الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع نهجه وسار على هداه. الحمد لله الذي وفقنا وهدانا في حركة التوحيد والإصلاح إلى الاجتماع على أمر المساهمة في إقامة الدين وإصلاح المجتمع، وسلوك منهج الوسطية والاعتدال، واعتماد شمولية الإسلام في تصريف مشروعنا المجتمعي الإصلاحي من خلال واجهات متخصصة تروم القيام بواجب البناء والمدافعة وصولا إلى الريادة في المجال، الحمد لله على ما وفقنا إليه من جعل الدعوة والتربية والتكوين قواسم مشتركة بين أفراد هذا المشروع. فما منا من أحد من أبناء هذا المشروع الرسالي، مهما تنوعت اهتماماته، وتشعبت مجالات عمله واختصاصاته، إلا وهو في حاجة إلى تربية وأخذ نصيب من التكوين وانخراط في سلك الدعوة بما يناسب تكوينه وطبيعة الواجهة التي انخرط فيها والمحيط الذي يتحرك فيه. ذلك أن الدعوة والتربية والتكوين بمعنى من المعاني هي وظائف أساسية في حياة الأنبياء والرسل وورثة الأنبياء من بعدهم من العلماء والمصلحين وبالتالي فهي وظائف مستمرة للحركات الإصلاحية عبر التاريخ، ومنها حركة التوحيد والإصلاح المغربية. وإدراكا من الحركة لهذه الحقيقة، بقيت التربية ثابتا من ثوابتها منذ نشأتها مهما تحولت رؤاها واهتماماتها وانشغالاتها وتغيرت برامجها وخططها، بل إن الخطة الإستراتجية الأخيرة للحركة برز من خلالها مجالُ "التّربية والتّكوين" كأحد مجالات العمل الاستراتيجي الأساسية. ومن ثم فقد حافظت الحركة على رصيدها التراكمي بدءا من رؤيتها التربوية إلى برامج الدروس المناسبة لمختلف مراحلها فمنظومة التربية والتكوين الحالية. كما أن الحركة تستصحب ما سطرته من خصائص لتربيتها من تربية ربانية وتربية إيجابية وتربية واقعية، وتربية شاملة وتربية متوازنة، وتستصحب ما حددته من مواصفات الشخصية المنشودة من صفات :الرباني الأمين والقوي العليم والمجاهد الحكيم. وقد انطلق العمل في منظومة التربية والتكوين المعتمدة حاليا من قبل الحركة، - كما بسط ذلك في الكتاب الأول من سبيل الفلاح والخاص بالإطار المرجعي والدليل المنهجي- من تشخيص متفحّص للواقع التّربوي للحركة لأجل تحديد الحاجيات الواقعية (معرفية كانت أو قيمية أو مهارية) والتي من شأنها أن تُخرّج الأعضاء ذوي المواصفات الكفيلة بالاستيعاب العميق ل "رؤية الحركة"، والنّهوض الرّسالي بأعمالها على الوجه المطلوب في ضوء الظّروف والملابسات المحيطة بها من جهة الفرص المتاحة والتّحدّيات المرصودة وعناصر القوّة ونقط الضّعف، والمتغيّرات من حولها. فاعتمدت منطلقات: أهمية التجديد في المنظومة التربوية التكوينية، واستحضار رؤية الحركة في إقامة الدين وإصلاح المجتمع، وما يحدث من متغيرات وطنية ودولية بخصوص استهداف منظومة القيم لمجتمعنا وما يستوجبه ذلك من تقوية الممانعة الإيجابية في المستفيدين من هذه المنظومة، والاستفادة من الدراسات الحديثة في التربية وبناء المناهج، ثم استثمار نتائج التشخيص الأولي لوضعية التربية والتكوين بالحركة، كل ذلك من أجل إعداد منظومة تربوية تكوينية متجددة مواكبة لتطورات حاجيات الحركة، وإلى وضع رؤية واضحة وشاملة للتكوين وتخريج الأطر انطلاقا من مرجعيات محدّدة. تتمثل في ميثاق الحركة ورسالتها ورؤيتها والتوجه الاستراتيجي لها فضلا عن الرؤية التربوية. وحدد لهذه المنظومة مقاصد محددة تتمثل في:- الارتقاء بأداء الفرد إلى مستوى أرقى من حسن الالتزام بالدين أحكاما وقيما، والالتزام بالدعوة إليه بحكمة وتبصر، ووسطية واعتدال... - الإسهام في تخريج الأطر الرّسالية، القوية والأمينة، المتوفّرة على خبرات علمية ومهارات عملية والمتشبّعة بمنظومة قِيم راقية؛ تؤهّلها للإسهام في بناء تنمية شاملة وتشييد حضارة راشدة.