انطلقت الجمعة الماضية الدورة الأولى لقافلة التنمية والسلامة الطرقية بالجهة الشمالية(طنجة)، بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية، الذي يخلد هذه السنة تحت شعار «4000 قتيل... مسؤوليتنا كاملين» أخذا بعين الاعتبار محور الشراكة الذي اعتمدته الوزارة والمتمثل في الانفتاح والتنسيق مع مختلف المتدخلين والفاعلين وطنيا وجهويا ومحليا في مجال الوقاية والسلامة الطرقية، فيما خصصت خطبة الجمعة على الصعيد الوطني لموضوع السلامة الطرقية. ويتزامن تخليد هذا اليوم برسم سنة 2013، مع تفعيل السنة الأخيرة للخطة الاستراتيجية المندمجة 2013. وحسب اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير يمثل هذا اليوم فرصة لخلق التعبئة الشاملة للمتدخلين العموميين و الخواص و مكونات المجتمع المدني والفاعلين الإعلاميين على المستوى الوطني والجهوي والمحلي؛ وتثمين المكتسبات المحققة في محاربة انعدام السلامة الطرقية و حث جميع المتدخلين على مواصلة انخراطهم وتعبئتهم، ثم التقييم الموضوعي للعمليات والبرامج المنجزة في مجال السلامة الطرقية و رصد العوائق والإكراهات التي تحول دون تحقيق النتائج المرجوة، بالإضافة إلى إعطاء الانطلاقة للبرامج والمشاريع المستقبلية ذات القيمة المضافة على المدى القصير والمتوسط. كما تمثل المناسبة فرصة لخلق مزيد من التعبئة وتطوير الوعي الجماعي حول ظاهرة انعدام السلامة الطرقية في المغرب، وسبل مواجهتها عبر تنظيم مجموعة من العمليات التواصلية يشارك فيها كل القطاعات المعنية: قطاع عام، قطاع خاص ومكونات المجتمع المدني. وتم على هامش فعاليات الدورة الأولى لقافلة التنمية والسلامة الطرقية إعطاء الانطلاقة و تدشين العديد من المشاريع على وجه الخصوص: تهيئة مقطع طرقي ثالث على طول 400 م خاص بعربات الوزن الثقيل على الطريق الوطنية رقم 16؛ ملتقى مداري طرقي عند تقاطع الطريق الوطنية رقم 16 و الطريق الإقليمية رقم 4105، وقنطرة على واد أحروس. وإلى جانب التحسيس بأهمية الوقاية من حوادث السير، ترمي القافلة التي شهدت مشاركة حوالي 20 سيارة و20 دراجة نارية، إلى جانب مستثمرين وصحافيين مغاربة وأجانب، إلى التعريف بالمؤهلات الطبيعية للمنطقة. بولعجول بناصر الكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير ل «التجديد»: العنصر البشري يمثل 80 في المائة من أسباب حوادث السير أكد بولعجول بناصر، الكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أن الفترة التي تسجل العدد الأكبر من حوادث السير وضحاياها هي شهرا يوليوز وغشت، حيث تشهد هذه الفترة كثافة ملحوظة في حركة السير و الجولان، و عودة أفراد الجالية المغربية المقيمين في الخارج إلى أرض الوطن، بمناسبة العطلة الصيفية بولوج حوالي 350 ألف عربة تضاف إلى حظيرة العربات الوطنية المقدرة بحوالي 3 مليون عربة. وأضاف بولعجول في حوار خص به «التجديد» أن مقاربة إشكالية انعدام السلامة الطرقية لا يجب أن تختزل في إطار تدبير واحد بعينه دون التدابير الأخرى، بمعنى أن المقاربة يجب أن ترتكز دائما على سياسة شمولية في إطار بعد مندمج ورؤية استراتيجية.. ● حاورته: سناء كريم ● يخلد المغاربة اليوم، «اليوم الوطني للسلامة الطرقية» الذي يصادف 18 فبراير من كل سنة، أي مقاربة ستعلنون عنها السنة الجارية؟ ❍ يجب التذكير أولا بأن اليوم الوطني للسلامة الطرقية برسم سنة 2013 الذي يخلد تحت شعار»السلامة الطرقية: 4000 قتيل، مسؤوليتنا كاملين!»، و يتزامن هذه السنة مع تفعيل السنة الأخيرة للخطة الاستراتيجية المندمجة الاستعجالية الثالثة للسلامة الطرقية 2011- 2013. وسيشكل الاحتفاء بهذا اليوم وطيلة الأسبوع الذي يسبقه فرصة سانحة لمختلف المتدخلين والفاعلين المعنيين لتنظيم مجموعة من التظاهرات الكبرى على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي. وتتميز الدورة الثامنة لتخليد هذا اليوم بتكثيف عمليات التنسيق والشراكة مع مختلف المتدخلين والفاعلين في مجال الوقاية والسلامة الطرقية من خلال التوقيع على اتفاقيات الشراكة والتعاون، كتفعيل للمقاربة التي تنهجها الحكومة والمرتكزة أساسا على المبادئ التالية: -الإلتزام: بالانفتاح على جميع المتدخلين والفاعلين المعنيين بالسلامة الطرقية لضمان التزامهم بتحسين شروط سلامة مستعملي الطريق. -الشراكة: بتوحيد جهود المتدخلين ضمن رؤية واضحة لضمان انسجام وفعالية التدخلات وفق مقاربة تشاركية ومندمجة. -المسؤولية: بترسيخ ثقافة تحمل المسؤولية إزاء الواجبات الجماعية والفردية في مجال السلامة الطرقية سواء بالنسبة للمؤسسات والهيئات المعنية أو بالنسبة لمختلف فئات مستعملي الطريق. ● وبلغة الأرقام، ما هي حصيلة حرب الطرق؟ ❍ حسب المعطيات الإحصائية المؤقتة لحوادث السير و ضحاياها برسم سنة 2012 مقارنة مع سنة 2011، تم تسجيل الحصيلة التالية: ◗ -67515 حادثة سير، مما يمثل : 1,95- في المائة. ◗ -3434 حادثة سير مميتة، مما يمثل: 1,41- في المائة. ◗ -64081 حادثة سير غير مميتة، مما يمثل: 1,97 - في المائة. ◗ -4055 قتيل، مما يمثل: 0,27 - في المائة. ◗ -11791 مصابا بجروح بليغة، مما يمثل: 5,63- في المائة. ◗ -89317 مصابا بجروح خفيفة، مما يمثل: 0,79 - في المائة. وفي قراءة لهاته الأرقام، فقد أسفرت سنة 2012 عن انخفاضات ملموسة لمؤشرات السلامة الطرقية باستثناء عدد القتلى الذي عرف شبه استقرار نحو الانخفاض. لكن -للأسف- فمؤشر القتلى الذي يعبر عن خطورة الحوادث عرف ارتفاعا بنسبة 1,52 في المائة. كما أن النتائج المحصل عليها على صعيد المدن كانت أفضل من تلك المحصل عليها خارج المدن. ● ما هي أكثر الشهور تسجيلا للحوادث المميتة؟ ولماذا؟ ❍ يجب الإشارة إلى أن المعطيات الإحصائية برسم سنة 2012 سجلت نتائج متذبذبة على الصعيد الوطني على مستوى تطور الحوادث، وعدد القتلى حسب الشهور، حيث لم نلمس الانخفاض بوضوح إلا ابتداء من شهر شتنبر. ويظهر ذلك بصفة ملموسة خارج المدن، ونسجل بهذا الخصوص أن النتائج المحصل عليها على صعيد المدن أحسن إذ لاحظنا انخفاضات ملموسة ابتداء من شهريونيو. غير أن الفترة التي تسجل العدد الأكبر من حوادث السير وضحاياها هي أشهر يوليوز وغشت، حيث تشهد هذه الفترة كثافة ملحوظة في حركة السير و الجولان و عودة أفراد الجالية المغربية المقيمين في الخارج إلى أرض الوطن بمناسبة العطلة الصيفية بولوج حوالي 350 ألف عربة تضاف إلى حظيرة العربات الوطنية المقدرة بحوالي 3 مليون عربة. ● من خلال الأرقام يظهر جليا أنه بالرغم من التشريعات القانونية الزاجرة و مراقبة الطرق إلا أن كل هذه الإجراءات باءت بالفشل ولم تقلل من خطر هذه المعضلة، ما تعليقكم؟ ❍ يجب الإشارة إلى أن مقاربة إشكالية انعدام السلامة الطرقية لا يجب أن تختزل في إطار تدبير واحد بعينه دون التدابير الأخرى، بمعنى أن المقاربة يجب أن ترتكز دائما على سياسة شمولية في إطار بعد مندمج ورؤية استراتيجية، وهي التدابير التي يتضمنها المخطط الاستراتيجي المندمج الاستعجالي انطلاقا من التنسيق وتدبير ملف السلامة الطرقية على أعلى مستوى وتوفير أرضية تشريعية محينة وملائمة، مرورا بتفعيل آليات المراقبة الطرقية، وتكوين السائقين وتوفير البنيات التحتية الضرورية، وظروف الإسعاف الفعال، ووصولا إلى مجال التواصل والتحسيس والتربية الطرقية والبحث العلمي الذي يظل عنصرا مكملا في إطار سياسة متراصة ومتكاملة. أما بخصوص تحديد الأسباب الحقيقية والمسؤوليات المباشرة لوقوع حادثة سير معينة، فيظل من الصعب الجزم بشكل قطعي بأن عاملا واحدا بعينه هو الذي أدى إلى وقوعها، كونها تنتج في الواقع عن تداخل وتفاعل مجموعة من العوامل دفعة واحدة. وبالاستناد إلى المعطيات الإحصائية السنوية ومختلف الدراسات العلمية المفصلة والدقيقة حول حوادث السير، يتبين بأن العوامل المرتبطة بالعنصر البشري تكون حاضرة بنسبة عالية تفوق 80 في المائة، حيث تظل السلوكات السلبية أثناء استعمال الطريق المجسدة أساسا في الإفراط في السرعة وعدم احترام قواعد المرور والتجاوز المعيب و انعدام حس المواطنة لدى بعض السائقين من الأسباب الرئيسية المسجلة في هذا الإطار. كما يتضح، من خلال تحليل المعطيات المتعلقة بحوادث السير بالمغرب، بأن الأسباب تختلف باختلاف