في رسالة تحد واضحة ومكشوفة لملوك وسلاطين ورؤساء الدول الإسلامية المجتمعين في العاصمة المصرية، هدمت سلطات الاحتلال الصهيوني، فجر أمس الأربعاء، واجهات مبانٍ إسلامية تاريخية بالقرب من المسجد الأقصى المبارك في القدسالمحتلة، في محاولة لتنفيذ مخطط جديد وخطير يستهدف ساحة البراق بهدف تغيير الوضع الراهن في المنطقة، تمهيدًا لبناء كنيس يهودي ومركز للشرطة الصهيونية. يأتي هذا العدوان/رسالة التحدي/ الصهيوني الغاشم بالتزامن مع بدء أشغال قمة منظمة التعاون الإسلامي بالقاهرة والتي ستدرس سبل مواجهة إجراءات سلطات الاحتلال التدميرية للمقدسات والاستيطانية والأوضاع الفلسطينية بصفة عامة. ومنذ ساعات فجر أمس، قامت جرافة الاحتلال بهدم واجهات مبانٍ تاريخية في الجهة الشمالية من حائط البراق على بعد 50 مترًا من المسجد الأقصى، وفق بيان ل»مؤسسة الأقصى للوقف والتراث»، نشرته على موقعها الالكتروني مرفقا بصور توضح عملية الهدم. وقال البيان: «إن جرافات الاحتلال تواصل، لليوم الثاني، هدم هذه الواجهات في الجهة الشمالية من ساحة البراق على بعد نحو 50 مترًا من المسجد الأقصى» تمهيدًا لهدمه كله. وحذرت مؤسسة الأقصى من مخاطر هذا الهدم وهذا البناء الجديد، وقالت إن الاحتلال يخطط لبناء مكان هذه المباني مجمع تهويدي متعدد الاستعمالات، منها بناء كنيس يهودي وقاعة استقبال ومركز شرطة ومراقبة متقدم ومتحف عرض وعشرات الوحدات من الحمامات، وذلك على حساب أوقاف إسلامية كانت ضمن حي المغاربة. وكانت بلدية القدس التابعة للاحتلال الصهيوني أقرّت، في وقت لاحق من السنة الماضية، مجموعة إجراءات في القدس تستهدف البلدة القديمة، ومنها، إعادة التسمية للأحياء العربية باللغة العبرية، وبناء مجموعة من دور العبادة اليهودية، وترميم بعضها الآخر بالقرب من حائط البراق بالتعاون مع جمعيات استيطانية. وكان الشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني، قد كشف مؤخراً عن جولة للمقاولين ومتعهدين سبقها طرح عطاء لبناء كنيس يهودي في المنطقة المذكورة أعلاه بتكلفة 20 مليون دولار. ويبدو أن أعمال الهدم الجارية في هذه الأثناء هي تمهيد لتنفيذ الأبنية المذكورة. من جهته، استنكر مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب هذا الإجراء الصهيوني، وقال في تصريح صحفي له عقب العدوان الصهيوني الجديد، إن سلطات الاحتلال بدأت (أول) أمس الثلاثاء بتنفيذ مخطط جديد في ساحة البراق يتمثل في قيام جرافات صهيونية بهدم الأبنية الموجودة على شكل أقواس في الجهة الشمالية من ساحة البراق لتنفيذ مخططها الذي أعلنت عنه سابقا والمعروف ببناء «شتراوس» الذي يشتمل على أبنية خدماتية كوحدات خدمات ومركز شرطة ومركز لحاخام حائط البراق وغير ذلك. وأضاف، وفق ما نقل عنه «المركز الفلسطيني للإعلام»، أن المشروع فيه ضرر كبير للمجاورين الذين ستغلق نوافذ بيوتهم المطلة على حائط البراق. واعتبر الشيخ الخطيب أن سلطات الاحتلال تعمل جاهدة على تغيير الوضع الراهن في ساحة البراق مخالفة بذلك كافة القوانين والأعراف الدولية. وأضاف «المركز الفلسطيني» أن الشيخ الخطيب بعث برسالة إلى وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني أطلعه فيها على الإجراءات الصهيونية الخطيرة في محيط المسجد الأقصى المبارك من أجل اتخاذ الخطوات الكفيلة لوقف هذه الإجراءات التهويدية في مدينة القدس الشريف. مطالب عاجلة للقمة بدورها، طالبت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» القمة الإسلامية بالإسراع في توفير الحماية العاجلة للمسجد الأقصى ولمدينة القدس، مؤكدة على ضرورة تثبيت المقدسيين وذلك عن طريق «اتخاذ خطوات عملية مادية مباشرة، وسياسية تدين الاحتلال وتحمله المسؤولية كاملة عبر المؤسسات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأممالمتحدة». وقالت الحركة في بيان لها، أمس: «إن الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية» تتعرض لمخاطر وانتهاكات جسيمة بفعل آلة الحرب الصهيونية الشرسة التي تعمل دون رادع». وشددت على أن القضية الفلسطينية «تتعرض لمحاولات تغييب وتصفية في ظل الصمت والتواطؤ الدولي»، مطالبة بوضع استراتيجية عربية وإسلامية تدعم صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني، «وتؤسس على ما أنجزه شعبنا الفلسطيني من انتصار في قطاع غزة ودحر للاحتلال، ومن اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، وذلك لمواجهة مخططات الاحتلال الاستيطانية واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني». وأكدت «حماس» على ضرورة «تفعيل آليات المقاطعة الاقتصادية والسياسية للكيان الصهيوني المحتل، للجم اعتداءاته ضد أراضينا العربية في فلسطين، ولبنان، وسورية، وللضغط عليه من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية والعربية كافة». كما دعت زعماء وقادة منظمة التعاون الإسلامي إلى «استعادة زمام المبادرة بكسر الحصار عن أهلنا في قطاع غزة دفعة واحدة وإلى الأبد، فمن غير المقبول أن يبقى الاحتلال يمارس انتهاكاته وسياساته العنصرية ضد المدنيين وحقهم في العيش بكرامة». وأكدت على ضرورة تبني القمة الإسلامية لقضية الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، وتفعيلها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المحاكم الدولية، مشددة على ضرورة «الضغط على الاحتلال بالسبل المتاحة لوقف انتهاكاته الممنهجة ضد الأسرى حتى الإفراج عنهم، والضغط لوقف سياسة الاعتقال ضد نواب ورموز شعبنا الفلسطيني»، وفق ما ذكر «المركز الفلسطيني للإعلام». يشار إلى أن القاهرة تستضيف أعمال القمة الإسلامية الثانية عشرة، على مدى يومين، بمشاركة 56 دولة، يمثلها رؤساء ووزراء ومسؤولين رفيعي المستوى.