عقدت عائلات المتهمين في ما يسمى بملف الخلية النائمة لتنظيم القاعدة بالمغرب، وهي عائلة هيدور وعائلة هارون، صباح السبت 1فبراير 2003، ندوة صحفية بمنزل المحامي توفيق مساعف بالرباط، حضرتها مجموعة من وسائل الإعلام الوطنية والدولية، منها بعض القنوات الفضائية كالمنار والجزيرة وتلفزيون الشرق الأوسط ووكالة الأنباء رويتر. ولوحظ حضور قليل للصحف المكتوبة من أجل تغطية هذه الندوة، وقد يعزى ذلك إلى امتناع كثير من الجهات والمؤسسات على احتضان هذه الندوة الصحفية، نظرا لحساسية القضية وارتباطها بملف "الإرهاب" الذي تحاربه أمريكا، مما جعل هذه العائلات لا تعلن عن مكان الندوة إلا في اليوم السابق لها. وقد قال عبد المجيد الكارح، صهر العائلة وشاهد في القضية، في بداية الندوة الصحفية " إننا عانينا الأمرين من أجل تنظيم هذه الندوة، فقد طرقنا عدة أبواب لاحتضانها، إلا أن جهات عديدة أبدت تخوفها من استقبالنا، ومنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والنقابة الوطنية للصحفيين، ووكالة المغرب العربي للأنباء، ويقول عبد المجيد الكارح إن العائلة لم تجد مكانا سوى أريحية المحامي توفيق مساعف الذي استقبل الندوة في داره. وحول أسباب انعقاد هذه الندوة في هذا الوقت بالذات، صرح الكارح، أن سبب ذلك يرجع إلى الأشواط النهائية التي تعرفها القضية والمفاجآت التي بدأت تظهر لحين لآخر، والتغييرات المتكررة وغير البريئة لهيئة الحكم التي تولت البت في القضية، بالإضافة إلى القمع والمعاناة التي تعاني منها عائلات المتهمين. وحول سؤال ما إذا كان الكارح، بصفته شاهدا في القضية، مازال يتعرض لبعض التهديدات من جهات معينة، أجاب بأنه مازال يستدعى لحد الآن من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، رغم أن القضية تجاوزت مرحلة البحث، الأمر الذي يطرح أكثر من علامات استفهام. وبالنسبة لفاطمة هيدور، أخت المتهمتين بهيجة وحورية هيدور، قالت إن عائلتها تعيش معاناة فوق الطاقة، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، وأن أهالي المتهمين كاتبوا كل الجهات المعنوية، ولم يتلقوا أي جواب يطمئنهم ويهدئ من خوفهم. وتحدثت فاطمة بتفصيل عن معاناة كل من عائلة هيدور وعائلة هارون، أيام اعتصامهما أمام سجن عكاشة لمدة 23 يوما، احتجاجا على المأساة التي كان يعيشها المعتقلون بالسجن، ذلك الاعتصام الذي تقول عنه فاطمة إنه انتهي بالتعسف والاعتداء على معاقة وتلفيق التهم للمعتصمات. وذكرت فاطمة وسائل الإعلام بأن المتهمين في قضية الخلية النائمة مازالوا في إضراب مفتوح عن الطعام، أمام صمت الجمعيات والمنظمات الحقوقية. ومن جهة أخرى استنكر كل من الكارح وفاطمة هيدور ورشيدة هارون، أخت المتهمة نعيمة هارون، امتناع السلطات المغربية عن إتمام إجراءات الزواج بالنسبة لكل من السعوديين هلال الثبيتي و جابر العسيري بزوجاتهما نعيمة هارون وبهيجة هيدور، رغم مصادقة السلطات السعودية على مراسيم النكاح. وللإشارة فإن زواج السعوديين بالمغربيتين تم بعقود عرفية، إلا أن السلطات المغربية مازالت تمتنع عن المصادقة عليه، وصرحت رشيدة بأن قاضي التوثيق يخاف من استقبالها، وأن "المقدم" يمتنع عن منحها أي وثيقة تتعلق بأختها نعيمة. وقد تم التطرق في هذه الندوة إلى واقعة الاختطاف التي تعرض لها المتهمون يوم 