وزارة الانتقال الرقمي في ورطة بعد "فضيحة" تسريب بيانات ملايين المغاربة على يد هاكرز جزائريين    حكام الجزائر يستعجلون مواجهة عسكرية مع المغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    الصحراء المغربية.. الولايات المتحدة تجدد خيارا جيوسياسيا يعكس التزاما ثابتا تجاه فاعل رئيسي على الساحة الدولية (خبير سياسي فرنسي)    زيارة استراتيجية تعكس ثقل المغرب الإقليمي: ناصر بوريطة أول مسؤول مغاربي يلتقي إدارة ترامب الجديدة    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    محمد المرابطي يستعيد صدارة الدورة 39 من ماراطون الرمال    المغرب الفاسي يعين بدر القادوري مديرا رياضيا    نهضة بركان في مواجهة أسيك ميموزا الإيفواري لحسم التأهل    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    زوجة الأمير هاري تعترف بمعاناة صحية عقب الإنجاب    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟    اضطرابات جوية مرتقبة وعاصفة "أوليفييه" تقترب من المغرب    الأزمة التونسية المغربية إلى أين؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    بعد أن فضحتها المهندسة المغربية ابتهال.. انتقادات من الداخل والخارج ل "مايكروسوفت" بسبب دعمها إسرائيل    كيوسك الأربعاء | تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان    من بنجرير وبغلاف مالي بلغ مليار الدرهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث والابتكار    رابطة العلماء تواصل حملة "تمنيع" السجناء ضد التطرف العنيف في سياق "مصالحة"    الذهب يرتفع 2% وسط تراجع الدولار ودخول رسوم جمركية أمريكية حيز التنفيذ    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    طقس الأربعاء.. أجواء غائمة بمعظم مناطق المملكة    بعد تهديدها للضحية.. أمن مراكش يوقف المعتدية على التلميذة "سلمى"    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    أحزاب مغربية معارضة تطالب بعقد جلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    الأمن يلقي القبض على مرتكب جريمة قتل بحي المويلحة القديمة بالجديدة    "سلة الفتح" تفوز على الملعب المالي    ماكرون يدين استهداف إسرائيل لطواقم الإسعاف في غزة    ديكلان رايس نجم أرسنال ضد الريال    البايرن ميونخ والهزيمة الغير المتوقعة أمام الانتر    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    الهجرة الجديدة من "بلاد كانط".. خوف من المستقبل أم يأس من التغيير؟    الوزير قيوح: المغرب يعزز أمنه الجوي ويقود جهود التعاون الدولي لمواجهة التحديات في مناطق النزاع    دروس ما وراء جبهة الحرب التجارية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    المغرب يتصدر التحول الرقمي الإفريقي بإنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    بين نور المعرفة وظلال الجهل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد شاكر المودني، رئيس جمعية مغرب الفن: بين التطبيع الفني ومهاجمة الفن النظيف
نشر في التجديد يوم 07 - 03 - 2013

وأنا أتابع وسائل الإعلام وخاصة منها المكتوبة، استوقفني خبر تورط المركز السينمائي المغربي في عمل تطبيعي آخر مع الكيان الصهيوني، فرجعت لأتثبت من الخبر حتى لا أصيب قوما بجهالة فأصبح من النادمين، فطرقت باب موقع المركز السينمائي المغربي، فأذن لي بالدخول لأصاب بالذهول أمام تقرير الحصيلة السينمائية لسنة 2012م، حيث تبين أن هذا المركز قد رخص لفيلم: « ORANGE PEOPLE » للمخرجة الإسرائيلية «هانا أزولاي هاسفاري» بأن يصور بالمغرب!!
فتساءلت كيف تجرأ هؤلاء على هذا الجرم الشنيع؟ وكيف سولت لهم أنفسهم العبث بمشاعر الشعب المغربي؟ وكيف استساغوا كتابة جرم التطبيع في صحيفتهم؟
ألم يكونوا بالأمس يحذرون من استغلال الفن لأغراض دينية؟ ومن جعل الفن مدخلا لخدمة مصالح و»أجندات» جهة ما؟؟؟ فكيف سمحوا لأنفسهم باستغلال الفن لأغراض دنيئة؟ بل كيف سمحوا لأنفسهم بجعل الفن عموما والسينما خصوصا مدخلا للتطبيع مغلفا بغلاف الحرية والإبداع؟؟؟من هاهنا وجبت اليوم وقفة لندعو المسؤولين عن هذا الشأن في هذا البلد إلى فتح تحقيق في الموضوع لتحديد المسؤوليات ومعرفة المتورطين في مسلسلات التطبيع المتلاحقة اليوم بالمغرب..
كما ندعو إلى ضرورة تحمل الدولة لمسؤولياتها في حماية شعبها وأرضها وهويتها واستقلالها قبل فوات الأوان!!
