رفضت المحكمة الابتدائية بالبيضاء طلب "السراح المؤقت" الذي تقدم به محامو المتهمين التسعة الذين أحيلوا على قاضي التحقيق مساء الاثنين 3 فبراير2003 على خلفية المشاركة في الوقفة الاحتجاجية يوم الجمعة الأخير ضد حضور "فنان" صهيوني إلى المغرب وتمكينه من تقديم عروضه في مركب ميغاراما بالدار البيضاء. وقد غصت القاعة رقم 4 بعشرات المحامين الذين جاؤوا من مختلف الهيآت بالمغرب لمؤازرة المتهمين وأفادنا أحد المحامين بأن لائحة المحامين المؤازرين قد تفوق المائة محامي هذا بالإضافة إلى العديد من مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الفنية والسياسية والثقافية والحقوقية وكان رجال الأمن وسيارات الشرطة وشاحنات القوات المساعدة تحيط بالمحكمة من كل جانب، كما منع العديد من المواطنين من الوصول إلى قاعة الجلسات إن هم تجاوزوا حاجز الدخول من باب المحكمة. وطالب النقيب الأستاذ عبد الرحمان بن عمر في بداية المحاكمة بفتح القاعة أمام المواطنين لمتابعة أطوارها ثم التمس من المحكمة تمتيع المتهمين بالسراح المؤقت، مشيرا إلى أنهم ليسوا من ذوي السوابق وأنهم تظاهروا بشكل سلمي. أما الأستاذ خالد السفياني فقد رفع صوته وسط القاعة بأن "هؤلاء الشرفاء لا يستحقون القضبان بل نياشين من ذهب لأنهم نابوا عن الشعب المغربي"، وطالب بإعادة الأمور إلى نصابها موضحا أننا نعيش مأساة بمحاكمة من نابوا عن الشعب المغربي في التعبير عن غضبه، وتساءل السفياني في مرافعته أمام المحكمة: لقد نظمت وقفات أمام القنصلية الأمريكية ولم تمنع فهل هذا الصهيوني أهم من القنصلية الأمريكية، وكذا الشأن بالنسبة للأمم المتحدة التي نظمت أمامها وقفات لم تمنع "فهل هذا الصهيوني وحده أهم من الأممالمتحدة؟!! مضيفا أن الذين يجب أن يحاكموا هم من أتى بالصهاينة إلى المغرب" ويصرون على التطبيع مع العدو. وطالب السفياني بدوره بتمتيع الأظناء بالسراح المؤقت. ثم تناول الكلمة الأستاذ أحمد بن جلون الذي أشار في مرافعته إلى أن محاكمة هؤلاء المتهمين يعود بنا إلى "سنوات الرصاص" وهضم الحريات والحقوق وأكد على أن البلاد آمنة وأن البعض ينفخ في "بعبع الإرهاب" وأوضح عبد اللطيف الحاشمي من جهته بطلان المتابعة مطالب المحكمة بمراعاة حالة الاستفزاز لمشاعر المغاربة وكذا استفزاز القضاء المغربي. والتمس الحاشمي من المحكمة التصريح بالإفراج عن المتهمين الذين وصفهم ب"شرفاء هذه الأمة" وطالب برفع حالة الاعتقال التعسفي وبإعادة الأمور إلى نصابها وقال "إن هؤلاء الشرفاء قد نابوا عن الشعب المغربي في غضبه". وتقدم الأستاذ عبد المالك زعزاع بمرافعته التي أكد فيها الابتعاد عن توظيف القضاء المغربي في أمور تمس سمعته، مضيفا أن الاعتقال هو تحكمي وتعسفي وغير مبني على القانون ولذلك طالب برفع حالة الاعتقال متسائلا عن دولة الحق والقانون. وبعد المداولة أعلن القاضي رفض تمتيع المتهمين بالسراح المؤقت ليعودوا إلى سجن عكاشة مرة أخرى على أن يمثلوا أمام المحكمة يوم الخميس المقبل على الساعة الثالثة مساء بنفس المحكمة. وفي آخر المحاكمة أخذ الكلمة الأستاذ خالد السفياني بعد ممثل الحق العام الذي نفى وجود الأمر الجاهز بالاعتقال وقال السفياني إن السؤال المحوري هو هل مقاومة التطبيع مع الصهاينة تعتبر جريمة داخل المغرب يعاقب عليها القانون وعبر عن شعوره بالذنب أمام المحكمة لأنها لم تعتقله وهو أحد الداعين إلى الوقفة الاحتجاجية". تصريحات بعض المحامين والفاعلين المؤازرين وصرح الفنان أحمد الصعري للتجديد داخل المحكمة أن النقابة الوطنية لمحترفي المسرح تقوم بوقفة تضامنية مع المعتقلين وقال إن هذه المحاكمة "تسيء إلينا نحن كفنانين"، مدينا حضور الفنان الصهيوني والترخيص له من قبل السلطات المغربية وأكد أن الصهيوني جاء إلى المغرب للاحتفال بفوز شارون مشيرا إلى مشاركة الفنان اليهودي (كاد المالح) الذي يدعي أنه مغربي في المسيرات العنصرية التي يقودها رولان جيرا الصهيوني. وأكد المحامي محمد خضري أنه وجد أوامر جاهزة بالإيداع في السجن أثناء تقديم المتهمين مما يدل على أن الملف وراءه من وراءه، واعتبر الأستاذ حمداني الخيدر (من هيئة الدفاع) أن المحاكمة سياسية وأن فيها مساس خطير بحق من حقوق المواطنين بل فيها مساس حتى بالتوجيهات الملكية السامية باعتبار الملك محمد السادس هذا الذي يترأس لجنة القدس ولذلك فهذه المحاكمة تسير ضد التيار وضد الخطاب الرسمي للدولة المغربية. وصرح النائب عبد الصمد حيكر (فريق العدالة والتنمية) الذي كان أول من اعتدى عليه في الوقفة الاحتجاجية بأن هناك فنانين مغاربة يمنعون في حين يسمح لصهيوني بالاحتفال بصعود حزب الليكود في بلدنا. وعبر حيكر عن مفاجأته من أن يوضع الجيش وكل أنواع رجال الأمن والحرس للعمل على تأمين إقامة العرض لذلك الصهيوني وهو فرد واحد. مضيفا أنهم منعوا كبرلمانيين من أداء واجبهم في معاينة ما يجري وأن نواب الأمة كانوا أول من تضرر من رجال الأمن واعتبر ذلك سابقة خطيرة مشددا على رفض المغاربة قاطبة لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني. أما الأستاذ أحمد بن جلون فقد أعرب عن خيبة أمله الكبيرة بعد رفض السراح المؤقت. وقال: "كنا ننتظر من القضاء أن ينصف هؤلاء المواطنين وأن يطلقوا سراحهم لأن القضية تتعلق بقضية قومية وتهم كافة المواطنين المغاربة، فهناك صهيوني أتي به إلى أرض الوطن يدعم السفاح شارون فأثار حفيظة بعض المواطنين مضيفا أننا كنا نظن أننا تجاوزنا عهد الاعتقالات ولكننا بهذه المحاكمة نعود إلى "سنوات الرصاص" والاعتقالات التعسفية وهذه الممارسات اللاشرعية التي لا تشهد مشروعيتها من القانون أو من مبادئنا وقيمنا الروحية والوطنية في هذه البلاد. إسماعيل العلوي