اعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الواقع اللغوي في الإعلام المغربي يتسم بوجود «معضلة لغوية»، وقال «لنكن صرحاء، هناك معضلة لغوية انطلاقا من الدراسات التي أنجزت بعدد من المؤسسات، وانطلاقا من الالتزام الدستوري الذي ينص على ضرورة حماية وتقوية اللغات الوطنية». وأكد الوزير أن «موضوع السياسة اللغوية ليس فقط موضوع السياسة التعليمية أو الثقافية»، وقال «أصبحت اليوم السياسة الإعلامية هي الفاعل الأساسي في السياسة اللغوية، بشكل كبير جدا، ولم يعد لنا خيار سوى أن نفكر بشكل هادئ وعلمي، وإذا لم نفكر في هذا الموضوع فهناك من سيفكر فيه». وأفاد الخلفي، في كلمة له، صبيحة أمس الثلاثاء بالرباط، في ندوة حول «اللغة في الإعلام المغربي بين ثوابت الهوية ومقتضيات الانفتاح»، نظمها معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، أن «الخليط اللغوي»، «لا يحقق قيم التعددية والانسجام والسيادة والانفتاح التي يبتغيها الفاعل العمومي في مجال السياسة اللغوية». وكشف الخلفي عن مشروع إحداث مرصد وطني للإعلام حول اللغة، يحتضنه معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، وقال «المرصد سيكون معنيا بمعالجة وتتبع الإشكاليات اللغوية المرتبطة بالمجال الإعلامي، وسيشكل فضاء علميا يواكب المجهود الذي ينبغي أن يبذله الإعلام من أجل حل المعضلة اللغوية في بلادنا». ويرى الخلفي أن ندوة اللغة في الإعلام المغربي، التي تم التفكير فيها بشراكة بين جامعة محمد الخامس ووزارة الاتصال، هي بمثابة «مشروع تأسيسي، لأنه لأول مرة سيتم التفكير في إشكالية اللغة في الإعلام بطريقة منهجية تجمع كافة المعنيين بقضية اللغة»، مشيرا إلى أن «الغرض هو بدأ التفكير الهادئ والعلمي، بعيدا عن النزعات الإيديولوجية التحكمية السلطوية، وفي نفس الوقت بالاستناد على المقتضيات الدستورية». وأكد الخلفي أن القضية اللغوية «استنزفت قدرا كبيرا من طاقة المشتغلين على إعداد دفاتر تحملات الإعلام العمومي، واستغرقت على الأقل شهرين من العمل»، وأضاف قائلا، «كانت النقطة الأصعب، اقتضت في النهاية تحكيما على مستوى رئاسة الحكومة، واستشارات علمية وطلب آراء من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومن مؤسسات أخرى». وأبرز الخلفي بعض التحديات التي يواجهها الإعلام في علاقته باللغة الوطنية، وقال، «نواجه تحدي الدور المفترض للإعلام في حماية اللغة العربية والنهوض بها وتنمية استعمالها، هذا هو السؤال الدستور الأول»، مضيفا، «ونواجه تحدي تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وما يقتضي ذلك من كون اللغة الأمازيغية بحسب الوثيقة الدستورية رصيد مشترك».وأفاد الخلفي بأنه تم الاهتداء إلى «فكرة عملية»، عبرها تم حل المشكل مؤقتا، وأضاف الخلفي، «حقيقة تم تأجيله، قلنا إن الإشكاليات المرتبطة بوحدة وسلامة الاستعمال اللغوي، سواء تعلق الأمر باللغة العربية أو الأمازيغية، في علاقة ذلك بالدوارج الموجودة، سيفوض لهيئتين، على أساس أن يقع التنسيق بين الإعلام العمومي والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بخصوص اللغة الأمازيغية، والإعلام العمومي ومعهد الدراسات والأبحاث بخصوص اللغة العربية، وتم التنصيص على ذلك..، ثم قمنا بعملية حسم جزئي على ضوء التجارب الدولية، ومنها التجربة الهندية والإسبانية البلجيكية والإرلاندية، والتي تجمع على أن البرامج الموجهة للناشئة عليها أن تكون مبنية باللغة السليمة»، وهو ما تم التنصيص عليه من خلال مادة «التزامات الخدمة العمومية»، يؤكد الوزير، «وتم التنصيص لأول مرة، على أن السياسة اللغوية المؤطرة للإعلام العمومي تقوم على أربعة مبادئ، وهي الوحدة والتعددية ثم الانفتاح وعدم إغفال السيادة والأمن اللغوي».من جهة أخرى، اعتبر محمد الفران، مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، أنه أصبح لزاما على المغرب أن يجعل المؤسسات الإعلامية مؤهلة وفاعلة لنشر اللغة السليمة السهلة، وأضاف قائلا، «لأنها القادرة على تكوين البيئة السماعية للغة السليمة، في جميع مناشط الحياة ومجالات الإعلام وبرامجه»، ويرى الفران، أن الملاحظ في الآونة الأخيرة، أنه «جراء الثورة المعلوماتية، وبدل أن تؤثر اللغة في الإعلام، صارت خاضعة لسلطانه، واستسلمت بطواعية لدفقه اللغوي وتدفقه المعلوماتي، وسلمت له مقاليد اللغة». وتتناول الندوة التي ستختتم مساء اليوم الأربعاء، عدة محاور، منها «الواقع اللغوي في الإعلام المغربي»، و»لغات الإعلام المغربي وسؤال الهوية»، و»المظاهر العامة للغة الإعلامية»، و»لغات الإعلام المغربي والتحديات المهنية»، و»تحديات اللغة الإعلامية الجديدة».