"كان إرساله قويا... إنه لاعب جيد" بهذه العبارات علق لاعب التنس الأسترالي ورقم واحد عالميا ليتون هويت على خسارته أمام اللاعب المغربي يونس العيناوي في ثمن نهاية دورة أستراليا المفتوحة. لقد احتاج يونس العيناوي، الذي حل ثانيا في تصنيف أفضل الرياضيين المغاربة للموسم الفارط، إلى ثلاث ساعات وست دقائق لحسم المباراة لصالحه بنتيجة ثلاثة جولات لواحدة، ثلاث ساعات تمكن بعدها بطل التنس العربي والإسلامي من رفع رأسه عاليا، وسط تصفيقات الجمهور الحاضر، الذي استمتع بمباراة حماسية غلب عليها طابع التحدي والإصرار، فالمواجهة بالنسبة للكثيرين كانت محسومة لفائدة المصنف رقم واحد عالميا، والذي يلعب أمام جمهوره التواق إلى معانقة لقب أكبر البطولات العالمية. لكن هويت وجد أمامه لاعبا يصر دائما على صنع التألق والوقوف أمام أعتى اللاعبين المحترفين. ونتذكر إنجازه الرائع في دورة قطر المفتوحة والتي فاز بها ليتربع على رأس قائمة التصنيف العالمي، وأيضا فوزه بجائزة الحسن الثاني الدولية للسنة الماضية، هذا هو يونس العيناوي نقطة الضوء الوحيدة وسط كل هذه العتمة، فانتصاره يأتي في خضم الإخفاق المتوالي للرياضة الوطنية، التي تراجعت بشكل مهول، كما أنه أعطى إشارات قوية للمسؤولين حتى يأخذوا العبر ويسارعوا إلى نفض غبار اليأس. فالمغرب لديه من الطاقات البشرية ما يؤهله للوقوف أمام أكبر المدارس العالمية وفي كل المجالات، فليس صعبا أن ينتصر يوما منتخب كرة القدم على البرازيل وألمانيا، وليس مستحيلا أن يتمكن سباح مغربي أو فارس على جواده من انتزاع الألقاب العالمية، لأن المغاربة مجبولون على الإصرار والتحدي ومواجهة كافة المصاعب. ها هو يونس العيناوي البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين سنة يعيد كتابة التاريخ من قلب أستراليا، ويهزم لاعبا بنى عليه شعب بكامله أحلام الفوز باللقب، ويرفع هناك الراية المغربية، ويفرض على الجميع الوقوف احتراما له، ويصبح حديث كل العرب، فهو لم يلعب فقط باسم المغرب، ولكن باسم كل العرب، الذين التحقوا بالملعب لتشجيع ممثلهم، وانتصاره هذا يحمل أكثر من معنى، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر منها الأمة العربية المستهدفة من كل الأطراف، وهذا الانتصار هو بمثابة انتصار رمزي لكل العرب، ولا عجب أن تتحدث عنه كل القنوات العربية وترفعه عاليا. الكثيرون اعتقدوا أن زمن العيناوي قد انتهى، وأن اللاعب يعيش آخر أيامه داخل ملاعب التنس. لكنه خيب كل الظنون، وانتفض بقوة ليقول لكل هؤلاء، مازال عندي شيء أضيفه قبل أن أخلد للراحة، ومازلت قادرا على التألق وصنع المجد لبلد ينتظر مثل هذه اللحظات، لينسى خيبات أمله، فشكرا لك يونس، وتأكد أنك بطلا قويا بكل ما في الكلمة من معنى، وأنت أفضل سفير لبلد عزت فيه الوطنية، وأصبحت المصالح الذاتية طاغية على النفوس. "شكرا على تواضعك".