كشف تقرير حالة سكان 2012 الذي أنجزه صندوق الأممالمتحدة للسكان، أن المعدل العالمي للخصوبة بلغ 2.5 طفلا لكل امرأة خلال العام المنصرم، في حين أن المغرب حسب نفس المصدر يقل فيه معدل الخصوبة عن المعدل العالمي إذ بلغ 2.1 طفلا لكل امرأة سنة 2012، فيما وصل هذا المعدل في العالم العربي إلى 3 أطفال لكل امرأة. التقرير المذكور لفت الانتباه إلى تراجع الخصوبة لدى المراهقات المغربيات مقارنة مع الوضع في دول العالم العربي والعالم ككل، إذ أن معدل الخصوبة لدى المراهقات المغربيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة بلغ 17 في الألف مقابل 43 في الألف في العالم العربي و 49 في الألف معدل خصوبة هذه الفئة في العالم. ودق البحث الوطني الديموغرافي الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2010 جرس الإنذار، ونبه عبر المعطيات الإحصائية التي قدمها إلى ما ينتظره المغرب من مخاطر انقلاب في الهرم السكاني خاصة مع التراجع السريع والانحدار الصاروخي لمعدلات الخصوبة في العالمين الحضري والقروي. وكشفت نتائج البحث أن مغربية واحدة كانت تنجب في بداية الستينات 7.2 من الأطفال في حياتها، أما في سنة 2010 فإن هذا العدد أصبح لا يزيد عن 2.19 من الولادات الحية أي 5 أطفال أقل عما كان عليه الحال منذ خمسين سنة . وأظهر البحث أن الخصوبة الحضرية تعرف " منعطفا غير مسبوق" لكونها استقرت دون عتبة تجديد الأجيال أي 1,84 طفلا لكل إمرأة. وإذا ما تواصل هذا الانخفاض يتوقع معدو البحث أن يعرف المغرب في غضون السنوات المقبلة تباطؤا متزايدا للتكاثر الديمغرافي للسكان الحضريين الذين لن يغذيهم آنئذ سوى الهجرة القروية. وبالمقابل، فبالرغم من أن الخصوبة القروية (2.70 ) لم تبلغ بعد عتبة التعويض، فإن وتيرة انخفاضها مع مرور السنين يؤشر عن تطور شبيه بما حصل في المدن. ذلك أن الفارق في الخصوبة ما بين القروي والحضري انتقل من 3.2 طفلا سنة 1986 إلى 0.9 طفلا سنة 2009 . وهذا الالتقاء يدفع إلى الاعتقاد بأن الخصوبة القروية على غرار الوسط الحضري ستنخفض ولاشك إلى ما دون عتبة تجديد الأجيال. ولفت البحث إلى أن هذا "الانخفاض الشديد" للخصوبة يعكس بالطبع بروز نزعة فردية على حساب القيم المجتمعية. وبالمقارنة مع الدول المجاورة فإن المغرب بات في طليعة الدول العربية ( تونس: 2.05 ، لبنان:1.69 ) بالنسبة لانتقال خصوبته، ومقارنة بأوروبا فلم تعد تفصلنا إلا بضع الأعشار عن فرنسا: 2.02 . ويشير البحث إلى أن السنوات الأخيرة كانت حاسمة بالنسبة للانخفاض الشديد للخصوبة لما تحت عتبة تجديد الأجيال ( 2.1 طفل لكل امرأة) فقد بلغ مؤشر الخصوبة 2.46 سنة 2004 وكان من الممكن أن يبقى في هذا المستوى، إلا أنه وفي ظرف 6 سنوات انخفض وبوتيرة قوية ناهزت %2 سنويا وهي ظاهرة جديرة بالملاحظة خصوصا عندما تكون الخصوبة منخفضة من قبل. وعلى المستوى الجهوي، فإن الخصوبة متجانسة إلى حد بعيد إذ لا يزيد الاختلاف من جهة إلى أخرى عن طفل واحد ما بين الجهة الأكثر خصوبة ( مراكش تانسيفت الحوز ) والأقل خصوبة المغرب الشرقي. فالجهات الأكثر خصوبة يوجد بها مستوى خصوبة أعلى من المتوسط الوطني (2.2 طفلا لكل امرأة ) وهي مراكش تانسيفت الحوز ( 2.6 ) والشاوية، ورديغة (2.5 ) وسوس ماسة درعة (2.4) والغرب الشراردة بني حسن (2.4)، أما المجموعة الثانية فإنها تتميز بمستوى خصوبة قريب من عتبة تجديد السكان ( 2.1 طفلا لكل امرأة ) وهي تضم الجهات الصحراوية (2.0) ومكناس تافيلالت (2.1) وفاس بولمان (2.1) وتازة الحسيمة تونات (2.1) وطنجة تطوان (2.3)، أما المجموعة الأخيرة فهي تتميز بخصوبة دون مستوى تجديد الأجيال وهي تتكون من المغرب الشرقي (1.6) والرباط سلا زمور زعير (1.8 ) والدار البيضاء الكبرى (1.9) .