قال لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر إن التكوين أصبح اليوم جزءا لا يتجزأ من المنظومة الأمنية في العالم في الوقت الذي أصبح فيه التشغيل سوقا عالمية والاندماج في هذه السوق يتطلب جودة التكوين في الجامعات التي أصبحت لا تساير سوق الشغل في الوقت الذي يجب أن تكون فيه متقدمة على متطلبات المقاولات الإنتاجية. وأضاف الداودي في كلمة له خلال افتتاح الندوة الإقليمية حول «قابلية الخريجين للتشغيل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نموذجا» التي تحتضنها الرباط أمس واليوم بمشاركة خبراء دوليين من أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، إن معضلة البطالة لم تعد إشكالية وطنية بل أصبحت دولية تتجاوز الكيان الوطني ويصعب معالجتها وطنيا بل إن ذلك يستدعي الانخراط الإقليمي بين كل الدول، وأن المغرب يسعى جاهدا ليصبح قطبا للباحثين في أفريقيا والعالم الإسلامي، إذ يجب تغيير ثقافة السياسيين تجاه الجامعة لتطوير التكوين داخلها، وأن الجهل يغذي التطرف والعلم هو الوسيلة الوحيدة لمحاربته. وشدد الوزير، في افتتاح هذه الندوة التي ينظمها المجلس الثقافي البريطاني، بتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) والبنك الإفريقي للتنمية، على ضرورة الانكباب على البحث العلمي في الجامعات، وتطوير ثقافة الاجتهاد. وأوضح أن نسبة المعطلين من خريجي الجامعة المغربية بلغ 25 % مقابل 50 % بالجارة إسبانيا، إذ يعزى ارتفاع البطالة في صفوف الخريجين إلى عدم ملاءمة التكوين للمتطلبات التقنية للمقاولات الصناعية والتجارية والخدماتية، بالإضافة إلى الدورة الاقتصادية التي لا تعيش وضعية عادية في دول المنطقة كما هو الشأن بالنسبة لكل دول العالم. وأردف لحسن الداودي أن التكوين في الجامعة لا يجب أن يرتبط بالكسب، كما تساءل هل مجتمعاتنا تجعل من العلم أولوية أم من الكسب أولوية قبل العلم، الذي يجب أن يظل هدفا وليس مكسبا، مؤكدا أن الحكومة المغربية تعمل على استقطاب جامعات دولية في مجال الهندسة والتخصصات التي لا تتوفر في المغرب خاصة من بريطانيا. ومن جانبه وضح إدريس أوعويشة، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن أعلى نسبة بطالة في العالم بنسبة 25 % هي التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وأن نسبة 65% من العاطلين بالمغرب ينتظرون أكثر من سنة للحصول على فرصة شغل و40 % يشتغلون في إطار تداريب بدون أجر وأن نسبة 8 من 10 أجراء يشتغلون بدون عقود عمل، مردفا أن 18.1 % من العاطلين هم من الحاصلين على شواهد جامعية، مقابل 4.5 لا يتوفرون على تكوين جيد. وركز جل المتدخلين في افتتاح هذه الندوة، التي تعتبر ثاني ندوة تنعقد في إطار سلسلة من اللقاءات التي تهدف، للسنوات القادمة، إلى إعداد أفضل مقاربة للقضايا المرتبطة بقابلية تشغيل خريجي التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ركزوا على كون قابلية الخريجين للتشغيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشكل أحد أكبر التحديات التي تواجهها بلدان المنطقة، وأجمعوا على ضرورة التركيز خلال هذا الملتقى على مختلف المقاربات من أجل حلّ معادلة التكوين -قابلية التشغيل- سوق الشغل. يشار إلى أن الندوة تعرف مشاركة خبراء من عدة دول منها مصر وإندونيسيا ولبنان وليبيا والمغرب وفلسطين وباكستان وتونس واليمن والمملكة المتحدة والمغرب. وترمي الندوة، حسب المنظمين إلى وضع التشغيل وقابلية التشغيل في محور الاستراتيجيات الوطنية والجهوية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإعداد الطلبة لدخول سوق الشغل المستدام، وتعميم الممارسات الجيدة بغية تحقيق التميز الأكاديمي، وإعداد رؤية مشتركة بعيدة المدى للتعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإرساء مبادلات حول الاستراتيجيات والممارسات الملائمة لتحسين قابلية التشغيل وتتبع إدماج خريجي التعليم العالي، وتحديد المقاربات البيداغوجية الجديدة التي من شأنها تسهيل الانتقال من تعليم يرتكز على المعارف إلى تعليم ينبني على تشجيع استقلالية المتعلمين وتعزيز المهارات التي يتطلبها سوق الشغل، وإرساء مبادرات التشارك بين الجامعات والمشغلين بغية الاستجابة لمتطلبات السوق على الأمد الطويل، والمساهمة في الجهود التي تبذلها البلدان من أجل تعزيز شروط قابلية التشغيل.