الفئات المتورطة: - الراجلون كمسؤولين وفي نفس الوقت كأول ضحايا حوادث السير، حيث يعزى ذلك في غالب الأحيان إلى انعدام الحذر لديهم و جهلهم لقواعد المرور. - سائقو الدراجات النارية والعادية الذين يعتبرون بدورهم فئة متورطة، وفي نفس الوقت الأكثر عرضة لحوادث السير بسبب تهورهم وجهلهم أو تجاهلهم لقواعد السير. - سائقو السيارات الذين ينتابهم إحساس بكونهم محميين داخل الإطار الحديدي للسيارات، وأن الطريق ملك لهم مما يدفعهم إلى الإفراط في السرعة وعدم احترام مستلزمات السلامة الطرقية بشكل عام. من هذا المنطلق، يمكن القول أنه رغم العوامل المرتبطة بالطريق وحجم حركة المرور والأحوال المناخية و مواصفات العربة وحالتها الميكانيكية وكل ما يشكل إطارا مكانيا وزمانيا وآليا مساهما في خطورة استعمال الطريق، فإن العوامل المرتبطة بالعنصر البشري تظل في المقام الأول سببا رئيسيا في وقوع حوادث السير. ● من المهام المنوطة باللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، المواكبة الاستراتيجية والتقنية والإعلامية لمحاربة آفة حوادث السير، إلى أي حد تم تحقيق هذا الهدف؟ ❍ يمكن تلخيص المهام المنوطة باللجنة طبقا للمرسوم المحدث لها في مجالات التدخل محددة انطلاقا من توظيف وسائط الاتصال الجماهيري بإنتاج مواد تواصلية سمعية بصرية ومكتوبة، ورقمية مختلفة ومتنوعة؛ والتواصل المباشر بتنظيم عمليات ميدانية مستهدفة للإعلام والتحسيس والتوعية والتربية الطرقية وتطوير العلاقة مع المنابر الإعلامية ثم العلاقات العامة بإبرام اتفاقيات شراكة وتعاون مع المتدخلين والفاعلين في القطاعين العام والخاص، هذا، مع العلم أن للجنة حضورا متميزا على صعيد عمل اللجن الجهوية للسلامة الطرقية، وكذا العمل على إنجاز دراسات خاصة للمتابعة والتقييم بالإضافة إلى تجهيز المصالح المعنية بمعدات المراقبة ذات البعد الوقائي. ويجب التذكير بأن مخطط التواصل الشمولي للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير وُضع لتوفير جميع شروط النجاح للمخطط الاستراتيجي المندمج الاستعجالي، حيث تتميز مختلف العمليات المبرمجة بالامتداد الزمني والحضور الميداني المستمر مع الأخذ بعين النظر العوامل المسببة في حوادث السير، وكذا التطوير النوعي لمختلف الأنشطة عبر خضوعها للتقييم المنهجي. أما على مستوى تحقيق الأهداف، فيمكن القول أن اللجنة قد راكمت تجربة غنية جدا وعملت بجدية في مجال الوقاية من حوادث السير وفق الاختصاصات الموكلة لها والإمكانيات المتوفرة لديها، حيث أنه منذ تفعيل البرنامج الاستراتيجي المندمج الاستعجالي الذي حدد الاختصاصات بشكل دقيق، فإن اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير كمؤسسة عهد إليها القيام بالدور التواصلي والتحسيسي المواكب لمجمل محاور هذا المخطط، وتعمل وفق برنامج تواصلي شمولي محدد الأهداف ومتوفر على وسائل عمل ومقيد بمدة الإنجاز وبإجراءات التتبع والتقييم. كما أن وضوح الرؤية المتمثل في تحديد الاختصاصات في إطار برنامج مندمج وتنسيق دائم ومستمر هو الذي يجعل من عمليات التحسيس والتوعية من جهة، والتربية على السلامة الطرقية من جهة ثانية، قيمة مضافة في علاقاتها مع جميع الإجراءات والتدابير الأخرى ذات الصلة بالمراقبة والزجر. ويمكن هذا التكامل والتنسيق من التأثير إيجابا على سلوكات مستعملي الطريق وبالتالي المساهمة بفعالية في التصدي لآفة حوادث السير. ● كم تكلفنا حرب الطرق ماديا؟ ❍ تقدر التكلفة المادية لحوادث السير حسب المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية حسب تصنيف الدول على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وكذلك حسب مستوى الدخل الفردي؛ حوالي 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وتظل نسبة مرتفعة جدا بالمقارنة مع الإمكانيات الاقتصادية لبلادنا وحجم حظيرة السيارات بالمقارنة مع عدد السكان. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة بصدد إنجاز دراسة مدققة في هذا الشأن لتحديد مؤشرات علمية دقيقة حول الكلفة السوسيو اقتصادية لحوادث السير في بلادنا.