أكدت ضحى محمد سعيد عبد الله نعمان أستاذة القانون المدني المساعد بكلية الحقوق بجامعة الموصل بالعراق في مداخلة لها حول موضوع «إشكالية تقلد المرأة للقضاء» أن تجربة المرأة العراقية القاضية تراوحت بين الإباحة والمنع، ثم العودة لإباحة هذا الحق مؤخرا بقيود، دافعت على حق المرأة في تولي القضاء مع مراعاة خصوصياتها. واشارت المتحدثة خلال فعاليات المؤتمر الدولي الثالث المنعقد مؤخرا بكلية الحقوق بآسفي بشراكة بين الكلية متعددة التخصصات، ونادي قضاة المغرب، وهيأة المحامين بالمدينة إلى أنها لا تمانع من أن تبت المرأة القاضية في الملفات المدنية دون سواها من القضايا الجنائية نظرا لخصوصيتها، ونظرا لبعض المواقف الفقهية في هذا المجال، وهو الموقف الذي تعرض لانتقاد من طرف الحضور ولاسيما القضاة منهم. وفي هذا الإطار، تساءل «أنس سعدون» عضو نادي قضاة المغرب، والباحث المتخصص في قضايا المرأة والأسرة بكلية الحقوق بطنجة، «كيف نمنع جلوس المرأة على كرسي العدالة في قضايا معينة والحال أن العدالة مؤنثة؟»، مضيفا بأن النقاش الوطني الراهن تجاوز حق المرأة القاضية في تولي القضاء، وانتقل إلى مستوى أكثر تقدما من خلال البحث عن أسباب ضعف تمثيلية المرأة القاضية في مراكز صنع القرار ولا سيما مراكز المسؤوليات القضائية، معتبرا أن من أسباب تهميش المرأة القاضية، طريقة عمل المجلس الأعلى للقضاء الذي ظل ولسنوات طويلة في كثير من الأحيان يشتغل بعيدا عن معايير الموضوعية والشفافة. وأضاف «سعدون» «أن من أكثر النقاشات المطروحة حاليا من خلال ندوات نادي قضاة المغرب حول القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية ما يتعلق بمحاولة جندرة الخريطة القضائية، و»إعادة النظر في طريقة التعيينات، مع التشديد على ضرورة مراعاة مقاربة النوع الاجتماعي كحق للمرأة القاضية والمتقاضية على حد سواء، فضلا عن إيجاد معايير واضحة وشفافة لإسناد المسؤوليات القضائية بعيدا عن منطق الولاءات أو المحاباة، دون أن ننسى ضرورة دمقرطة الجمعيات العمومية للقضاة بالمحاكم بشكل يدعم المقاربة التشاركية في توزيع الجلسات بين القضاة من الجنسين». من جانبها، أبدت «وفاء الزبور» عضو نادي قضاة المغرب عن سعادتها لتركيز هذا المؤتمر الدولي على بحث موضوع شديد الأهمية وهو تجربة المرأة القاضية كإحدى التجارب الرائدة لتمكين المرأة العربية من حقها في ولوج مراكز صنع القرار، والتي أسهمت وفي وقت مبكر في تغيير نظرة المجتمع إلى الأدوار التقليدية للنساء، معتبرة أن الدستور المغربي الجديد حمل العديد من المكتسبات للمرأة عموما من خلال المقتضيات الهادفة إلى تحقيق المناصفة، وللمرأة القاضية وللقضاة على وجه الخصوص من خلال تقنين الكوطا كأداة مؤقتة لضمان تمثيلية منصفة للمرأة القاضية على مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية فضلا عن المقتضيات المتعلقة بضمان حق القضاة في التعبير وتأسيس جمعيات مهنية، وهو إطار جديد عزز مكانة المرأة القاضية في الدفاع عن استقلال السلطة القضائية. وأشارت «وفاء» إلى الحراك القضائي الفاعل الذي يقوده نادي قضاة المغرب بمشاركة قوية للنساء القاضيات، الشيء الذي أكده أيضا تعقيب الأستاذ سمير أيت أرجدالعضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب الذي اعتبر هذا الحراك جزء من حراك مجتمعي يستمدراهنيته من النقاش الدائر اليوم لدى مختلف النخب السياسية والحقوقية حول وضعية المرأة في ظل مبدأ المناصفة-تضيف المتحدثة نفسها-. وعن معدلات حضور المرأة القاضية، أكدت «عائشة الناصري»، وكيلة القطب المدني بالمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، أن المرأة القاضية بالمغرب حاضرة بقوة داخل الساحة القضائية إذ أن معدلات تواجدها في ارتفاع مستمر، واستعرضت تجربتها كامرأة مغربية تترأس جهاز النيابة العامة (القطب المدني) في واحدة من كبريات المدن المغربية مثل مدينة الدارالبيضاء، مؤكدة على دور المقتضيات الدستورية الجديدة في تمكين المرأة، فيما رفضت أي مقتضيات تمييزية تحد من تولي المرأة المغربية أو العربية لكرسي القضاء.