-2- أركان العقل بدايةً ننبه إلى كون المسلم المبصر يميز بين عقل غربي غازٍ قائد للحضارة العالمية اليوم، و بين عقل غربي إنساني ليست له القيادة الآن. وعلاقتنا مع الغرب الإنساني لن تكون إلا علاقة حوار بل "تعارف" بالمضمون القرآني للكلمة. فالتعارف من الفرائض الشرعية على المسلم. وفي المقابل فعلاقتنا مع الغر ب الغازي لن تكون غير علاقة تدافع وجهاد، باعتبارهما أيضاً من الفرائض الشرعية على أمة الإسلام. إن إدراكك للطبيعة العدوانية للعقل الحضاري الغربي القائد، لاتجاه البشرية عموماً واتجاه أمتنا الإسلامية بالخصوص، غير متأتٍ بدون القيام بحفريات معرفية توصلك إلى هيكله الداخلي، فتتعرف على أركان هذا العقل وأساس هذه الأركان وسقفها. فالعقل الغربي يقوم على أربعة مبادئ كبرى هي بمثابة أركانه العامة وهي: -الغاية تبرر الوسيلة، والسياسة لا تخضع للأخلاق .وشيخ عقيدتهم هذه هو (مكيافيل) الذي أصبح شيخ كل الساسة في العالم، بما فيهم الساسة العلمانيون اليوم بدار الإسلام. -البقاء للأقوى و الأصلح، وشيخ هذه العقيدة (داروين). و"الأصلح" في معتقدات الغرب هو "فساد" بمنظور عقيدة الإسلام كما سنرى. -العلاقة بين أطراف الخلق في الطبيعة والمجتمع والتاريخ علاقة عدوان وصراع تناحري، لاعلاقة تعاون وتدافع، و شيخهم في هذا (كارل ماركس) . -الدين والأخلاق والثقافة أحقاد المستضعفين على الأقوياء، وأغلال تكبل الغريزة التي هي أصل التطور، ولذلك على البشرية إزالة تلك الأغلال عن طريقها. ومن شيوخهم في صياغة هذه العقيدة البهيمية (نتشه و فرويد). إن المشترك بين هؤلاء "الشيوخ" بناة العقل الغربي القائد اليوم، ثلاثة قواسم كبرى: * التأسيس لفلسفة العداء للدين باحتضانهم لعالم المادة ونفيهم لعالم الروح، فجردوا بذلك الآدمي من أشواقه لعالم الروح، وحكموا على الحضارة القائدة والسائدة اليوم بأن تمشي عرجاء على رِجْلٍ واحدة و في غير توازن. ومثل هكذا مشي سيتعبها ويسقطها حتماً في مجرى التاريخ البشري بإذن الله العزيز الحكيم. * التأسيس لفلسفة العداء للأخلاق، فجردوا البشرية من نعمة الآدمية. * التنظير والتأسيس لمدرسة العنف والإرهاب، بالتأكيد على مبدأ التناحر وقانون الغاب في العلاقة بين الكائنات الحية والمجتمعات والطبقات والشعوب، وبالتأكيد على أن القوي المنتصر في حلبة المتناحرين هو الجدير بالبقاء و العيش،وأن الأجدر بالضعيف هو الفناء والزوال. فجردوا البشرية من نعمة الرحمة. لقد أسسوا فعلاً لعقل أهوج كما سنرى إن شاء الله. محمد الطلابي