدول التي تعتمد توجه إدماج جهود مكافحة الفساد في المخططات القطاعية، وشدد على أنه توجه جديد في المنطقة العربية، يضيف المتحدث، "وبالتالي نحن ندعم هذا التوجه من أجل تعميقه في المغرب وتعميم هذه التجربة في المنطقة العربية".