قالت نزهة الوفي، البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية المقيمة بالخارج، إن القرار الأخير للمملكة الهولندية، والقاضي بتخفيض 40 في المائة من قيمة التعويضات التي يتلقاها ذوو حقوق المهاجرين المغاربة بهولندا، «يعد مسا حقيقيا بحقوق فئة من مجتمعنا، أفنت شبابها، ومنهم من أفنى حياته، في سبيل النهوض باقتصاد دولة هولندا، من خلال العمل في مختلف الاوراش الكبرى التي شهدتنا بلاد الاراضي المنخفضة طيلة النصف الثاني من القرن الماضي» ، مؤكدة أن أغلب هؤلاء المهاجرين الذين تقتطع الحكومة الهولندية اليوم من معاشهم اشتغلوا في اوراش الاشغال الشاقة و الملوثة مما أثر في صحة العديد منهم. وأوضحت الوفي في ندوة تواصلية نظمتها يوم الخميس 17 يناير الجاري، في مدينة الناظور بمناسبة تقديمها للرسالة الموجهة إلى الحكومتين الهولندية والمغربية، والمطالبة بإلغاء القرار المذكور، أن هذه الرسالة وقع عليها ما يزيد عن 200 شخصية من برلمانيين ووزراء سابقين وهيئات سياسية ونقابية. و أوضحت الوفي أن مبادرة جمع التوقيعات ليست بديلا عن التدابير الحكومية، مشددة على أن الحكومة منكبة على الملف، وأن «الإجراءات التي سيتم اتخاذها ستخضع للتمحيص و الدراسة الهادئة، قبل إصدار القرار»، لأن الأمر يرتبط بالسياسة الخارجية التي تحتاج إلى الاختيار الدقيق، تقول البرلمانية المقيمة بالخارج. وأضافت المتحدثة في هذا السياق أن الموضوع يجب أن يتجاوز الحدود من خلال تعبئة المنظمات و الهيئات الاجتماعية بهولندا لممارسة الضغط من داخل المجتمع الهولندي لإلغاء القرار. اللقاء الذي حضره عدد من ضحايا هذا القرار، بالإضافة إلى مجموعة من الهيئات التي تشتغل على موضوع المهاجرين المغاربة بالخارج، أكدت من خلاله الوفي أن «خطورة القرار تكمن بالدرجة الاولى في كونه قد مس حقا من حقوق الانسان العالمية، والمتمثل في الحق في الحماية الاجتماعية، الذي تكفله كافة مواثيق حقوق الانسان الدولية، و تتضمنها دساتير سائر بلدان العالم، منها هولندا نفسها». ونبهت في هذا السياق أنه «يمس في العمق اتفاقية مغربية هولندية في هذا الشأن وقعت سنة 1974»، مضيفة أن خرق هذه الاتفاقية من جانب واحد يجب أن لا يظل قيد الكتمان، على اعتبار أنه يمس مواطنين مغاربة في مصدر رزقهم الوحيد، أفنوا معظم حياتهم في العمل بجد بهولندا، وشاركوا بفعالية في بناء اقتصادها». ووجهت المتحدثة نفسها رسالة إلى كافة القوى الحية داخل الوطن و خارجه من أجل تعبئة الجهود للتصدي لهذا القرار، من خلال جعل المشكل قضية وطنية و قضية رأي عام دولي، للضغط على الحكومة الهولندية من أجل التراجع عن القرار الذي دخل حيز التنفيذ بداية من فاتح يناير 2013، ومن المرتقب أن يتوصل ذوو الحقوق رأس هذا الشهر بتعويضات تقل ب 40 في المائة عن السابق . من جانبه قال نور الدين البركاني البرلماني عن دائرة الناظور عن حزب العدالة والتنمية إن المعيار الذي اعتمدته الدولة الهولندية في اتخاذ هذا القرار الذي وصفه بالجائر، والمتمثل في كون تكاليف المعيشة بالمغرب أقل من نظيرتها بهولندا؛ ينم عن قصور في التفكير «لأنه يمس طبقة حساسة من المجتمع أولا، و لأن التعويضات التي يتلقونها يستحقونها، ومحصلة عشرات السنين من العمل في المهن الصعبة التي يتحاشى الهولنديون الاشتغال فيها». وأضاف البركاني أن القرار يحتاج إلى تكاثف جهود كافة القوى الحية داخل الوطن و خارجه، من هيئات سياسية ونقابية وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني للضغط بكل قوة في اتجاه إلغائه، لإنصاف هذه الشريحة من مجتمعنا . «فإذا كانت سياسة التقشف التي تنهجها هولندا هي المبرر لهذا القرار، آنذاك سيعتبر الأمر سابقة حقيقية» يقول البركاني، الذي أضاف أن «في علم السياسة غالبا ما يتم التغاضي عن القرارات التي تمس معاش وتعويضات المتقاعدين وذوي حقوقهم»، لكون السياسة هي لخدمة الجانب الاجتماعي للمواطنين و ليس لتخفيض المعاشات. البركاني قال إن المعيار الترابي الذي لجأت إليه هولندا لتبرير القرار يعتبر مسا حقيقيا بحق من حقوق الإنسان والمتمثل في حرية التنقل واختيار المكان الذي يريد العيش فيه مستدلا على أن مستوى المعيشة بالمغرب ليس منخفضا كما تدعي هولندا.