12 ماي 2002 ، وأقرت عائلات المتهمين بهذا الواقع، وأنه تمت معايشته والشهود عليه، الأمر الذي مازالت تنفيه سلطة الاتهام لحد الساعة، وقال الكارح إنه لا يمكن حجب الشمس بالغربال بخصوص هذا الملف. وقد تحدث أفراد العائلة بإسهاب عن محنة تفتيش منازلهم والعبث بحاجياتهم الشخصية، والإرهاب المعنوي الذي تعرضوا له من خلال المداهمات المتكررة للعديد من الرجال "المجهولين"، لبيوتهم وانتهاك حرمتها، كما تحدثت والدة المتهمة نعيمة هارون وابنتها أم كلثوم، عن احتجاز عشرة آلاف دولار، كانت في ملك المتهم العسيري، من قبل مختطفيه، وبعض الحاجيات الأخرى التافهة، وهو الأمر ذاته الذي أكدته فاطمة هيدور، مصرحة بأنه سرق من زوجها صور تذكارية وشيكات وحالة مدنية وغيرها، ولم يتم استرجاعها لحد الآن. كما أن فتيحة هيدور، قالت إنه تم أخذ حتى الأدوية التي كان يتداوى بها ابنها الصغير. وللتذكير فإن الشرطة القضائية والنيابة العامة لا تعترف بواقعة الاختطاف ولا بهذه المحجوزات. وفصلت رشيدة هيدور الحديث عن التعذيب الذي مورس على أختها نعيمة بالمخافر السرية، وكان أقواها تهديدها بالاغتصاب أمام زوجها، لانتزاع الاعترافات منه، وقالت إن هذه الأجهزة كانت تعلم بحب العسيري لزوجته نعيمة وتعلقه الكبير بها، وهي نقطة الضعف التي مكنتهم من الضغط عليه، حسب قولها. وقالت رشيدة إن أختها حكت لها كيف أن المتهم العسيري وقع على محاضر الشرطة دون نظارات وهو الذي لا يستطيع أن يتحرك بدونها. وقد تطرقت الندوة إلى العلاقة التي تربط هذه العائلات بالسعوديين، وأن أفرادها، طيلة اختلاطهم بهم، لم بلاحظوا عليهم أي سلوك أو إشارة توحي إليهم بأنهم كانوا ينوون القيام بأعمال إرهابية، وقالت والدة المتهمة نعيمة هارون، إن السعودي العسيري يتمتع بأخلاق عالية، وستبقى تسانده في محنته هذه إلى آخر حياتها.وقال الكارح إن أسرته اندمجت مع السعودي الثبيتي، مدة شهر ونصف، إلا أن فوجئ بالاختطاف، وقال نحن أيضا نبحث عن الحقيقة، وعلى القضاء أن يثبتها، واستنكر على بعض وسائل الإعلام اتهامه في يونيو الماضي بأنه زعيم الخلية النائمة بالمغرب، وأنه تاجر ثوب، وأنه هو الذي سهل لهم عملية التحرك داخل المغرب، وقال إنه هو الذي اقترح على صهره الثبيتي زيارة المناطق الشمالية. وللإشارة فإن محاضر الشرطة تقول إن المتهمين بزيارتهم لمناطق الشمالية كانوا يراقبون البوارج البحرية التي تمر عبر مضيق جبل طارق، استعدادا لتخريبها. وأضاف الكارح بأنه عقب الانتهاء من المحاكمة سيقاضي وسائل الإعلام التي وجهت إليه الاتهام السابق، وعلى رأسها جريدة الشرق الأوسط. وقد ختمت الندوة الصحفية بتأكيد العائلة على استماتتهم في هذه المعركة، خصوصا بظهور بعض "تباشير البراءة" مثل حصول المحامي مساعف على تذاكر سفر العسيري بتاريخ يوم 12 ماي الماضي، وهي التذاكر التي تؤكد واقعة الاختطاف، كما أنهم سيراسلون الملك بشأن تخصيصه استقبالا لهذه العائلات. وللتذكير فإن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد ضمت الدفوعات الشكلية التي أثارها الدفاع، وأرجأت البت فيها إلى نهاية المحاكمة، بالإضافة إلى طلبها إحضار المحجوزات التي وردت في المحاضر. ومن المنتظر أن تستمع المحكمة إلى المتهمين يوم غد، على أن تستمع إلى الشهود يوم الجمعة المقبل. حسن السرات عمر العمري