إن للحكومة مسؤولية مباشرة في الموضوع، خاصة وأن المركز السينمائي المغربي ليس مؤسسة مستقلة، بل هو تابع لوزارة الاتصال التي تتحمل المسؤولية في كل الأعمال الفنية السينمائية بالمغرب..، ومعلوم عند أهل الاختصاص أن القاعدة تقول «لا ينسب إلى ساكت قول»، ولكننا نخشى -إذا طال السكوت- القاعدة الأخرى التي تقول «السكوت في موطن الحاجة إلى البيان بيان».. وما أكثر غموض هذا البيان الذي يفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات..!إن من واجب المسؤولين أن يقفوا بالمرصاد لكل من يخالف القوانين والقرارات الجاري بها العمل، ولكل من يهتك حرمة الشعب، ويستفز مشاعره، ويخرق إجماعه..، ومعلوم أن الشعب المغربي أجمع على رفض التطبيع مع «إسرائيل» وأدانه بكل الأشكال والأساليب الحضارية، اللهم إلا بعض المرتزقة والوصولية، ومن يشتغلون وفق «أجندات» محددة ومرسومة لهم سلفا، ضدا على هويتهم وثوابتهم وحضارتهم، خدمة للمشروع الصهيوني في محاولات بائسة لتلميع صورة الصهاينة، وتبرير إرهابهم وإجرامهم المتواصل ضد الشعب الفلسطيني ومقدسات المسلمين بأرض المقدس المباركة.
بالأمس القريب (تحديدا خلال شهر فبراير) –ولا تزال التفاعلات مستمرة- تم تتويج عمل باسم الفن في الدورة الرابعة عشر للمهرجان الوطني للفيلم الذي انعقد بمدينة طنجة، هو عمل أقل ما يمكن قوله فيه –لأنه ما كان ينبغي أن يعرض أصلا لأنه يفتقد للمعايير المطلوبة- أنه عمل تطبيعي.. فالعمل عرض في القدس المحتلة من قبل، ورحب به في إسرائيل؛ وهذا مفهوم لأنه يخدم مشروع الصهاينة ويعرف بقضيتهم، ويصور أرض فلسطين على أنها الوطن الأصلي لليهود إذ هي «أرض الميعاد»، وما نعتبره نحن احتلالا لفلسطين يصوره هذا الشريط حرب تحرير، والنكبة عيد استقلال !! فكيف يمكن قبوله بله التصفيق له (بتتويجه في مهرجان طنجة) الذي يريدنا المطبعون أن نقوم به، بل يحاصرون كل صوت حر أبي يقول له «لا» ويعلن رفضه، ورفض التطبيع مع الصهاينة تحت أي غلاف حتى ولو كان باسم الفن، لتأتي القناة الثانية –مع الأسف- الضالعة اليوم في حماية التطبيع وتشجيعه وتصور المنددين به في وقفتهم تصويرا بشعا في انحياز سافر لضفة التطبيع، ثم لتخصص حلقة في برنامج «مباشرة معكم» لا لتناقش السينما المغربية فحسب –في رأيي طبعا- بل لتسفيه الرأي الذي يرفض الإسفاف والابتذال في الأعمال الفنية، ولمقاومة الآراء الرافضة للتطبيع؛
- سواء من خلال نقد فكرة «الفن النظيف» أو فكرة «الفن الهادف» بشكل لافت مسفه من الفكرة تسفيها مبالغا فيه، وكأن الفن لا يمكن إلا أن يكون هابطا ووسخا وعفنا غير نظيف بدلالة مفهوم المخالفة كما هو معلوم عند العلماء، وكلنا يعلم أن في الإنتاجات السينمائية العالمية –وليس الإيرانية فقط بل حتى الهوليودية- أعمالا من الروعة بمكان، شكلا ومضمونا؛ تمثلت الحرية والإبداع في أعلى مستوياتهما، وجسدت حس المسؤولية في أبهى صورها، فأخرجت لنا من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين، وصورة جميلة تسر الناظرين، وفكرة رائعة تشد انتباه المهتمين.. ، أقول هذا لأني لا أستسيغ ذلك الربط بين الإبداع والابتذال، وكأنه لا إبداع بدون ابتذال، كما لا أستسيغ تلك المقابلة المفتعلة –خاصة عند بعض فنانينا- بين الحرية والمسؤولية، وكأن المسؤولية نقيض الحرية؛ فإما أن تكون حرا طليقا تفعل ما تشاء وقتما تشاء وكيفما تشاء.. فتكون بذلك فنانا مبدعا، وإما أن تكون مسؤولا تحسب للكلمة وللموقف الحساب اللازم، فتقول وتفعل ما ينبغي لا ما تشتهي، فلا تعتبر حينها من صنف الفنانين المبدعين.. وما الفرق بين العقلاء وغيرهم؟؟ ألم يسم العقل عقلا لأنه يعقل الإنسان ويقيده (كالعقال أو القيد) فيجعله يفكر قبل أن يقدم على الأمر؟ حماية لهذا الإنسان حتى لا يكون كالحيوان يفعل ما يشتهي، بل يراجع القول والفعل ويحسن تقدير اللحظة وما تقتضيه، فيأتي الإنسان ما ينبغي لا ما يشتهي..
العقل (من العقل) عقل الكلمة قبل النطق بها، وعقل الفعل قبل القيام به،
- أو من خلال الانتقاد اللاذع للرأي المخالف، بل تجاوز الآراء إلى الأشخاص والذوات بشكل ممنهج يقصد إلى ردع كل من تسول له نفسه نقدا يرتقي بعملنا الفني إلى مستوى المسؤولية، ويسعى إلى أن تصير أعمالنا الفنية هادفة وبانية ورافعة للتنمية.
ومن ثم لم يكن المقصود أساسا الناقد الفلاني ولا العلاني، ولكن المقصود مسار بأكمله حتى لا يصير هناك صوت يحتج ولا رأي يعارض ولا تدافع يخدم البلد ككل، كما قال تعالى: (ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) .. وهكذا حول النقاش عن مساره، وحور الاحتجاج الشعبي المغربي الذي كان يعلن رفضه لشريط وعمل فني يخدم التطبيع في رفض واحتجاج واضح للتطبيع مع الصهاينة، ليصير نقاشا حول الفن وحرية الإبداع !!
ومن مع؟ ومن ضد؟ لقد صارت اللعبة مكشوفة..
إن كثيرا من شرفاء المغرب وأحراره معروفون بمواقفهم من الفن بل ممارسون أو داعمون، ولكنهم ضد التطبيع وضد كل جرائم الصهاينة..
بل حتى أحجية «الدين ضد الفن» ما صارت اليوم حيلة تنطوي على أحد، ف»إن الله جميل يحب الجمال» كما في الحديث الشريف الصحيح، ولكن الدين يشجع الفن الجميل، والحرية المسؤولة، والفن الذي يخدم مصالح الإنسان والمجتمع، ويسهم في الإصلاح والبناء والإعمار، ويكون رافعة للتنمية..، لا الفن الذي يهدم، ويهبط بالإنسان فكرا وذوقا وسلوكا في مدارك الإسفاف والابتذال.. لا الفن الذي يصنع التخلف بكل ما للكلمة من معنى..
لسنا ضد الفن، ولسنا ضد الإبداع والحرية..، ولا جاء هذا المقال ليناقش هذا الموضوع، وليبدي فيه رأيا ويعطي موقفا –حتى لا يحور النقاش مرة أخرى- ولكننا ضد كل أشكال التخلف والانحطاط والانبطاح، وضد التطبيع مع الصهاينة، وضد الترويج لفكرهم ومشروعهم، وإظهارهم في مظهر المقهور، وإلباسهم لبوس «المظلومية»، وضد كل أشكال الاستفزاز لمشاعر الشعب المغربي، وضد كل ألوان الاشتغال في الظلام والسراديب لتدبير ما يدبر عادة بليل مما يكره أن يُطلع عليه..، وضد كل أشكال تحوير مواقف ونضالات الشعب واحتجاجاته عن أصلها، وخلق معارك جانبية وهامشية لإبعاد المعارك الأصلية استدرارا للعطف، وحشدا وتأليبا للجماهير، وجلبا للنقمة على الرأي المخالف الحر والنزيه.
إننا في زمن الربيع الديمقراطي الذي استبشرنا به خيرا، ولقد كان لذلك الشعار السحري [الشعب يريد..] أثره الفعال، وامتداده الذي غير وجه الوطن العربي وامتد لغيره.. فكان للشعب ما أراد، عندما أراد، ووعى ما أراد، وقصد إلى ما أراد.. ولكننا لا زلنا ننتظر أن يطال هذا الربيع الديمقراطي مجالات أخرى، وأن تعصف رياحه بأفكار وأشخاص ينتمون أيضا إلى دائرة الفساد والاستبداد، ولكن هذه المرة من غير الوسط السياسي.. وما أكثر ألوان الفساد ومظاهر الريع في المجال الثقافي والإعلامي والفني والذوقي..
فهلا رفعنا أصواتنا مرة أخرى وعبرنا عن رأينا، فخورين بوطننا، معتزين بديننا وهويتنا وحضارتنا، وقلنا: [الشعب يريد..، بل إن الأجمل مع مسيرة الإصلاح في ظل الاستقرار أن نأخذ مواقعنا في معادلة النهضة والبناء ونحن نردد: [الشعب يريد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.